حقوق وحريات

في الأردن.. قانون يعتبر كل مواطن مشروع إرهابي

محكمة  أمن الدولة الأردنية - أرشيفية
محكمة أمن الدولة الأردنية - أرشيفية

احذر! إذا زرت المملكة الأردنية الهاشمية قد تصنف كـ "إرهابي" إذا قمت بالأعمال التالية: تدخين سيجارة أو تسجيل إعجاب لصفحة ذات توجه إسلامي على الفيس بوك أو انتقاد تنصيب السيسي رئيسا لمصر أو حتى انتقاد رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو على سبيل المثال!!
 
فقد اصبح قانون منع الإرهاب لعام 2014 ساري المفعول منذ بداية الشهر الحالي بعد نشره  في الجريدة الرسمية الأردنية ليتوسع بتعريف العمل الإرهابي ويشمل كل من يلحق ضررا في البيئة! أو يعكر صفو العلاقة مع دول أجنبية، ويعاقب بالأشغال المؤبدة كل من الحق ضررا ولو جزئيا في بناية عامة أو خاصة أو مؤسسة صناعية أو أي وسيلة نقل!
 
وجرم القانون -المثير للجدل- "استخدام نظام المعلومات أو الشبكة المعلوماتية أو أي وسيلة نشر أو إعلام أو إنشاء موقع إلكتروني لتسهيل القيام بأعمال إرهابية أو دعم جماعات أو تنظيم أو جمعية تقوم بأعمال إرهابية أو الترويج لأفكارها".
 
و في مقارنة مع التعريف السابق للقانون الذي سُن في عام 2006 بعد تفجيرات فنادق عمان نجد أن الحكومة أضافت المصطلحات العامة التالية على المشروع " إحداث فتنة"، أو "الامتناع عن أو تعطيل تطبيق الدستور".
 
النقيب الأسبق للمحامين الأردنيين صالح العرموطي يرى أن تعديل قانون منع الإرهاب فيه توظيف سياسي للخارج، بعد تعهدات الأردن للولايات المتحدة الأمريكية بمقاومة الإرهاب وتقاضي المملكة أموالا نظير ذلك.
 
ويقول العرموطي لـ"عربي 21" إن القانون الجديد هو "خدمة  للمشروع الصهيوني، واستقواء على المواطن الأردني، حيث أقر القانون المؤثر على الحريات العامة خلال نصف ساعة فقط من عمر الدورة الاستثنائية لمجلس الأمة".
 
وبموجب القانون أصبح كل من يلتحق بالجماعات الإسلامية التي تقاتل خارج الأردن سواء في سوريا أو العراق "يعد إرهابيا" ويحاكم أمام محكمة أمن الدولة.
 
و تزامن ذلك مع تجريم السلطات السعودية لكل من يقاتل في سوريا مع فصائل إسلامية.
 
وأعاد القانون المعدل لقانون منع الإرهاب السطوة لمحكمة أمن الدولة، بعد أن نجح الضغط الشعبي من خلال مسيرات جابت المدن الأردنية بتقليص صلاحيات هذه المحكمة، التي كانت ومازالت سيفا مسلطا على رقاب الناشطين و الإعلاميين.
 
وتصنف محكمة أمن الدولة كمحكمة خاصة أنشأتها الحكومة الأردنية بقانون خاص يسمى قانون محكمة أمن الدولة، بعد سنتين من إعلان الأحكام العرفية في عام 1957، والتي ألغيت في عام 1991.
 
وتنص المادة 101 من الدستور الأردني -بعد تعديله عام 2011- على أنه "لا يجوز محاكمة أي شخص مدني في قضية جزائية لا يكون جميع قضاتها مدنيين، ويستثنى من ذلك جرائم الخيانة والتجسس والإرهاب وجرائم المخدرات وتزييف العملة".
 
إلا أن القانون الجديد زاد من صلاحيات محكمة امن الدولة فعليا إلى ما يقارب الـ 150 قضية، بعد إضافة تهم مختلفة، تحت مظلة قانون منع الإرهاب الذي تلزم محكمة امن الدولة بتطبيقه.
 
ويصف المحامي العرموطي التعديلات على قانون منع الإرهاب بـ "الالتفاف على الدستور المعدل" ويقول إن القانون أعاد لمحكمة أمن الدولة جميع الاختصاصات التي سحبت منها، بل أضاف لها تهما جديدة، ولم يميز بين التهم السياسية والإرهاب".
 
و يعتبر العرموطي القانون خطرا على الحريات العامة في الأردن، التي نصت عليها المادة السابعة والمادة الخامسة عشر من الدستور الأردني: "تكفل الدولة حرية الرأي ولكل أردني أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط أن لا يتجاوز حدود القانون".
 
واستخدم القانون -حسب العرموطي- مفردات مطاطية مثل الإضرار بالبيئة! إذ "يمكن اعتبار تدخين سيجارة إضرارا بالبيئة! أو يمكن أن تكيف تهمة تعطيل الدستور لمن أراد المطالبة من الناشطين بتعديل الدستور، ومن المصطلحات الفضفاضة إلحاق الضرر بمؤسسات الدولة ومثلا من يضرب سيارته بحائط مبنى قد يصنف إرهابيا! وقد يصنف كإرهابي من ينتقد تنصيب السيسي مثلا أو ينتقد دولة الكيان الصهيوني ويكيف له تهمة تعكير صفو العلاقات مع دولة أجنبية".
 

انتقادات حقوقية للقانون

وواجه القانون انتقادات من منظمات حقوقية أردنية وعالمية، فقد انتقدت منظمة هيومن رايتس التعديلات التي أدخلت على قانون منع الإرهاب.
 
ووصفت المنظمة العملية التشريعية التي مر بها القانون بـ"السريعة" وقالت: "إن هذه التعديلات مرت سريعاً في مجلس النواب الأردني، مع أنها تهدد حرية التعبير وتوسع تعريف الإرهاب".
 
وانتقدت نقابة المحامين الأردنيين ما اسمته "تغييب النقابة" عن النقاشات حول مشروع القانون، بينما اعتبرت الجمعية الأردنية لحقوق الإنسان في مذكرة رفعت لمجلس النواب أن مشروع القانون يُشتم منه "تجريم كافة أشكال التعبير عن الآراء المعارضة للسياسات الحكومية مما يتعارض مع الدستور والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، كما سيقود إلى أوضاع تشبه أوضاع الأحكام العرفية".
 
وعلى الرغم من الانتقادات الحقوقية إلا أن مجلس النواب الأردني أقر القانون، معتبرا إياه "مطلبا شعبيا ووطنيا هدفه حماية الوطن من العبث وللحفاظ على أمنه واستقراره".

رئيس وحدة التشريعات في المركز الوطني الأردني لحقوق الإنسان (شبه حكومية) صدام أبو عزام يقول لـ"عربي 21" إن الإشكاليات حول القانون موجودة منذ كان في ديوان التشريع؛ إذ لم تُعرض -كما جرت العادة- مسودة القانون على الموقع الإلكتروني للديوان، ولم يتسن إبداء الرأي والاستماع لوجهات النظر.
 
وأوضح أن "الإشكالية الأخرى هي أن مشروع القانون لم يعرض على مؤسسات المجتمع الأردني للنقاش، ولا يوجد موجب تشريعي لسن القانون، كون آخر عمل إرهابي تعرضت له الأرض الأردنية كان عام 2005، وصدر حينها قانون مكافحة الإرهاب، أما هذا القانون فهو استجابة انفعالية لأحداث الإقليم ولا تشكل احتياجا مجتمعيا" كما يقول أبو عزام.


"ومن الملاحظات الأخرى على القانون -يقول أبو عزام- إن البناء التشريعي والصياغي يعاني من إشكالية، إذ تضمن عبارات واسعة استخدمت للتجريم والعقوبة، في الوقت الذي تتخذ فيه العبارات المطاطة عالميا لصالح الحريات".
 
وحول موقف المنظمات الأممية أكد أبو عزام أن "الأمم المتحدة كانت واضحة وصريحة، وطلبت من الحكومة الأردنية اتخاذ الإجراءات لإلغاء القانون".
 
الحكومة الأردنية وعلى لسان وزير العدل بسام التلهوني اعتبرت في تصريحات صحفية أن الهدف من القانون "حصر النصوص القانونية ضمن مشروع قانون واحد، وهو مشروع راعى مسألة تدرج العقوبة، معتبرا أن القانون مهم، خاصة في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة، ويتوائم مع الاتفاقيات التي وقعها الأردن".
 
وكانت الحكومة الأردنية سنت قانون منع الإرهاب لسنة 2006 في أعقاب تفجيرات فنادق عمان، وواجهه رفض مجتمعي و حزبي، واقتصر القانون السابق على تعريف محدد للعمل الإرهابي بأنه "كل عمل مقصود، يرتكب بأي وسيلة كانت، يؤدي إلى قتل أي شخص، أو التسبب بإيذائه جسديا، أو إيقاع أضرار في الممتلكات العامة أو الخاصة، إذا كانت الغاية منه الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر".
التعليقات (0)