صحافة دولية

فيسك: المقاطعة تعكس "صورة سياسية قاتمة" للسيسي

لجان انتخابية عدد أفراد الأمن فيها فاق المصوتين - الأناضول
لجان انتخابية عدد أفراد الأمن فيها فاق المصوتين - الأناضول

قال الكاتب البريطاني روبرت فيسك إن تمديد الانتخابات المصرية ليوم ثالث كان محاولة من عبد الفتاح السيسي لإعادة الثقة والطريقة التي ينظر فيها لنفسه وطموحه للوصول إلى الحكم بنسبة 60%.

وأوضح فيسك في مقال له في صحيفة "إندبندنت" البريطانية أن صناديق الاقتراع تقول شيئا آخر "سيفوز بالانتخابات، لا شك في هذا إلا أن مراكز الاقتراع تقول قصة أخرى".

وأشار فيسك الذي يتواجد في مصر إلى أنه وفي جولة استمرت ثلاث ساعات في مراكز الاقتراع وسط القاهرة في يوم هو عطلة رسمية تأكد من" فشل محاولة السيسي تعزيز بل زيادة الدعم الشعبي الذي يعشقه الديكتاتوريون، فالمقاطعة قدمت صورة سياسية قاتمة عن الرجل الذي قال يوم الاثنين (المصريون يخرجون لكتابة تاريخهم وصناعة مستقبلهم)".

وتابع "في مركز اقتراع الجيزة الذي فتح أبوابه للناخبين صباح يوم الاثنين، سواء جاؤوا من أحياء الفقر أو أحياء الطبقة المتوسطة في الجزيرة التي يعيش فيها المثقفون ورجال الأعمال الخاسرين، كان يقف أمام المركز ثلاثة جنود وشرطيان جالسون أمام المحطة، وفي واحدة من المراكز رأيت جنديا مسلحا يلبس قناعا أسود ولكنه -مثل الحال في الجيزة- كان يحرس مركز اقتراع فارغا".

ويصف مشاهداته بالقول: "حتى في حي هوليوبوليس الذي يسكن فيه السيسي، ومبارك العجوز قبل ثورة 2011 لم أشاهد ولا حتى ناخب واحد، وتصيدت باحثا عن مركز الاقتراع الذي أدلى فيه عدلي منصور (الرئيس المؤقت) بصوته قبل يومين في شارع جميل وفلل صغيرة محاطة باللوحات الإعلانية عن المجوهرات وعيادات الليزر، ذات القصة: أربعة جنود وثلاثة رجال شرطة،  ورجل أمن مسلح بزي مدني في عربة تعود لشركة سياحة ولكن لم أشاهد ناخبا واحدا".

وقال فيسك: "بهذه الدرجة من السوء كان الوضع، كما أن التقارير من الإسكندرية وبور سعيد تقول إن أحدا لم يكن متحمسا للجنرال السابق، كما قام مواطنون بحرق مركز شرطة في حي الكرادة وقتلوا 13 شرطيا انتقاما من قوات الأمن التي قامت بمجزرة جماعية وقتلت حوالي 700 من مؤيدي الإخوان المسلمين في آب/ أغسطس الماضي، ندر أن جاء إلى المركز رجل أو امرأة خلال أيام الاقتراع الثلاثة، وعلقت على الجدران صور جديدة لمحمد مرسي السجين الذي لا يزال الرئيس الشرعي في نظر مؤيدي الإخوان المسلمين وتركيا وقطر".

وأشار إلى أنه "يمكن للسيسي الحديث عن أي أغلبية يريدها في الانتخابات طبعا، أيا كان عدد الناس الذين صوتوا، فهذه الأشياء يمكن إصلاحها في مصر، ففي أيام أنور السادات كان يتم رمي صناديق الاقتراع غير المريحة في مياه النيل المحايدة سياسيا، والمواطنون الذين تعودوا على تفاهات الديكتاتورية لا يتوقعون الكثير".

وأضاف "لكن المصريين ليسوا حمقى، وقد تحرروا من الخوف في ثورة 2011 ولا يمكن أن يحول الفساد والرشوة والتهديد مهما كان حجمه الغالبيةَ الراشدةَ إلى طلاب مدرسة مرة أخرى".

ويشير الكاتب إلى انصياع مقدمي البرامج للأوامر حيث أظهرت التقارير الإعلامية طوابير الناس يقفون أمام مراكز الاقتراع (من أين جاؤوا بهم؟)، لافتا إلى أن إعلاميين يصفون من امتنعوا عن التصويت بـ"خونة للوطن".

ويشير الكاتب لقرار رئيس الحكومة الانتقالية إبراهيم محلب والذي قال إن القانون يقضي بأن من لا يدلي بصوته يغرم 50 دولارا. ولكن تهديداته لم تترك أثرا على الناخبين. 

ويقول فيسك "عدد كبير من الناخبين -ربما 80% أو 60%- يبدو أنهم قرروا عدم إعطاء صوتهم للرجل الذي يزعم أن انقلابه العسكري العام الماضي كان استمرارية للثورة".

وأضاف: "يقول مؤيدو الإخوان المسلمين، الجماعة المحظورة الآن والمصنفة على أنها "إرهابية"، لم يصوتوا كما هو واضح "بقيت في البيت، ونشعر بالخوف" قال أحدهم وهو بائع جرائد في الجيزة، وقال إنه لن يعبر عن موقفه إلا إذا التقينا على العشاء".

ويشير فيسك إلى أن هناك شيئا محتوما في كلام طارق سعيد الذي يعمل في شركة أغذية، فهو يضع النجمة الذهبية والتي هي الشعار الانتخابي للسيسي، مفسرا أنه صوت للجنرال السابق بسبب الضائقة الاقتصادية.

وقال: "لدي شقيقان عاطلان عن العمل منذ ثورة عام 2011 وأحاول المساعدة بالمال، كانا يعملان في مجال البناء وإذا سألت المصريين من يحبون، فهم لا يهتمون بأحد، فقط يريدون شخصا يوفر لهم فرص العمل ويمنحهم حياة جيدة".

وتساءل "هل يستطيع السيسي القيام بهذا؟ نعم، يقول سعيد "لأن دول الخليج وعدت بتقديم المال للسيسي، ليس لدي مشكلة مع مرسي، ولكن لماذا لم يطلب من أنصاره العودة لبيوتهم بعد تدخل الجيش، فقط يريد شهداء". 

ويعلق فيسك بالقول: "الإطاحة بمرسي وربما الشهداء قسّم مصر، ولكن ربما كان هناك ثلاثة وجوه لمصر هناك من صوت لمرسي في عام 2012 أكثر من 51% وهي نسبة ربما يحلم بها السيسي الآن، وهناك من يدعمون السيسي اليوم والذين قد يكونون 80% بالمئة من العدد القليل الذي اقترع، ولكن ربما كانت هناك نسبة كبيرة من المصريين ممن لا يريدون تقديم الشرعية لرئاسة السيسي أو التوقيع على تسليم البلاد لرجل عسكري آخر، وهذه النسبة لم تخفها التهديدات الرسمية ولا تهكمات مذيعي البرامج التلفازية".
التعليقات (0)