ملفات وتقارير

بلطجية يشتمون "الغارديان" ويزعمون ملكيتها لقطر

بلطجية يعتدون على سيارة للصحفيين في مصر - (أرشيفية)
بلطجية يعتدون على سيارة للصحفيين في مصر - (أرشيفية)
شن الإعلام المؤيد للحكومة المصرية وبعض "البريطانيين المصريين" هجوما على صحيفة "الغارديان" البريطانية لارتكابها خطأ مطبعيا صحّح سريعا، حيث رأى مؤيدوا السيسي في نشر صور لمظاهرات ميدان التحرير في 25 كانون الثاني/ يناير، "خطأ"  مقصودا ذلك أن محرر في الصحيقة في لندن كتب إنها لمعارضي الحكومة، ولم يقبلوا التصحيح السريع وقالوا إنه يعبر عن موقف الصحيفة التي قالوا إنها مملوكة للحكومة القطرية. 

وبعد ساعة من نشر الصور طلب برنامج حواري من مراسل الصحيفة في القاهرة توضيحا وعلى الهواء مباشرة . واضطرت الصحيفة يوم السبت إلى نشر بيان عبرت فيه عن استقلاليتها المالية والتحريرية وأنها مملوكة من "مؤسسة سكوت المحدودة".

ويمثل هذا الهجوم على الصحيفة آخر صور "البلطجة" التي تمارَس على الإعلام الأجنبي المتهم من إعلام الدولة بكونه جاسوسا يعمل لصالح الإخوان. 

وعلق كريس إليوت من "الغارديان" على الموضوع  قائلا: "أوقات صعبة يعيشها الصحافيون الأجانب العاملون في مصر هذه الأيام، فأقل خطأ ولو كان مطبعيا قد يؤدي بالصحافي إلى السجن، أو يلاحقه الغوغاء المتطرفون ويعتدون عليه"، مضيفا "خطأ مطبعي، حتى لو تم تصحيحه سريعا، له عواقب سيئة".

 وكتب يقول "عادة ما تكون الأخطاء المطبعية مثارا للقلق وأحيانا ما تؤثر على سمعة الصحافي ولا تهدد حياته؛ إلا في حالات نادرة، ولكن في ظل الحمّى المجنونة التي يعيشها الشارع المصري، فكلمة خارج السياق مطبوعة أو على الإنترنت قد تعرض مراسلي الصحف وحياتهم للخطر".

ومثار الحديث عن الموضوع هو ما حدث في " الساعة 5:34 مساء 25 كانون الثاني/يناير، حيث وضعت صور مظاهرات في القاهرة على موقع الغارديان. وفي غضون دقائق اندلعت عاصفة من الاحتجاج، لأن العنوان على غاليري الصور المنشورة كان "مظاهرات ضد الحكومة"، وفي  الحقيقة كانت الصور مؤيدة للحكومة. كان خطأ مطبعيا بسيطا حدث في لندن، سببه سوء فهم يحدث لأي صحافي بين وقت وآخر".

ما حدث بعد ذلك هو أن الخطأ تم تصحيحه بعد نصف ساعة بالتمام والكمال، "فقد اكتشفه مراسل الصحيفة في القاهرة باتريك كينغزلي في الساعة 6:04 مساءً وتم تغيير العنوان بعد ست دقائق من اكتشاف الخطأ".

ولم يوقف ذلك إعلام التواصل الاجتماعي، لأن الحملة بدأت، وأدى عنوان الغارديان إلى تغريدات وعناوين انتشرت مثل الفيروس. 
 وذكّرت هذا الحادث بحادثة أخرى عندما نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا قالت فيه أن ثروة حسني مبارك، الرئيس المخلوع تقدر بحوالي 70 مليار دولار أمريكي، وقبل أسبوع من الاطاحة به في شباط/ فبراير 2011. "ذلك التقرير الذي يُعتقد أنه بالغ في تقدير ثروته بناء على مصدر، انتشرت مثل الفيروس أيضا أثناء مظاهرات ميدان التحرير وأضرت بالغارديان".

ويضيف إليوت "بعد ثلاثة أعوام ظلت الحياة صعبة بالنسبة للصحافيين الأجانب في مصر، فالحكومة ومؤيدوها الكثر يرون أن الإعلام الأجنبي متحيز ضدهم، خاصة أن الإعلام الدولي صوّر الوضع الحالي في مصر بأنه انزلاق وعودة للدكتاتورية. ولكن مؤيدي الحكومة يشعرون أن الإجراءات القمعية المتشددة ضد المعارضة هي السبيل الوحيد للتخلص من جماعة محمد مرسي، الإخوان المسلمون والتي تصور كجماعة إرهابية، والطريقة الوحيدة لإعادة الاستقرار للبلاد".

وبناء على هذه النظرة "ينظر للإعلام الدولي باعتباره يدافع عن مصالح الإخوان، وجاسوس يتلقى أموالا من الإخوان، كما يُصور عادة في محطات التلفزة الرسمية (التي كلها تقريبا خلف الحكومة)".

ويوم السبت كتب قارئ وصف نفسه بأنه "بريطاني/مصري" يعيش في بريطانيا مشتكيا لرئيس التحرير "أنا وبقية المصريين لسنا راضين عن الصورة التي نشرت لميدان التحرير التي نشرتها صحيفتكم وقلتم إنها مظاهرات معارضة للحكومة". وأضاف "يجب أن تكون دقيقا فيما تقول وتنشر من أجل أن تحافظ على سمعة الجريدة. هذه الصورة هي لمصريين يدعمون الحكومة ويريدون السيسي أن يكون رئيسا ولا أعتقد أن الصورة كانت خطأ بل مقصودة".

 ويقول كينغزلي الذي احتجز واعتقل ستة مرات من الشرطة أو جماعات أخرى، وهو يغطي الأحداث في مصر: "عبّر مؤيدو الحكومة عن غضبهم الشديد على ما رأوه كذبة كبيرة، عوضا عن كونه خطأ ارتكبه شخص كان يعمل تحت ضغط شديد على بعد آلاف الأميال (عن القاهرة)، وبعد ساعة طلب مني أحد مقدمي البرامج الحوارية المعروفة أن أقدم توضيحا على الهواء مباشرة حول الخطأ، والناس "هنا" يطرحون طوال الأسبوع أسئلة حول موقفنا" .

ويضيف "في بعض الأحيان كان الغضب على الصحافيين الأجانب يتحول إلى عنف، فقد تم نقل مصور صحافي للمستشفى بعدما اعتدت عليه مجموعة من الغوغاء المتطرفين الأسبوع الماضي، وهناك الكثير من الأمثلة المشابهة. وفي الوقت نفسه اعتقلت الشرطة صحافيين كانوا يغطون مظاهرات المعارضين للحكومة. فالعثور على صورة لمتظاهرين في كاميرا لصحافي كافية لاعتقاله. وسجلت لجنة حماية الصحافيين 24 حالة اعتداء أو اعتقال استهدفت الصحافيين منذ 25 كانون الثاني/ يناير".

 وأشار إليوت إلى قضية صحافيي الجزيرة، حيث وجهت النيابة العامة لعشرين منهم، بينهم بريطانيان وهولندي واسترالي اتهامات الأسبوع الماضي، حيث اتهموا "بتزوير الأخبار"، ونشر"الأخبار الكاذبة" التي تشوّه سمعة مصر في الخارج.

 ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "الغارديان" اضطرت لنشر بيان يوم السبت نفت فيه الشائعات حول ملكية القطريين للصحيفة "من المعروف والثابت هو أن الغارديان تمثل شكلا استثنائيا في ملكية الصحف في بريطانيا فهي تدار من مجموعة الغارديان الإعلامية، والتي تملكلها مؤسسة سكوت المساهمة المحدودة، والهدف هو تأكيد استقلالية الغارديان المالية والتحريرية إلى الأبد".
التعليقات (0)