سياسة عربية

غرفة ثوار ليبيا تعلن النفير لحماية البلاد من انقلاب

إتمام الانتخابات البرلمانية يواجه مخاوف أمنية في ظل تفشي الفوضى - (أرشيفية)
إتمام الانتخابات البرلمانية يواجه مخاوف أمنية في ظل تفشي الفوضى - (أرشيفية)
أعلنت غرفة ثوار ليبيا حالة "النفير القصوي" في صفوف كافة كتائبها وتشكيلاتها المنضوية تحت شرعية الدولة، محذرة من "الانقلاب على شرعية الدولة والثورة"، معلنة استعدادها لردع المسلحين باستخدام قوة السلاح، وذلك بعد تهديدات أطلقها مسلحون باستهداف نواب البرلمان المؤقت إذا لم يسلموا السلطة.

وشددت غرفة ثوار ليبيا -في بيان لها- على أنه "لا شرعية إلا للمؤتمر الوطني العام الذي استمدها من الشعب الليبي، ولا بديل عن انتقال السلطة إلا عن طريق صناديق الاقتراع"، مؤكدين أنهم "يملكون الشرعية للتعامل مع كافة الخارجين عنها، متعهدين أنهم سيضربون بيد من حديد كل يريد المساس بمكتسبات الثورة والدولة".

وتعد غرفة ثوار ليبيا من أهم التنظيمات المسلحة التي أنشئت بقرار من رئيس المؤتمر الوطني العام في أواخر شهر أغسطس/ آب الماضي.

وتضم الغرفة كافة قيادات المقاتلين الثوار السابقين الذين يشرفون على تشكيلات مسلحة، وضُمت إلى رئاسة أركان الجيش الليبي في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي؛ للإشراف على الأوضاع الأمنية بالعاصمة طرابلس، بعد جدل حول شرعيتها وتبعيتها، وسحب ترخيص عملها .

وكان رئيس البرلمان الليبي نوري بوسهمين أصدر، مساء الثلاثاء، تعليمات لرئاسة الأركان وكتائب الثوار، بـ"حماية الشرعية من الانقلاب"، التي ارتضاها الشعب الليبي، والدفاع عنها في أعقاب تهديدات كتائب للثوار باعتقال أعضاء البرلمان، ما لم يسلموا السلطة خلال خمس ساعات.

واستنكر أبوسهمين في بيان باسم البرلمان، تلاه مساء الثلاثاء، التهديدات، معتبرا إياها انقلابا على مؤسسات الدولة، وخروجا على خيارات الشعب الليبي.

وأشار إلى أن البرلمان تلقى تأكيدات من الجيش والثوار بحماية الشرعية والدفاع عنها، ولن يسمح بإراقة دماء الليبيين، داعيا الشعب الليبي إلى الوعي، وأن يقول كلمته دفاعا عن الشرعية التي ارتضاها.

وجدد أبو سهمين في بيانه حرص البرلمان على المسار السياسي، وانتقال السلطة وفق آليات الديمقراطية.

وأعطت كتائب مسلحة عدة تتألف من ثوار ليبيين سابقين الثلاثاء المؤتمر الوطني الليبي العام مهلة خمس ساعات للاستقالة، تحت طائلة اعتقال كل نائب لا يلبي هذا المطلب، الامر الذي اعتبرته السلطات "انقلابا".

وقال قادة عدد من كتائب الثوار من بينها كتيبة القعقاع وكتيبة الصواعق اللتين يتحدر عناصرهما من منطقة الزنتان: "نعطي المؤتمر الوطني الليبي العام الذي انتهت ولايته خمس ساعات لتسليم السلطة".

والمعلوم أن عناصر هذه الكتائب يشاركون ايضا في الجيش الليبي.

واعتبرت الكتائب التي تؤول تبعيتها لرئاسة أركان الجيش الليبي في بيان لها، أذيع على قناة ليبيا الدولية، أعضاء البرلمان مغتصبين للسلطة وضد إرادة الليبيين، قائلة: "سوف يكونون مطلوبين وهدفا لنا بالقبض عليهم وتقديمهم للمحاكمة، بتهمة التآمر على ليبيا، وسلب خيراتها، وإهدار مالها، وخيانة الشعب".

واتهمت الكتائب من أطلقت عليهم "الإخوان المفسدين والجماعات المؤدلجة والمتطرفة، بأنهم سبب مشاكل البلاد وداء ووباء على ليبيا"، محملة أعضاء البرلمان "مسؤولية جر البلاد للهاوية، ودفع الثوار إلى الاقتتال ضد بعضهم" –وفق البيان- .

وتأتي هذه التهديدات لأعضاء البرلمان، بالتزامن مع اعتزام الليبيين الخميس التوجه إلى مراكز الاقتراع لانتخاب ستين شخصية، ستوكل اليهم مهمة صياغة دستور بلادهم، كخطوة أساسية على طريق الانتهاء من فترة انتقالية مضطربة.

ويفترض أن يبت الدستور بقضايا مهمة مثل: نظام الحكم، ووضع الاقليات، ومكانة الشريعة، وبعد المصادقة عليه في المجلس التأسيسي يجب أن يطرح على الاستفتاء الشعبي.

ونظرا لمقاطعة أقلية الامازيغ الاقتراع، سيختار الناخبون 58 عضوا وليس 60 كما تقرر سابقا.

وكان يفترض مبدئيا ان يمثل الأعضاء الستون في المجلس بالتساوي كبرى المناطق الليبية الثلاث؛ وهي: برقة في الشرق، والفزان في الجنوب، واقليم طرابلس في الغرب، بناء على نموذج لجنة الستين التي صاغت أول دستور في 1951، ألغاه الرئيس السابق معمر القذافي في 1977، واستبدل به "بيان سلطة الشعب"، وهو نص قصير اعتبر كدستور.

وكانت الحملات الانتخابية هادئة، وجرى معظمها على شبكات التواصل الاجتماعي، وسط عدم اكتراث كامل من الشعب.

وخلافا لأول انتخابات حرة في البلاد في تموز/ يوليو 2012، لم يبد الليبيون تحمسا، كما يدل على ذلك عدد المسجلين للمشاركة في اقتراع الخميس وهم 1,1 مليون، مقابل 2,7 مليون في 2012 من اصل 3,4 ملايين ناخب.

واضطرت اللجنة الانتخابية العليا الى تأخير موعد إغلاق التسجيل مرارا؛ لتتمكن من تجاوز عتبة المليون ناخب مسجل.

وبعد أكثر من أربعين سنة من حكم نظام معمر القذافي، نظمت ليبيا أول اقتراع ديمقراطي في تاريخها في تموز/ يوليو 2012 لانتخاب اعضاء المؤتمر الوطني العام المئتين الذي يحكم البلاد.

ويتعرض المؤتمر الوطني العام المنتخب في تموز/ يوليو 2012 للانتقاد؛ حيث تتهم مختلف كتله بمفاقمة الأزمة، والفوضى المتفشية في البلاد منذ سقوط نظام القذافي في تشرين الاول/اكتوبر 2011.

واتهم المؤتمر الوطني العام خصوصا بأنه أهمل مهمته الاساسية؛ المتمثلة في المضي بالبلاد نحو انتخابات عامة، وتسبب في تأخير استحقاقات المرحلة الانتقالية.

ودعا رئيس اللجنة الانتخابية العليا نور العبار "الحكومة الى ضمان الاجواء المناسبة لحسن سير هذه الانتخابات"، في حين يثير انعدام الأمن مخاوف؛ وهو السبب الذي قرر من أجله مركز كارتر لمراقبة الانتخابات إرسال وفد صغير لا يتجاوز عدد أعضائه الستة.

ورأى الناشط السياسي الليبي ومرشح لجنة الستين لكتابة الدستور محمد حسين بعيو، أن المؤتمر الوطني العام تآكلت شرعيته كما تآكلت شرعية الحكومة، ودعا إلى ضرورة البدء بالإعداد لانتخابات مبكرة لانتخاب برلمان جديد وحكومة جديدة لاتمام المرحلة الانتقالية.

وأكد بعيو أن رفض التمديد للمؤتمر الوطني العام لا يجب أن يكون من أجل الفراغ، وقال: "لقد تآكلت شرعية المؤتمر الوطني بشكل كامل، ولم يعد بمقدور الليبيين القبول به لاتمام المرحلة الانتقالية، نحن نستعد لانتخاب لجنة الستين بعد الخميس، وهي لجنة مهمتها كتابة الدستور".

وكان اللواء المستقيل خليفة حفتر سبق أن أعلن قبل أيام أن الساعات القادمة ستشهد تغييرا للواقع الليبي، وأعلن عن محاولة انقلابية وسيطرة مطلقة على مرافق الدولة في العاصمة طرابلس، غير أن العاصمة لم تشهد أي تحرك عسكري.


الأمم المتحدة تحذر من الفلتان

وفي الأثناء، شددت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا على ضرورة المحافظة على الشرعية وعدم تعطيل المؤسسات، داعية الأطراف السياسية والثوار والقوى الحية والشخصيات إلى عدم اللجوء للقوة، لحسم الخلافات السياسية، ودرء مخاطر الانزلاق إلى الفلتان الأمني والفوضى.

وأهابت البعثة في بيان بكافة الأطراف إعلاء الأهداف الوطنية العليا فوق المصالح والحسابات الفئوية والظرفية، مناشدة بالعودة بسرعة الى حوار سياسي يستجيب لإرادة الليبيين، ويضمن الانتقال السلمي لسلطة المؤتمر الوطني العام الى هيئة منتخبة.
التعليقات (0)