سياسة عربية

حملة بوتفليقة تزدهر في الشمال وغرداية تحترق جنوبا

قام المئات من المتظاهرين باقتحام مقر محافظة غرداية، احتجاجا عن مقتل 3 شبان - عربي 21
قام المئات من المتظاهرين باقتحام مقر محافظة غرداية، احتجاجا عن مقتل 3 شبان - عربي 21
يتجه الوضع في محافظة غرداية، جنوب الجزائر، إلى مزيد من التعفن، إثر تنامي المواجهات بين العرب المالكيين و الميزاب الأباضيين، في وقت دخلت "قيادة أركان" الحملة الانتخابية للرئيس المترشح عبد العزيز بوتفليقة، حملة انتخابية مسبقة غفلت عن أي إشارة لما يجري بالجنوب من اقتتال لم تشهد المنطقة، مثيلا له من قبل.

وفي تصعيد خطير ولافت للوضع ، قام المئات من المتظاهرين، صبيحة الأحد باقتحام مقر المحافظة، ومحاصرتها، احتجاجا عن مقتل ثلاثة من الشبان السبت على يد مجهولين، وطالب المتظاهرون بالكشف عن هوية المتورطين في مقتل هؤلاء الشباب في وقت فتحت مصالح الأمن، صبيحة السبت تحقيقا في الحادثة التي أثارت الرعب في المنطقة.

وموازاة مع محاصرة مقر المحافظة، نظم متظاهرون مسيرة جابت شوارع الولاية، تنديدا بالجريمة التي راح ضحيتها هؤلاء الشبان.

وانتقل رئيس الوزراء الجزائري بالنيابة، يوسف يوسفي، برفقة وزير الداخلية الطيب بلعيز، وقائد الدرك الوطني اللواء احمد بوسطيلة، وقائد الناحية العسكرية الرابعة الى محافظة غرداية قبل طلوع فجر الأحد.

والتقى الوفد الرسمي مع أعيان المدينة، من العرب المالكيين و الميزاب الأباضيين، وتبادل مع الطرفين المتنازعين، الحديث ودعاهما الى "الإسهام في استعادة الهدوء في المحافظة"، كما التقى مسؤولي المحافظة ومنتخبيها، وأسدى لهم التوجيهات اللازمة لاستعادة السكينة.

ووعد يوسفي أعيان المدينة، بالكشف القريب عن نتائج التحقيق في مقتل الشبان الثلاثة وهم من الميزاب الأباضيين، كما وعد السكان بمباشرة مشاريع تنموية لصالحهم فور عودة الأمن إلى المنطقة، وذلك بعد ان طالبوه باتخاذ إجراءات ملموسة لوضع حد للوضعية المتأزمة التي تعيشها المحافظة.

وغادر الوزير الأول بالنيابة الى محافظة غرداية بعد يوم واحد من قدوم العشرات من أهالي المحافظة إلى العاصمة، الجزائر، واعتصموا بمدخل "دار الصحافة" مطالبين الحكومة بتبني إجراءات عاجلة وحل الأزمة بالمنطقة، وأكدوا أن ما يحصل "خطر كبير يهدد المنطقة و البلاد ككل" كما حملوا لافتات مكتوب عليها"من يستفيد من خراب غرداية؟".

  موازاة مع ذلك، أقدم مجهولون، فجر الأحد، على اقتحام مكتب جريدة "الخبر" الناطقة بالعربية، في المحافظة، وتم حرق معداته وكل ما وجد فيه، وقال مدير المكتب، محمد بن احمد لـ"عربي 21" أن " كل محتويات المكتب قد أحرقت" وتابع" من قام بالفعل مجهولون، قدموا صباحا وأضرموا النار فيه".

وأفاد شهود عيان لـ"عربي 21" أن العديد من السكان بالمحافظة، قد أخلوا مساكنهم، والتحقوا بأقارب لهم في محافظات مجاورة، أو ارتحلوا الى العاصمة، هروبا من الاقتتال وخوفا على أبنائهم، علما أنه تم توقيف الدراسة بالمنطقة منذ أسبوعين، كما دخل التجار في إضراب لرابع مرة منذ شهرين، خوفا من تعرض محلاتهم للتخريب.

وفي وقت يدق فيه سكان محافظة غرداية ناقوص الخطر، تشهد العاصمة، حملة انتخابية مسبقة، من قبل دعاة "الولاية الرابعة "للرئيس المترشح عبد العزيز بوتفليقة".

وانتقدت تقارير إعلامية عديدة، عدم تعاطي السلطة مع أزمة غرداية، في الجنوب وفقا لحجمها الحقيقي، بينما تنشغل بترتيبات الحملة الانتخابية لرئاسيات17 نيسان/ ابريل الداخل.

وقال الناطق الرسمي لحركة "النهضة" الإسلامية في الجزائر محمد حديبي، لـ"عربي21" أنه " تأكد للجميع أن مفهوم الدولة المدنية التي تذوب فيها كل الأعراف والأعراق، وتتوحد فيها الكلمة تحت طائلة القانون والمساواة بين الجميع لم تتحقق ،وهو ماعملت السلطة على تسويقه لسنوات وفشلت في معالجته مايحدث في غرداية ".

"زلة لسان" من مدير حملة بوتفليقة تلهب باتنة 

وقد فتح عبد المالك سلال، مدير الحملة الانتخابية، للرئيس المترشح، عبد العزيز بوتفليقة، والمستقيل من منصبه كوزير أول، باب جهنم على نفسه، بسبب "زلة لسان" أخرجت المئات من الشباب الى الشارع الأحد بمحافظة باتنة، شرق الجزائر.

وسبب خروج هؤلاء في احتجاجات عارمة، ما يسمونه "إهانة" سلال لهم، عندما قال بقسنطينة لدى اجتماعه بمديري الحملة الانتخابية للرئيس المترشح، الجمعة الماضي"الشاوي حاشا رزق ربي" ويعني بذلك أن "الرجل الشاوي" وهو المواطن القاطن بباتنة "لا مستوى له"، وهو ما أغضب قطاعا واسعا من مواطني المحافظة الذين رفعوا لافتات مكتوب عليها" الشاوي رجل ونص". أي انه له من الرجولة ما يكفيه.

وتوجه العشرات من المحتجين الى منزل الرئيس الجزائري السابق، اليامين زروال، الكائن بباتنة، لإشعاره بالإنحراف الموصوف بـ"الخطر" لمدير الحملة الانتخابية لبوتفليقة.

وسبق للعديد من النشطاء أن دعوا زروال إلى الترشح لانتخابات الرئاسة لكنه رفض.

وفي رده على تصريحات عبد المالك سلال، قال المترشح الحر علي بن فليس، الخصم اللدود لعبد العزيز بوتفليقة،  أن "خطابنا الشريف سيكون جوابا على أسلوب الشتم والسب الذي يستعملونه". 

ويقول حديبي في هذا الشأن "ما يحدث هو تعبير اجتماعي عن الخوف من المجهول الذي زرعته أيادي السلطة لسنوات، وفشل تام على الصعيد توفير أجواء الأخوة والتعايش وتحقيق التنمية المتساوية بين أبناء الجزائر الذين يجمعهم أكثر ما يفرقهم". كما أضاف" للأسف السلطة الآن منغمسة في آليات تزوير الانتخابات وكيفية التسويق الخارجي وقبول الرأي العام الدولي لمهزلة الرئاسة".

 كما يرى حديبي "السلطة حاليا، منغمسة في مواجهة تناقضات نفسها التي تطبع تسيير الشأن العام ولعبة القط والفار التي تلعبها لترويع الشعب الجزائري والخوف أن تمتد الأيادي الأثيمة من الخارج بمساعدة أيادي جزائرية لتعفين الوضع ودفع الجزائر الى نقطة اللا رجوع لإيقاعها في فخ مصادرة الإرادة السياسية والاقتصادية وتهديد البنية التحية للتركيبة الاجتماعية للجزائريين وهي صمام الامان لاستقرار الجزائر".
التعليقات (0)