كتاب عربي 21

الظلم لن يطيل أعمار العروش !!

1300x600
1300x600
منذ عدة سنوات وجهت لي دعوة لحضور مؤتمر بعنوان: الإعلام والإرهاب، في مدينة بون الألمانية، ما إن أخذت شنطتي من الحزام الناقل وهممت بالخروج حتى طلب مني موظف الجمارك أن أضعها على طاولة التفتيش وسألني السؤال التقليدي، لماذا أنت هنا؟ ثم أمرني بفتحها للتفتيش.

أخرجت له أوراق الدعوة، تصفحها ثم طلب مني إغلاق الشنطة وسمح لي بالمغادرة، الغريب في الأمر أنني كنت الوحيد الذي وقف أمام طاولة التفتيش، وكل من كان معي على تلك الرحلة من الأوروبيين والآسيويين نجا بفضل سحنته، لقد تم تقسيمنا على حسب سحنتنا إلى فريقين، إرهابيين وأولئك الذين يحاربون الإرهاب؟ ولكن كيف تثبت أنك تحارب الإرهاب إذا لم تكن لديك أوراق تقول ذلك كما حصل معي في تلك الرحلة؟

كتبت على محرك البحث غوغل باللغة الإنجليزية التالي:

 List of terrorists groups

فظهر لي موقع وزارة الدفاع الأمريكية التي وضعت قائمة بمنظمات إرهابية لم اسمع ببعضها قبلا، عددتها كلها فكانت 53 منظمة، والقائمة وضعت في أواخر العام الماضي ولا أدري إن كانت تتحدث بشكل دوري بعد ذلك، حاولت أن أحصي المنظمات الإسلامية السنية فكانت 32، أي أكثر من 60%، مع العلم بأني لم أحص المنظمات ذات التوجهات القومية واليسارية كجماعة أبي نظال وحزب العمال الكردي وغيرها.

من الغريب أن ليس هناك سوى منظمة شيعية واحدة هي حزب الله، التي أضيف جناحها العسكري إلى القائمة مؤخراً، أما أجنحتها المساندة فقد بقيت في مأمن من العقاب، أي أن النسبة المذكورة أعلاه 60% هي للمنظمات السنية فقط، ولكن الم يسأل واضع هذه القائمة نفسه السؤال البديهي التالي: لماذا؟

هناك حالة من الشعور بالغبن تجتاح المنطقة، شعور قاتل بالذل والمهانة وعدم الاحترام، فكل مصالحنا كشعوب معطلة، يتم التلاعب بمقدراتنا بشكل جنوني، ونهان في مطارات العالم وحدودها، فأغلب اللاجئين مسلمين، وهم يتحملون عبث العالم بهم وبشؤونهم ومستقبلهم من دون أي إحساس بالشفقة والمسؤولية، ثم يتساءل الغرب: لماذا يكرهوننا؟

إن هذا الكره يتفاقم ويكبر ويتمدد ويتضخم، فلنا في كل بقعة مأساة، وفي كل شاطئ غريق، وفي كل مذبحة نصيب، حتى تطلعاتنا وأحلامنا تتبخر خلف أبواب مؤصدة في مؤامرات يحضرها دهاة المخابرات ويمولها بعض زعماء العرب، فانقلاب السيسي ودمويته أصبحت تصحيحا للوضع، وسجن المطالبين بالديمقراطية هي الديمقراطية بعينها، وان ينسف دستور وافق عليه الشعب المصري بآخر كتبته مجموعة مختارة من انزاع الناس تحوي راقصين ومطربين وممثلين ويفرض على الناس بقوة السلاح فهو إصلاح لفساد سابق!! وأن تصبح إشارة رابعة تهمة تستوجب السجن ليس في مصر وحسب بل في بعض الدول العربية التي أيدت الانقلاب فهذا شأن داخلي!!

أما في سوريا فالوضع مأساوي يدمي القلب، فقد أثبتت الأحداث هناك أن دماءنا ارخص من التراب التي تسفه الريح، وليس لكرامتنا وشرفنا وزن لدى أمم الأرض، يتم ضرب المدن بالكيماوي وتقطع رؤوس الأطفال بالسكاكين والسواطير وتغتصب النساء وترمى بجثثهن في الطرق والمزابل ثم لايتحدث العالم ولا يشجب أحد!! بل إن القاتل يكافأ لأنه سلم ترسانته الكيماوية لتدميرها!! ترسل إيران بكل رجالها وأسلحتها إلى سوريا لقتال أهلها الذين يطلبون الحرية فلا يلومها أحد، يحاول مجموعة من الشباب التسلل إلى سوريا للقتال إرضاء لضمائرهم التي أنهكتهم للمشاركة في دفع ظلم لم يعد يحتمل، ثم يتهمون بالإرهاب ويسجنون ويعذبون!! يحاصر العالم هذا الشعب المظلوم فلا سلاح ولا طعام ولا شجب، يموت الأطفال جوعا أن هربوا من موت الرصاص، وان حالفهم الحظ ونجحوا في عبور الحدود إلى الدول العربية يباعون في أسواق النخاسة ليكونوا أرقاما لطلب المساعدات التي لاتذهب إليهم أبدا!! ويوضعون في معسكرات أشبه ماتكون بمعسكرات الاعتقال من دون احترام ولا كرامة ولا خوف من المساءلة!!

غزة محاصرة، يموت أطفالها وشيوخها بصمت لنقص الطعام والدواء، في حين يقوم السيسي ببناء سور الحصار وتحصينه ويمده العالم بما يريد ليتم مهمته!! يتحدث السيسي عن حصار غزة فتأتيه المساعدات غير محجوبة وغير معطلة، ويصرخ المحاصرون طلبا للغاز والأدوية وطعام الأطفال فلا يلتفت إليهم أحد!!

أليست أمورنا غريبة؟ يحرق الروهنجا في بورما حرقا، ويقتل أطفالهم بشكل بشع، وتدمر منازلهم ويطردون من دورهم فلا يتحدث أحد!! وفي ذات الوقت الذي تسفك فيه دماؤهم يتحدث الغرب عن الديمقراطية في بورما وتصب عليها المساعدات صبا!!

 لم نر زعيما مسلما يثير هذه القضية في المحافل الدولية او يقوم بزيارة لتخفيف الألم عن الضحايا سوى زعماء تركيا!!

أتساءل، أن كنا سنخرج يوما من هذه الدائرة المظلمة المغلقة، متى سنعيش أحرارا من دون أن يعبث بنا العابثون؟ متى سيتوقف العالم عن إذلالنا ثم وصمنا بالإرهاب أن صرخنا طلبا للهواء والحرية؟ متى سيعاملنا العالم كما يعامل بعضه الذي ليس فيه "نحن"؟

ستطول قائمة الإرهاب التي وضعتها الخارجية الأمريكية على موقعها ولن تقل، قد تختفي بعض التنظيمات ولكن سيخرج غيرها، فزراعة الشوك لن تثمر زهرا، وإذلال الناس لن ينتج حياة صالحة، والظلم لن يطيل أعمار العروش.
التعليقات (0)