سياسة عربية

فهمي هويدي: مـنْ يجرؤ على الترشح أمام السيسي؟

السيسي
السيسي
في مقال جريء، تساءل  الكاتب الصحفي "فهمي هويدي" السبت 1 شباط/ فبراير 2014 بجريدة "الشروق" المصرية: "مـنْ يجرؤ على الترشح"، مشيرا إلى أن كل من تسول له نفسه ممارسة حقه في الترشح لانتخابات الرئاسة بمواجهة المشير عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع، لن يسلم من الاتهام والتجريح، وسيكون عُرضة للتشويه، والقصف الإعلامى، والاغتيال المعنوى.

وقال هويدي في مقاله: "سنواجه مشكلة فى الانتخابات الرئاسية المصرية القادمة لا تخلو من مفارقة. ذلك أن المرشح الذى يتجاسر ويقرر منافسة المشير السيسى لن يسلم من الاتهامات والتجريح. أما إذا آثر المنافسون السلامة وأحجموا عن منازلته فإن انتخاب السيسى فى هذه الحالة لن يسلم بدوره من الاتهام والتجريح".

الشواهد والمقدمات 

هويدي أضاف أن الشواهد والمقدمات التى بين أيدينا تنذر كل من تسول له نفسه أن ينافس الرجل بأوخم العواقب. ذلك أننا شهدنا خلال الأشهر السبعة الأخيرة ما الذى جرى للمعارضين، خصوصا حين تجرأ بعضهم وحاول توزيع ملصقات تحض على رفض الدستور، الذى روجت وسائل الإعلام للادعاء بأن التصويت لصالحه هو تصويت على السيسى.

وتابع هويدي: "إن الذين عارضوا السياسات التى صار السيسى رمزا لها دفعوا ثمنا باهظا لقاء ذلك. والمنظمات الحقوقية والمواقع المستقلة (ويكى ثورة مثلا) تحدثت عن 2665 قتيلا و15913 مصابا و21317 معتقلا. 

وفى الذكرى الثالثة للثورة ــ يوم 25 يناير وحده ــ سقط تسعون قتيلا و277 مصابا إضافة إلى 1341 تم اعتقالهم، وإذا كان ذلك هو الثمن الذى دُفع لقاء معارضة النظام. فلك أن تتصور الثمن الذى يمكن أن يُدفع فى حالة الاعتراض على شخص السيسى فى الانتخابات الرئاسية".

ومضى هويدي إلى القول: "لدينا أيضا رسالة أخرى تلقيناها خلال الأشهر الماضية تتمثل فى عملية الاستباحة التى تعرضت لها كرامات المعارضين وأعراضهم حتى إذا كانوا من الأصدقاء والحلفاء. وهى الحملة التى أقنعتنا بأنه إذا كان الخصوم يفقدون حقهم فى الحياة فإن الحلفاء يفقدون حقهم فى الكرامة.

لا أتحدث هنا فقط عما أصاب الحلفاء من الدكتور محمد البرادعى وصولا إلى الدكتور زياد بهاء الدين، لكننى أتحدث أيضا عن الشبان الذين رفضوا حكم الإخوان وانضموا إلى المحتجين الذين خرجوا فى 30 يونيو، لكنهم أدركوا أن الأمور التى جرت لاحقا انحرفت عن الهدف الذى خرجوا من أجله، فلُفقت لهم التهم وألقوا فى السجون واحدا تلو الآخر".

وتابع الكاتب المستقل أن هذه الاستباحة لا تتطوع بها المنابر والأبواق الإعلامية وحدها، وإنما تعتمد بالدرجة الأولى على معلومات وتقارير الأجهزة الأمنية التى تسرب إلى أصابع تلك الأجهزة المبثوثين فى مختلف المنابر، وليست بعيدة عن الأذهان التسريبات التى استهدفت اغتيال وتشويه نشطاء ثورة يناير من خلال التليفزيون أو الكتابات الصحفية.

التشويه والإعلام والاغتيال 

هويدي كشف أيضا عن أنه ما عاد سرا أن أي مرشح يفكر فى منافسة المشير السيسى سوف يتعرض للتشويه والقصف الإعلامى والاغتيال المعنوي. وقد تابعنا ذلك فى بعض البرامج التليفزيونية والتعليقات الصحفية، التى شرعت فى قصف الفريق سامي عنان والسيد حمدين صباحي، برغم أن الحملة لا تزال فى بداياتها ولم تدخل مرحلة الجد بعد. وهو المصير الذي لابد أن يلقاه أي مرشح آخر، وينذر كل من يفكر فى المنافسة بأنه لن يخرج سليما من المعركة. 

هذا الأمر يعيد إلى الأذهان ذكريات عصر مبارك. ناهيك عن أننا جميعا نعرف مدى الجرأة على الاتهام والإسفاف فى التجريح الذى تلجأ إليه بعض الأصوات التى تتصدر المنابر الإعلامية، التى لا ترعى فى أى معارض إلاَّ ولا ذمة.

ورأى هويدي أن المشكلة هي أن المتنافسين على منصب الرئاسة حين يقدمون أنفسهم إلى المجتمع لكي يكسبوا أصواتهم، فإنهم يضطرون ليس فقط لتقديم برامجهم ورؤاهم إلى الرأي العام، ولكنهم يلجأون إلى نقد بعضهم البعض. على الأقل لكي يثبت كل واحد منهم بأنه أولى بالثقة وأجدر بالمنصب. 

وفى هذه الحالة فإنه فى ظل الهيستيريا السائدة فإن أي منافس للسيسي سوف يجد نفسه فى خطر داهم. ويشتد ذلك الخطر إذا ما انتبهنا إلى أن كل ما يُعرف عن الرجل أنه ضابط نزيه ومحترف لم يحارب يوما ما، لكنه ليس له تاريخ معروف فى الحرب أو فى السياسة. وبالتالي فإن التساؤل عن مشروعه ورؤيته للمستقبل ونقد الاثنين يصبح مبررا وواجبا.

وقال: "إذا فضل المرشحون أن يتركوا الساحة للمشير السيسي ليس فقط جراء ضمان فوزه ولكن أيضا تجنبا للتشويه والتشهير، فإن ذلك سوف يثير شبهات وأقاويل كثيرة تسحب من رصيد الرجل وتشكك فى ديمقراطية العملية الانتخابية وفى صدق تعبيرها عن مدنية الدولة والثورة المصرية. 

على الطريقة الأوزبكية 

ومضى هويدي إلى القول: "لأن الأمر كذلك فإنني لا أتمنى أن نلجأ إلى الأسلوب الذي اتبعته بعض الدول القابعة خارج التاريخ فى احتيالها على الشكل الديمقراطي، بحيث يتم الاتفاق مع مرشح أو أكثر من المتعاونين مع النظام أو رجاله لكي ينافس الشخص المطلوب إنجاحه. بحيث يؤدي دور الكومبارس أو «الدوبلير» كما يقولون فى لغة أهل السينما".

وتطرق في الختام إلى ما حدث فى جمهورية أوزبكستان بعد انفصالها عن الاتحاد السوفييتي حين ترأسها الأمين العام للحزب الشيوعي السابق إسلام كريموف الذى أصر على احتكار السلطة بالأساليب الديمقراطية الملتوية الشائعة فى العالم الثالث. ففى الانتخابات التى جرت عام 2000 رشحت «المعارضة» لمنافسته أحد أبناء النظام وهو عبدالحافظ جلالوف. 

وقد ذهب المنافس فى وفائه لكريموف أنه أعلن على الملأ أنه سوف يصوت لصالحه، وقد فاز كريموف فى تلك «المعركة» بنسبة 91.9? من الأصوات. 

ولأن اللعبة كانت فجة ومكشوفة فإن الإخراج تغير فى انتخابات عام 2007، بحيث رشح الحزب الديمقراطي الليبرالي (لاحظ التسمية) ثلاثة أشخاص لمنافسة كريموف، ولم يُقصِّر الثلاثة وكانوا عند حسن الظن، ولذلك أعلنوا تأييدهم للزعيم المحبوب، وفى ظل الإخراج الجديد الذى وسع من دائرة «المنافسة»، فاز الرجل بنسبة 88.1? من الأصوات لاغير. 

وبسخرية لاذعة اختتم هويدي مقاله بالتساؤل: "هل نتوقع احتمال التفكير فى ذلك الحل، خصوصا أن لدينا فرعا معتبرا للحزب الديمقراطى الليبرالى على الطريقة الأوزبكية، إضافة أن لدينا مخرجين أكفاء جاهزين للقيام باللازم؟!".
التعليقات (0)