صحافة دولية

هندرسون: بندر مهم للسياسة السعودية ولأمريكا

بندر بن سلطان - (أرشيفية)
بندر بن سلطان - (أرشيفية)
قال الخبير في شؤون السعودية والباحث بمعهد واشنطون لدراسات الشرق الأدنى، سايمون هندرسون، في مقاله له، الاثنين،  إن الشخصية الرئيسية في العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية كانت غائبة عندما التقى الرئيس الأمريكي باراك أوباما، بالملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز الجمعة الماضية، و"مع هذا فإن روحه سادت الاجتماع دون شك"، في إشارة إلى الأمير بندر بن سلطان.

وتساءل في مقاله الذي نشر في مجلة "فورين بوليسي" البريطانية، إن كان رائد الملك الأمير بندر "يقوم بجر الخيوط من بعد؟"
وأضاف أنه ربما كان الأمير بندر لا يزال في المغرب يتعافى من عملية أجريت له في كتفه، ولكنه لا يزال الشخص الرئيسي في العلاقات بين أمريكا والسعودية، رغم الشائعات التي تقول غير ذلك.

وتابع أن اختفاء بندر قبل شهرين كان قد فسر في أمريكا على أنه إبعاد لشخصية متقلبة كانت رؤيته لإيران وسوريا لا تتوافق مع رؤية الولايات المتحدة، و"لكن في الحقيقة أن بندر لا يزال هو رجل الملك الرائد بالنسبة لسياسة المملكة في سوريا حتى وإن كان ابن عمه وزير الداخلية محمد بن نايف هو من ينسق مع أمريكا". 

وبحسب هندرسون فمن وجهة نظر الرياض إن كان الرجل الذي لقب أحيانا "بندر بوش" لقربه من الدوائر الجمهورية يتسبب بسوء هضم لإدارة أوباما "فهذه مشكلتهم".

ويرى الكاتب أن سر قوة بندر هي أنه "من يحقق رؤية الملك عبد الله للمملكة والشرق الأوسط"، فالملك يريد خلع بشارالأسد والسيطرة على حزب الله و"رأس الأفعى" إيران في نظر الملك يجب أن يقطع، على حد تعبيره. 

 ويقول هندرسون إنه "بينما يتعامل بندر مع الأمور العملية، يضع الملك الخطوط العريضة للسياسة السعودية، وقد يصنف على أنه من الصقور أكثر من رئيس مخابراته فبحسب وصف بندر نفسه (أنا مجرد قطة بالنسبة للملك)".

ويقول الكاتب إن اجتماعات سابقة بين أوباما والملك عبد الله كانت عبارة عن "حقل ألغام"، ففي اجتماعهما في أبريل/ نيسان 2009 نتج عنه الفيديو المنشور، والذي يدّعى أن أوباما انحنى فيه للملك، وهي الصورة التي استخدمها أعداء أوباما، ليقولوا أنه بالغ في التذلل للملك، وفق هندرسون. 

ويضيف الكاتب أنه وبعد ذلك بشهرين توقف أوباما في الرياض قبل خطابه المشهور في القاهرة حول بداية جديدة للسياسة في الشرق الأوسط، وطلب من الملك السماح للطيران المدني الإسرائيلي بالمرور ليلا في الأجواء السعودية في طريقه إلى آسيا، ولكن الملك رفض لأنه فوجئ بالطلب، "ما يعكس سذاجة من جانب فريق أوباما".

ولكن الهم الأكبر للسعودية -بحسب الكاتب- هي محاولات واشنطن للتقارب مع إيران، والتي سببت المزيد من الصداع مع الرياض "فالملك عبد الله كان منزعجا من الاتفاقية النووية المرحلية مع طهران، وهذا ما أخبر به وزير الخارجية جون كيري في اجتماع سيء في تشرين ثاني/ نوفمبر، وخرج وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل ليقول في المؤتمر الصحافي إن العلاقة الحقيقية بين الأصدقاء تقوم على الإخلاص والصراحة، وهي طريقة دبلوماسية للقول بأن الاجتماع كان عبارة عن مشادة كلامية، والواضح أن الملك عبد الله كان قد تحدث بصراحة، وكان على كيري أن يسمع لمدة ساعتين".

ويتحدث الكاتب عن الملفات التي جرى مناقشتها في أثناء رحلة أوباما للسعودية، وهي ملف إيران النووي، والثورة في سوريا والتدخل الإيراني في البحرين، وفي شرق المملكة الغني بالبترول، بالإضافة لدعم النظام العسكري في مصر، ولكن واشنطن لها نظرة مغايرة في كل من هذه القضايا، وعلى أجندتها قضايا أخرى غيرها، أهمها عملية التسوية (الفلسطيني الإسرائيلي) وحقوق المرأة في السعودية.

ويقول هندرسون إن إدارة أوباما تريد مساعدة السعودية في الضغط على الرئيس الفلسطيني محمود عباس في عملية التسوية في الشرق الأوسط، فبالرغم من برود العلاقات بين المملكة وإسرائيل، إلا أن المملكة كانت من تقدم عام 2002 بالمبادرة العربية للتسوية، والتي تدعم حل الدولتين. 

وتريد الإدارة الأمريكية من المملكة إبداء شيء من المرونة في موضوع الحريات حتى لا تلام في الشارع الأمريكي على العلاقة الحميمة بالمملكة.

وفي النهاية، يقول هندرسون إن بندر يبقى ضروريا للسياسة السعودية "لأن الملك لا يصدق أن واشنطن ستفعل شيئا تجاه القضايا التي تهم الرياض"، كما أن السعودية قلقة من ظهور أمريكا بمظهر الضعف --سواء ما حصل في القرم حيث وقفت أمريكا موقف المهزوم مما أقدم عليه بوتين أو وقوفها مكتوفة الأيدي بينما يستعيد الأسد قوته في الصراع الداخلي، فإن كانت واشنطن غائبة فعلى المملكة أن يكون لها رجلها الذي يستطيع أن يوجه الأمور لمصلحتها في المنطقة.

"فالملك عبد الله يرى أن إيران هي أساس كل المشاكل في المنطقة، ويريد أن يتم تحجيمها، بحيث لا تكون ذات سيطرة في المنطقة، وإن تعاقب على دعمها للأسد" بحسب الكاتب، ويضف أن إلى جانب عبارات الملك القوية يمكن أن تلجأ السعودية إلى الباكستان للحصول على سلاح نووي لتعزيز الشعور بالأمن، "وخطوة كهذه ستكون كارثية بالنسبة لأوباما، الذي تقوم سياسته على مقاومة انتشار الأسلحة النووية، ولكن واشنطن لن تستطيع عمل شيء لو حصل هذا".

ويختم الكاتب مقاله قائلا: "مهما يكن فإن كان بندر هو رجل اليوم، فلا بد من قيام جيل جديد من العائلة المالكة، بقيادة المملكة خلال سنوات الاضطراب القادمة".
التعليقات (0)

خبر عاجل