مدونات

الحراك المسلح إلى أين ؟؟

ساحة اعتصام الرمادي - أرشيفية
ساحة اعتصام الرمادي - أرشيفية
احتفل معتصموا ساحات المحافظات الست المنتفضة على مرور عام كامل لاعتصامهم السلمي ضد حكومة القائد العام للقوات المسلحة وزير الداخلية والدفاع والامن الوطني نوري كامل المالكي، لكن هذه الاعتصامات السلمية التي استمرت لاكثر من عام لم تلقى اذان صاغية من قبل من يحمل كل هذه النياشين الامنية والعسكرية، وكان من المتوقع ان يتعامل معها بنفس العقلية الامنية المريضة التي اعتدنا عليها لثمان سنون مضين لحكم سيادته، وهو ما حصل.

ولم يشأ "مختار العصر" ان يفوت فرصة استغلال الحراك السلمي وتحويله الى حراك مسلح من اجل مكاسب انتخابية، بات يعرفها القاصي والداني في بلد الرافدين، خلا من يؤمنون بمنطق ان زينب لن تسبى مرتين ..لكن هذا الحراك المسلح الذي كان اضطرار لاخيار لابناء المحافظات المنتفضة والذي دفعهم له المالكي دفعا وهو مؤمن بإمكانية تطويع محافظة الانبار امنيا وعسكريا ومجلس محافظتها، الذي بات خارجا عن سيطرة دولة القانون بعد الانتخابات الاخيرة، كما طوع من قبل محافظة نينوى ثاني اكبر محافظة في العراق والتي باتت تسيطر على كل مفاصلها قيادة عمليات المالكي العسكرية !!

لكن الحراك المسلح اثبت للمالكي وزمرته الحاكمة، ان الانبار رقم صعب في المعادلة العسكرية وان جيشه الذي يتمتع بميزانية تفوق ميزانية ثلاث دول مجتمعة في المنطقة، لم يقوى ان يسيطر على شارع واحد في الانبار "شارع 60"، رغم كل الحشد العسكري والصحوجي والقصف المدفعي والجوي ..

فشل المالكي العسكري على الارض لايعني فشل الحملة التي يشنها لتطويع محافظة الانبار، فالحرب ليست هي المعركة العسكرية وحسب، بل مزيجا من السلاح والسياسة والإعلام ..

اكثر ما يخيف هو من يحمل هم الحراك السلمي سابقا، والمسلح حاليا ضد حكومة المالكي هو الضبابية في الرؤية وتداخل المشاريع لثوار العشائر في مواجهة مشروع سلطوي تسلطي موحد يسعى لدعم دولي واقليمي، وادراج هذه الثورة في سجل داعش واخواتها لاضفاء الشرعية للقضاء عليها غير مأسوف عليها ..

ففي ساحة الحراك المسلح تجتمع عدة مشاريع تجمعها الية حمل السلاح ...

المشاريع المتنوعة في ساحة الحراك المسلح ومن قبلها في ساحة الاعتصام السلمي لم تخدم الحراك السلمي وهي بكل تأكيد لن تخدم الحراك المسلح بل يمكن ان تكون نقمة عليه والثغر الذي يؤتى الثوار من قبله ..

يجب على الثوار التوحد حول مشروع سياسي يراعي التوازنات الاقليمية والدولية والمعادلة الداخلية والخارجية، والابتعاد عن مشاريع الهدم والتمسك بمشاريع الاصلاح والبناء، واعني بمشاريع الهدم التوجه الذي يتبناه البعض، وهو اقتلاع العملية السياسية من جذورها، وبناء نظام سياسي لايراعي الواقع السياسي القائم منذ اكثر من احد عشر عام ...

التركيز في هذه المرحلة يجب ان يكون لإنشاء مناطق نفوذ للعرب السنة الذين باتوا ايتام على موائد اللئام بعد الغزو الامريكي.

اعلم ان رفع سقف المطالب هو ماينادي به كل حراك مسلح لكن يجب ان يراعي الثوار سقف المستحيلات الدولية والاقليمية، فالعودة الى ماقبل 2003 امر مستحيل خصوصا في ظل وجود نفوذ لدول الاقليم في الداخل العراقي، لكن التمسك بمطالب  المحافظات الست المنتفظة من اعادة التوازن للمؤسسات الامنية والعسكرية، وسحب الجيش من المدن والغاء قيادة العمليات الغير دستورية، وسحب الشرطة الاتحادية ومليشيات سوات من هذه المحافظات، ودعم الشرطة المحلية، وفتح باب التطوع لابناء هذه المحافظات من اجل حماية مدنهم ومناطقهم من خطر داعش، ومليشيات المالكي، واطلاق سراح المعتقلين والمعتقلات في سجون المالكي، وغيرها من مطالب الحراك السلمي التي نادى بها خلال عام كامل والتي اغلق المالكي الباب امام تحقيقها ودفع الحراك السلمي للحرب، ظنا منه ان قواته التي طالما تباهى بها وبصولاتها في البصرة، وغيرها من المحافظات قادرة على اعادة تلك الانتصارات المزعومة ...

فإذا لم يأتي تحقيق المطالب بالحراك السلمي طوال عام كامل فالحراك المسلح كفيل بتحقيق الجزء الاكبر منها، لو تم الالتفاف من قبل ثوار العشائر حول هذه المطالب تحت ضغط منطق القوة والمصالح الذي لاتفهم الولايات المتحدة واتباعها في العراق غيره ...‏?
التعليقات (0)