نيويورك تايمز: هل عادت فرق الموت الشيعية بالعراق؟

علقت صحيفة "نيويورك تايمز" على العثور على 44 جثة سجين سنّي في بعقوبة شمال بغداد، بعد قتلهم جميعا، قائلة إنها دورة العنف المعروفة التي كانت عام 2006، وأدت إلى حرب طائفية بغيضة بين السنة والشيعة للسنوات الثلاث التالية.

خلال تلك السنوات، كان المتطرفون السنّة يفجرون في المناطق الشيعية، والميليشيات الشيعية تنتقم بتعذيب وإعدام السنة، أما هذه المرة فيحدث ذلك في ظل غياب الأمريكان ويمكن لها أن تكون أبشع، وهو ما حدث ليلة الاثنين، فالجثث جميعها قتلت برصاص في الرأس والصدر وألقيت أربعة منها في منطقة في بغداد تقع تحت سيطرة الميليشيات الشيعية يوم الثلاثاء.

وفي المساء كان الشيعة هم الضحية في تفجير انتحاري في سوق مكتظ في مدينة الصدر، حيث قتل 14 شخصا على الأقل؛ بحسب المستشفى المحلي.

 وقالت الصحيفة: "توقف نزيف الدم عام 2008 بعد دفع الجيش الأمريكي بشيوخ العشائر لمحاربة المتطرفين السنة، ولكن الآن مع الدعوات التي وجهها نوري المالكي للشيعة للدفاع عن العراق، ومع سنوات حكمه الطائفي التي تسببت في نفور العشائر والسنة، لا يتوقع أن تنجح هذه الاستراتيجية مرة ثانية".

ونقلت الصحيفة عن منصور أسود؛ عضو اللجنة المستقلة لحقوق الإنسان قوله، "إن لم يكن هناك حل سريع لما يحصل، فسيعود الوضع إلى الهجمات اليومية، وإلى ما كان عليه الحال عام 2006". 

وأضاف أن الأقلية السنية تخشى من إلقاء مسؤولية أي عنف ضد الشيعة عليها، ما يجعلها معرضة لاعتداءات وحشية من الميليشيات الشيعية.

وفي بعقوبة تم قتل السجناء السنة بعد هجمة من ثوار العشائر اجتاحوا خلالها عدة مناطق، بحسب المسؤولين الأمنيين. 

وقال منصور، إن "هؤلاء الناس كانوا مسجونين واعتقلوا وفقا للمادة 4 من جرائم الإرهاب، وقتلوا داخل السجن من قبل الشرطة قبل انسحابهم من المركز الليلة الماضية".

وقال العميد الركن جميل كمال الشمري قائد الشرطة في بعقوبة، إن "الضباط صدوا هجمة للمتطرفين عن المدينة في معركة استغرقت ثلاث ساعات في نفس منطقة المحطة حيث قتل السجناء فيما بعد".

وبين الشمري أن "كل شيء في المدينة تحت السيطرة الآن، وليس هناك أثر للمسلحين في المدينة".

وقال المسؤولون بالمشرحة في بعقوبة إن شرطيين قتلا في الاشتباكات.

وقالت داعش في تغريدة على موقع تويتر: "إنه تم إعدام السجناء على أيدي الشرطة".

وحمّل المتحدث العسكري العراقي الجنرال قاسم عطا مسؤولية مقتل السجناء في بعقوبة على أيدي من أسماهم "المتطرفين" قائلا: "إن السجناء قتلوا عندما وقعت قنابل يدوية وقذائف هاون على المركز".

لكن مصدرا في المشرحة قال "إن معظم الضحايا أصيبوا برصاص مباشر"، ومثل كثير من المصادر في العراق تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، لأنه ليس مخولا بالحديث للإعلام.

وقد تسبب القتال حول بعقوبة بقلق شديد لأنها أقرب نقطة تصلها المجموعة الثائرة في الطريق إلى بغداد، بعد الاستيلاء على الموصل قبل أسبوع حيث تقدمت المجموعة 230 ميلا في وادي نهر
دجلة. 

وتشكل منطقة بعقوبة وإقليم ديالى المحيط بها منطقة قابلة للاشتعال، كونها تحتوي على خليط من السنة والشيعة والأكراد.

وبينما يقترب القتال من بغداد، فلم تعد داعش وحدها في المواجهة، بل انضمت إليها مجموعات أخرى مثل كتائب ثورة العشرين، والجيش الإسلامي بحسب مصدر مخابراتي. 

هاتان المجموعتان كان لهما وجود طويل في ديالى وشاركتا في الكثير من العنف الدموي في الحروب الطائفية السابقة.

وتتألف كتائب ثورة العشرين من ضباط فقدوا وظائفهم في الجيش العراقي بعد حلِّ الأمريكان للجيش عام 2003.

ويزداد القلق في بغداد خشية عودة العنف إلى مناطقها. يقول أحمد الخراباي الذي يملك دكانا في منطقة العدل، وهي منطقة مختلطة من سنة وشيعة، حيث يسكن السنة بشكل رئيسي على جانب من الشارع والشيعة على الجانب الآخر بشكل رئيسي؛ يقول: "ترى مسلحين في الشارع ولا تعرف من همْ". وأضاف: "لا تعرف من معك ومن ضدك".

وتعلق الصحيفة بالقول: "جاء العديد من رجال الميليشيا للمنطقة، ومع أنهم لا يحملون الأسلحة بشكل علني، فلا أحد يشك في أنهم يملكونها، ولكن أحمد يأمل ألا يدخل العراق في دوامة عنف أخرى ويقول: "أظن أن العراقيين يعرفون الخطأ الذي وقعوا فيه عام 2006 ولن يعودوا إليه ثانية".

ولكن محمد الجيلاني الذي يملك بقالة في منطقة الدورة السنية كان أكثر تشاؤما حيث قال، إن "الناس خائفون من رجال الميليشيات، وأظن أن الأمور ستصل إلى نفس السوء الذي وصلت إليه سابقا"، وأضاف أنه يرغب في الذهاب إلى تركيا، لكن مقاعد الطائرات محجوزة لأسابيع ولم يستطع وكيل سياحة أن يقدر تاريخا يمكن خلاله توفير مقاعد على طائرة متجهة إلى هناك له ولزوجته وأبنائه الخمسة.

وأكثر ما يخشاه الجيلاني هو تقدم "داعش" على الأرض حيث يقول "أي كسب لداعش سيكون له أثر سلبي على السنة هنا".

وعثر على جثث أربعة شبان ملقاة في شارع في شرق بغداد بدون أي أوراق ثبوتية صباح الثلاثاء، ويُعتقد أنهم من السنة حيث تسيطر الميليشيات الشيعية على المنطقة التي يقطنها بعض السنة. وقالت وزارة الداخلية إن الضحايا شبان بين 25 و 30 سنة من العمر.

طريقة القتل تحمل نمط فرق الموت الشيعية خلال العنف الطائفي 2006- 2007 في قمة الغزو الأمريكي، وفي ذروة العنف آنذاك كان يعثر على 80 جثة في اليوم في بغداد وضواحيها.