سياسة عربية

نص مذكرة الإبراهيمي للوفدين السوريين بمحادثات جنيف

الأخضر الإبراهيمي - أرشيفية
الأخضر الإبراهيمي - أرشيفية
أصدر مكتب الممثل الخاص المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية لسوريا، الأخضر الإبراهيمي، مذكرة سلّمت لطرفي الجولة الثانية من محادثات جنيف، ونشرتها وكالة "رويترز"، الاثنين.

وجاء في المذكرة أن "الأمل كبير أن تكون الجولة الثانية من المفاوضات الدائرة في إطار مؤتمر جنيف 2 ابتداء من الاثنين المقبل 10/ 02/ 2014 مثمرة، بما يخدم مصلحة الشعب السوري ويساهم في رفع المعاناة التي يتألم منها، ويوقف العنف بجميع أشكاله ويفتح المجال لبناء سوريا الجديدة التي يتطلع لها الشعب السوري بجميع أطيافه".

وتتضمن هذه المذكرة بعض الأفكار يستخلص منها جدول للأعمال خلال الأسبوع المقبل، كما تتضمن بعض الاقتراحات الخاصة لتنظيم الاجتماعات، و"الأمل أن يساعد ذلك على تحصيل الفائدة الممكنة منها آخذين بعين الاعتبار ما أمكن استخلاصه من الدورة الماضية" بحسب ما جاء في المذكرة.

وفيما يلي نص المذكرة: 

مبادئ بيان جنيف 1

أكدت الجولة الأولى على تواضع انجازاتها أن مؤتمر جنيف 2 قائم أساسا على بيان جنيف الصادر في 30/ 06/ 2012، ويهدف إلى تطبيق بنوده كلها سعيا لإنهاء الأزمة السورية، وإعادة السلم والاستقرار إلى سوريا وجميع أبنائها.

ويحتوي بيان جنيف على عدد من المبادئ الأساسية والبديهية التي لا يختلف عليها اثنان في سوريا، وهي مستلهمة في معظمها من روح ميثاق الأمم المتحدة إن لم تكن من نصه. 

وهذه المباديء تشكل القاعدة الصلبة التي ستستند إليها المفاوضات بين الطرفين السوريين وهي:

1-  وحدة سوريا شعبا وأرضا.
2- احترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها، ويشمل ذلك نبذ التدخلات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة.
3-  مستقبل سوريا يحدده الشعب السوري وحده.
4- التوصل إلى وقف جميع أشكال العنف بما يشمل نبذ الإرهاب ومكافحته.
5- العمل على خلق جو يوفر الأمن والأمان للجميع، ويحقق الاستقرار والهدوء في كل أنحاء سوريا.
6- الكرامة حق لكل إنسان، وكذلك تأمين الحماية لجميع أطياف الشعب السوري بعيدا عن الثأر من أي فرد أو جماعة، وتقديم يد العون والإغاثة لكل من يحتاج إليها دون تمييز، كما يتم بذل كل الجهود من أجل الإفراج عن كل المعتقلين والمحتجزين والمخطوفين والبحث في مصير المفقودين.
7- استمرارية مؤسسات الدولة وطمأنة العاملين فيها، والمحافظة على الخدمات العامة، وضمان مواصلة تقديمها للناس تحت قيادات تبعث على الثقة.

وبالإضافة إلى ما سبق فإن بيان جنيف يشير أيضا إلى بعض السمات المتصلة بالرؤية الشاملة الخاصة بمستقبل سوريا والتي ستنعكس في الاتفاق النهائي الذي سيصدر في هذا المجهود:

1-  أن تكون الدولة ديمقراطية وتعددية حقا، تفتح المجال واسعا لكل التيارات السياسية وتمكن كل الأطراف من التنافس النزيه والعادل والمتساوي في أي عملية انتخابية.
2- الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان.
3- مساءلة من هم في الحكم.
4- سيادة القانون واحترام المواثيق والقوانين الدولية.
5- أن يتمتع كل فرد بفرص متساوية.
6- نبذ الطائفية والتمييز بين الناس على أسس عرقية أو دينية أو لغوية أو أية أسس أخرى.
7- طمأنة الطوائف الصغيرة أن حقوقها ستكون مصانة.
8- المصالحة الوطنية والصفح والعدالة الانتقالية.

والمسألة الرئيسية في هذه المفاوضات هي كيف يتمكن السوريون المشتركون في هذا الجهد من التوصل إلى حل نهائي للأزمة السورية، بالاعتماد على المبادئ الأساسية، والرؤية المستقبلية المشار إليها أعلاه، والبنود الآتية هي الأخرى من الأمور التي لا يصعب الاتفاق حولها:

1- الهدف هو التوصل إلى اتفاق سياسي من خلال تنفيذ بيان جنيف.
2- تنفيذ جميع الخطوات المنصوص عليها في بيان جنيف 1، ومنها إنشاء هيئة الحكم الانتقالية، وتزويدها بجميع الصلاحيات التنفيذية، وإنهاء العنف بأشكاله، والحوار الوطني والمصالحة الوطنية والإجراءات الدستورية والموافقة عليها.
3- ويتم ذلك كله حسب جدول زمني محكم.
4- العمل على خلق جو مناسب للتوصل إلى حل سياسي في أقرب وقت ممكن.
5- وذلك كله من خلال عملية يقودها السوريون أنفسهم.
6- ضمان مساهمة فعلية للمرأة في جميع مراحل العملية السياسية.

ويتضح مما سبق أن هناك أرضية واسعة يمكن الارتكاز عليها والانطلاق منها إلى المواضيع الرئيسية في البيان، وهي كما تأكد أثناء الحديث الذي جرى في الجولة الأولى:

1- الاتفاق بشأن هيئة الحكم الانتقالية وتحديد صلاحياتها الكاملة، وتعيين أعضائها والبحث فيما يلزم من تحضيرات وإجراءات من أجل تمكينها من أداء مهامها والإشراف على الخطوات التالية أثناء المرحلة الانتقالية.

2- وضع حد للعنف بكافة أشكاله بما في ذلك ما يلزم من أجل محاربة الإرهاب والقضاء على جميع مظاهره.

ولا شك أن الشعب السوري نفد صبره وهو ينتظر نهاية العنف ومظاهره الفتاكة التي تنهال عليه في شكل صواريخ وقنابل وسيارات مفخخة بل وسلاح كيماوي، فقضى ما يزيد عن مئة ألف بكثير من أبنائه وتحطمت منازلهم وعم الخراب مدنهم وقراهم وهجر الملايين منهم ودمرت مستشفياتهم ومدارس أولادهم، بل وأصاب الدمار حتى ماضيهم المجيد فهدمت المساجد والكنائس العتيقة وتعرضت آثارهم للتدمير والسرقة.

فهل يتمكن الطرفان القادمان إلى جنيف ابتداء من يوم 10 شباط/ فبراير المقبل من المساهمة ولو بالشيء القليل في تخفيف مظاهر العنف بوقف استعمال بعض أنواع الأسلحة والتوصل إلى وقف القتال في بعض الأماكن ولو لمدة قليلة، وفتح الطرق أمام قوافل الإغاثة إلى كل محتاج خاصة في الأماكن المحاصرة؟

ومهما يكن من أمر فلن يتم التوصل إلى وقف شامل للعنف إلا في إطار الاتفاق الشامل الذي يتطلع إليه الشعب السوري كله والأمل كل الأمل أن تكون اجتماعات جنيف هذه خطوات ثابتة نحو ذلك الهدف. 

وتجدر الإشارة هنا إلى قائمة الأسئلة الخاصة بموضوع العنف والإرهاب التي وزعت على الوفدين أثناء الجولة الأولى والتي تتطلب المزيد من النقاش.

أما عن هيئة الحكم الانتقالية فقائمة الأسئلة التي وزعت على الوفدين المرة الماضية صالحة هي الأخرى لمواصلة الحديث حولها في هذه الجولة الثانية. 

وإنني لأدرك تمام الإدراك أن موضوعي إقامة هيئة الحكم الانتقالية وإنهاء العنف ومحاربة الإرهاب، هما أهم الموضوعات التي يجب معالجتها من أجل تطبيق بيان جنيف تطبيقا كاملا، كما أن الموضوعين هما أكثر الموضوعات تعقيدا وحساسية وستتطلب معالجة كل من الموضوعين جلسات عدة ومناقشات طويلة.

غير أن مستقبل هذه العملية السياسية وإمكانية إنجاحها يتطلبان إعلانا واضحا من البداية أن لدى الطرفين الإرادة السياسية الكاملة والقوية للتعامل مع هاتين القضيتين بما يتطلبه الأمر من شجاعة وإصرار ومثابرة وانفتاح من أجل التوصل إلى الحلول الناجعة لكل المسائل مهما كانت معقدة وشائكة.

يبقى سؤال أخير: من الأهم ولمن الأولوية: إنهاء العنف ومحاربة الإرهاب أم إقامة هيئة الحكم الانتقالية؟ 

لاشك أن أي تقدم نحو إنهاء العنف أو أي تقدم في محاربة الإرهاب من شأنهما أن يساعدا على خلق الجو المناسب للتقدم في تحقيق التوافق المطلوب حول هيئة الحكم الانتقالية.

ومن الناحية الأخرى، فلا شك أيضا أن التقدم في تحقيق التفاهم اللازم حول هيئة الحكم الانتقالية سيساعد في التقليل من العنف ثم إنهائه وكذلك التعاون في محاربة الإرهاب، ومن هنا أهمية التعامل مع الموضوعين بالتوازي.

وبالإضافة إلى هذين الموضوعين الهامين يمكن النظر في بندين آخرين أثناء الجولة الثانية وهما:

1- مؤسسات الدولة بين الاستمرارية والتغيير
فمن ناحية يتم النظر في طبيعة العلاقة بين هيئة الحكم الانتقالية ومؤسسات الدولة الأساسية الأخرى، ومن ناحية أخرى ينظر الطرفان فيما تحتاجه تلك المؤسسات من إصلاح وتغيير وما يلزم اتخاذه من خطوات وإجراءات لضمان استمرار عمل مؤسسات الدولة وتمكينها من مواصلة أو استئناف تقديم خدماتها للناس في إطار البيئة الناشئة عن الاتفاق الذي يؤمل أن يتم التوصل إليه في جنيف.
2- الحوار الوطني والمصالحة الوطنية:
يتطلع الشعب السوري بنخبه وتنظيمات المجتمع المدني فيه وعامة الناس إلى مؤتمر جنيف، وما سيتحقق لهم من جراء اجتماعات الطرفين السوريين. 

كما يريد الكثيرون ومنهم والمرأة والشباب والمثقفون أن تسمع آراؤهم فيما يخص مستقبل بلادهم.

جدول الأعمال المقترح:

-  إنهاء العنف ومحاربة الإرهاب.
-  إقامة هيئة الحكم الانتقالية.
- مؤسسات الدولة بين الاستمرارية والتغيير.
- الحوار الوطني والمصالحة الوطنية.

أسلوب العمل في لقاءات الجولة الثانية:

لم ينتج عن الجلسات العامة أثناء الجولة الأولى نتيجة تذكر، ولذا فلعله يكون من الأفضل هذه المرة أن تنظم اجتماعات منفردة يكون الأول على الساعة العاشرة مع وفد المعارضة، والثاني على الساعة الحادية عشرة والنصف مع الوفد الحكومي. 

ولعله من الأفضل تأخير الجلسات العامة إلى اليوم الثاني أو الثالث على أمل أن تنتج الجلسات المنفردة بعض النتائج الايجابية. 

كذلك يمكن أن يزور الممثل الخاص المشترك رئيس كل من الوفدين يوم الأحد للاتفاق على التفاصيل الإجرائية وغيرها.

وفي الختام فالأمل كبير أن تجرى الحوارات خلال الاجتماعات المقبلة في أجواء يسودها الاحترام المتبادل، والاستعداد للاستماع للرأي الآخر، وتجنب الاتهامات.
التعليقات (0)

خبر عاجل