مقالات مختارة

سوريا دون حل وحتى إشعار آخر

أحمد منصور
1300x600
1300x600
أصبح من المؤكد أن القوى الدولية ليس لديها أية رغبة في المرحلة الحالية للشروع في أي حل للأزمة السورية، لاسيما بعد الاجتماعات التي جرت في جنيف وإعادة الولايات المتحدة ودول أوروبا لعلاقاتها مع إيران، الكل يريد مزيدا من الاستنزاف لسوريا ودول المنطقة.

علىالصعيد الداخلي في سوريا كل يوم مزيد من الدمار والخراب الذي أعاد سوريا إلى عصور ما قبل التاريخ، علاوة على التمزق الاجتماعي والجغرافي مما يعني أن سوريا من المستحيل أن تعود إلى ما كانت عليه لأن الذي دمر ويدمر فيها ليس المباني وحدها وإنما يجرى تدمير التاريخ والنسيج الاجتماعي و الاستقرار العائلي وفوق كل ذلك يدمر الإنسان السوري.

وعلى صعيد الدول المجاورة يتم استنزافها جميعا من الناحية الاقتصادية والسياسية حيث لا تستطيع دول الخليج أو تركيا أن تتجاوز سوريا، بل هي الهم الرئيسي بالنسبة للجميع لأن قدر سوريا أنها كانت على مدار التاريخ ولازالت المفتاح الرئيسي لكل هذه الدول، لذلك كانت جميع الممالك التي قامت في المنطقة لاسيما مصر وإفريقيا تؤمن نفسها عبر سوريا وكان آخر من سلك ذلك محمد علي حينما أرسل ابنه إبراهيم إلى هناك حتى يؤمن له حدود مصر الشمالية الشرقية، وقد استثنينا مصر لأنها غارقة في مستنقع الانقلاب وإذا كانت هذه الدول تستنزف من جهة فإن إيران تستنزف من الناحية الأخرى.

حيث تعتبر هي الممول الرئيسي والمدافع الأساسي عن النظام القائم في سوريا وهذا له تكلفته الباهظة أيضا على الميزانية الإيرانية، لذلك نستطيع أن نقول إن الساحة السورية تجرى فيها حرب بالوكالة بين إيران التي تدعم النظام السوري ومعها العراق وبين باقي الدول التي تقف ضده.

هذا الاستنزاف لدول المنطقة يصب في مصلحة إسرائيل بالدرجة الأولى التي ضمنت دمار الجيش السوري ومن قبله الجيش العراقي مع انغماس الجيش المصري في حرب داخلية ضد شعبه، من ثم فإن طول المعركة في سوريا من صالحها، أما الولايات المتحدة والغرب فإن العقلية الاستعمارية له لم تتوقف وإن كانت تجرى قبل ذلك بالاحتلال المباشر فإنه وجد الآن في أبناء المنطقة وحكامها من يقوم له بالمهمة دون عناء أو تكلفة.

ولأن الولايات المتحدة تريد حسب تصريحات وزير خارجيتها جون كيري إعادة تقسيم الشرق الأوسط من جديد وحسب تصريحات وزيرة الخارجية السابقة كونداليزا رايس إشاعة الفوضى الخلاقة التي يمكن أن ينتج عنها نظام جديد، كل هذا يؤكد أن القوى الكبرى عازمة على استمرار الفوضى في سوريا لمزيد من الانهاك ولأن السيناريوهات المعدة لاعادة تقسيم المنطقة لم تنضج بعد، من ثم فإن سوريا هي التي ستحدد الشكل الجديد للمنطقة كلها في ظل نفوذ إيراني متنام في المنطقة هذا النفوذ يمتد من لبنان مرورا بسوريا والعراق وشرق الجزيرة العربية واليمن.

ومؤمرات على تركيا استنزفت حتى الآن خلال شهرين ما يزيد على 70 مليار دولار بشكل مباشر من اقتصادها حسب تصريحات البروفيسور نعمان كورتولموش في حلقة بلاحدود الأسبوع الماضي مع ترقبها لانتخابات محلية ورئاسية هذا العام ستحدد خريطتها السياسية، وضبابية في مصر لا يعلم أحد ماهو الشكل الذي ستنتهي عليه، هذا كله يؤكد على أن الحل في سوريا مؤجل وحتى إشعار آخر.

(عن صحيفة الوطن القطرية 3 آذار/ مارس 2014)
التعليقات (0)