ملفات وتقارير

توتر بين نواكشوط والرباط وتصعيد إعلامي متبادل

رئيسا وزراء المغرب وموريتانيا - أرشيفية
رئيسا وزراء المغرب وموريتانيا - أرشيفية
أخضعت السلطات الأمنية الموريتانية منذ الخميس الماضي، جميع السياسيين الموريتانيين المعارضين القادمين من المغرب لتفتيش دقيق داخل مطار نواكشوط، في خطوة نظر إليها على أنها ترجمة عملية للتوتر المتزايد في العلاقات الدبلوماسية بين نواكشوط والرباط.

وقال مصدر رفيع لـ"عربي21"، إن جهات عليا في موريتانيا أصدرت أوامر بضرورة مراقبة جميع السياسيين ممن يزورون المغرب، وإخضاع أي شخصية موريتانية معارضة تزور الرباط للتفتيش الدقيق بعد العودة لنواكشوط.

وأكد المصدر أن النظام الموريتاني، بات يخشى من أن تكون جهات مغربية تخطط بالتعاون مع المعارضة الموريتانية لعمل ما من شأنه أن يزعزع أركان نظام الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز الذي يخوض حملة رئاسية لتجديد ولايته الثانية.

وأعلن حزب المستقبل الموريتاني المعارض مساء السبت، عن أن رئيسه محمد ولد بربص تعرض لتفتيش وصفه الحزب بالمهين في مطار نواكشوط، أثناء عودته من المغرب التي حضر فيها لمؤتمر عقد هناك.

وأخضع أمن مطار نواكشوط رئيس حزب الاتحاد والتغيير الموريتاني المعارض صالح ولد حننا، قبل يومين لتفتيش مماثل في المطار خلال رحلة عودته من المغرب، وحدث الأمر نفسه مع عدد من الشخصيات المعارضة الأخرى.

مسؤول صحراوي يفجر الأزمة 

وتسببت الزيارة الأخيرة للمبعوث الصحراوي لنواكشوط ولقائه بالرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بالقصر الرئاسي في نواكشوط، في تفجر الأزمة السياسية التي ظلت صامتة لأكثر من سنة تقريبا، حيث دشنت الصحافة الموريتانية والمغربية حملة إعلامية غير مسبوقة أججت نار الخلاف أكثر.

ونشرت صحف مغربية مقالات وافتتاحيات، تطرقت من خلالها للأزمة مع نواكشوط، واعتبرت أن زيارة المبعوث الصحراوي لنواكشوط واستقباله من طرف القيادة الموريتانية يعد انتهاكا خطيرا للموقف الثابت لنواكشوط من القضية الصحراوية، وبداية تحول جديد نحو الجزائر التي تنظر إليها المغرب على أنها عدوها الأول في المنطقة.

في المقابل، نشر كتاب موريتانيون مقالات اتهموا فيها المغرب بالتعالي على الحكومة الموريتانية ومحاولة فرض موقف بعينه على نواكشوط.
 
جوهر الخلاف 

غير أن محللين محايدين يرون أن جوهر الخلاف الدبلوماسي المتزايد بين موريتانيا والمغرب، يرجع إلى امتعاض نواكشوط من تصريحات أدلى بها الملك المغربي محمد السادس في الغابون، واعتبر فيها أن الرئاسة الموريتانية للاتحاد الإفريقي ستكون ضعيفة وشكلية، مقللا من أهمية الدور الموريتاني في المنطقة، فضلا عن تجاهل الرباط لاحتجاج تقدمت به نواكشوط ضد قرار سابق للمغرب بمنع تسجيل عشرات الطلاب الموريتانيين في الجامعات المغربية.

واحتجت السلطات الموريتانية على تصريحات لمسؤولين مغاربة اعتبروا فيها أن إقامة علاقات دبلوماسية بين موريتانيا وإيران تعد استفزازا، حيث قرأت تلك التصريحات في موريتانيا على أنها تدخل مباشر للمغرب في السياسية الخارجية الموريتانية.

في المقابل، يرى متابعون أن المغرب تأخذ على موريتانيا في الأساس تغيير موقفها الذي ظل محايدا من القضية الصحراوية على مر العقود الماضية، فضلا عن رفض الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز تعيين سفير جديد في المغرب وإبقائه على مجرد قائم بالأعمال لأكثر من سنتين.

ويرى متابعون أن صراع الطرفين للنفوذ في إفريقيا، خصوصا في جمهورية مالي أثر سلبا على العلاقة التقليدية بين البلدين الجارين، كما أن الرباط تعتبر طرد مدير وكالة الأنباء المغربية الرسمية من نواكشوط بحجة التخابر أمرا مبالغا فيه واتهاما في حد ذاته للسلطات المغربية بأن لها عيونا غير معلنة بنواكشوط.

وتتحدث المصادر عن إقدام الحكومة الموريتانية على ترحيل عدد من دبلوماسي المغرب بشكل سري من الأراضي الموريتانية.

وقال المحلل السياسي أحمد محمد لـ"عربي21"، إن الأيام القادمة قد تكشف عن تفاصيل أكثر بشأن التدهور الحاصل في علاقات البلدين، والذي تتحاشى وزارتا الخارجية في البلدين الحديث عنه علنا للإعلام.
التعليقات (0)