مدونات

من أمين عثمان إلى نبيل فهمى.. مصر تعيش فى الحرام!

كاتب المقال رضا حمدي
كاتب المقال رضا حمدي
منذ قرابة السبعين عاماً تحدث الوزير "أمين عثمان " ممثل الوفد (حزب الأغلبية) آنذاك فى غالبية الإستحاقات الانتخابية عن علاقة مصر ببريطانيا العظمى بأنها زواج كاثوليكى لا طلاق فيه إبان احتلالها لمصر ، حيث كانت بريطانيا دولة حليفة وصديقة بمقتضى معاهدة الصداقة والتحالف بين البلدين التى عقدت عام 1936 تحت قيادة مصطفى النحاس باشا زعيم حزب الوفد صاحب الأغلبية الشعبية فى ذلك الوقت ، مما أثار عاصفة سياسية حادة أثارت حفيظة وغيرة غالبية المصريين الذين اعتبروا ما قاله الوزير الوفدى انتقاصاً من قدر ومكانة وقيمة مصر وطعناً فى شرفها وكرامتها ، لاسيما المثقفين منهم والشباب المتحمس على وجه الخصوص كان من أبرزهم الضابط بالقوات المسلحة محمد أنور السادات والذى تولى سدة الحكم بعد هذا الحادث بأقل من ربع قرن ، فضلاً عن الشاب المتحمس الثورى " محمد إبراهيم كامل " صاحب التسعة عشر ربيعاً وقتها ووزير خارجية مصر فترة السبعينيات إبان حكم الرئيس السادات والذى استقال اعتراضاً على اتفاقية " كامب ديفيد " نوفمبر 1978 والتى انفرد السادات بعقدها مع الكيان الصهيونى ، حيث دبرا مع "حسين توفيق " وآخرين اغتيال الوزير " أمين عثمان " وتم تنفيذ العملية بالفعل فى 5 يناير 1946على يد " حسين توفيق "وتم الزج بالسادات إلى " سجن الأجانب " دون اتهام رسمى .

وتكررت سقطة أمين عثمان منذ عدة أيام (الثلاثاء 29 إبريل ) الماضى مع وزير خارجية الانقلاب العسكرى نبيل فهمى فى مقابلةٍ أجرتها معه الإذاعة العامة الوطنية الأمريكية ( ناشونال بابليك راديو ) عن علاقة مصر بأمريكا الحليف الإستراتيجى والصديق اللدود حيث اعتبر العلاقة بمثابة زواج شرعى وليست علاقة عابرة أو نزوة لليلة واحدة ! ، مشيراً إلى أنك إذا أردت الاستمرار فى تلك العلاقة فهذا سيكلف الكثير من المال والمباحثات والمناقشات ! ، وتابع فهمى " علاقة مصر بأمريكا تحتاج إلى اتخاذ قرارات على أسس سليمة ! ، قائلاً : هذا أمر طبيعى لأن كل زواج يمر بمرحلة من العقبات ، وأمريكا لا تستطيع التخلى عن مصر كما لا يستطيع الرجل التخلى عن زوجته على حد قوله ، مشيداً بالموقف الأمريكى الأخير الداعم لمصر حيال عودة 10 طائرات الأباتشى قائلاً : أمريكا دولة عظيمة تساعدنا منذ القدم وحكم الإخوان كان يرهبها فى مصر بسبب تمرده عليها! .

لا يحتاج كلام الرجل إلى مزيد من التوضيح والتفسير فكل كلمة معبرة عن دواخل فكر هؤلاء الانقلابيين وكيف يفكرون ، لكن لدى ملاحظتان غاية فى الأهمية إزاء تصريحات الرجلين رغم الفارق الزمنى والتاريخى : الأولى تكشف بكل وضوح مدى العلاقة الوثيقة التى تربط بين سلطة الانقلاب وأسيادهم فى واشنطن الراعى الرئيسى للانقلاب ويمكن القياس على العلاقة مع بريطانيا إبان الاحتلال على عكس ما يروجون كذباً عن مساندة الإدارة الأمريكية لجماعة الإخوان حيث اعترف نبيل فهمى صراحةً بأن حكم الإخوان فى مصر كان يرهبها بسبب تمرده عليها ، فى تبرئةٍ واضحة وبالصوت والصورة للإخوان من تهمة التحالف والتبعية والعمالة للأمريكان التى ما برح يروج لها إعلام الانقلاب ويطنطن على تلك النغمة ليل نهار فضلاً عن الكيان الإسرائيلى الصهيونى والغرب عامةً.. أما الملاحظة الثانية فكاشفة عن مدى الانبطاح والانسحاق أمام السيد الأمريكى وبالقياس الجانب الإنجليزى بطبيعة الحال حيث التشبيه المخجل والمخزى للعلاقة بالزواج فى إشارة ذات دلالة واضحة بأن مصر هى الطرف الأضعف (أو الأنثى) ومعبراً عن كذب كل الإدعاءت الباطلة بشأن استقلالية القرار المصرى عن التدخل الأمريكى أو أنها تتعامل بندية مع الولايات المتحدة كدولة ذات سيادة لا تقبل التدخل مطلقاً فى شؤونها الخاصة أو التعدى على مصالحها العليا كما هو ظاهر زوراً على السطح الإعلامى والصحفى المؤيد للانقلاب ! ، ذلك أن التوصيف الحقيقى لطبيعة العلاقة وشكلها هو " زواج عرفى بطعم الزنا " بل علاقة آثمة فى الحرام إن صح التعبير أصلاً كما هو الحال تماماً مع بريطانيا أثناء احتلالها لمصر ذلك أن مصر الوطن لم ولن تتزوج من أحد وإنما حكامها هم من تزوجوا بالمحتل وحملوا سفاحاً وأنجبوا فساداً وخراباً وتبعية وتخلفاً وتشرذماً وذلاً بحاجة ماسة بعد التخلص من أبناء السفاح من الذرية الفاسدة إلى مأذون شرعى طال انتظاره يزوجها بالعدل لينتج عنها عدالة وحق ونزاهة وشفافية وتنمية وتقدم ورخاء ، وإلى أن يأتى يوم العرس أمامنا طريق طويل من العمل والتضحيات والاستعداد لدفع كل غالٍ ونفيس لله أولاً ثم من أجل وطننا الجريح.

التعليقات (0)