سياسة عربية

صحيفة إٍسرائيلية: انتصارات داعش ستعيد تقسيم المنطقة

الصحيفة: نجاحات داعش مدخل لاعادة تنظيم المنطقة على أساس دول طائفية وعرقية - أرشيفية
الصحيفة: نجاحات داعش مدخل لاعادة تنظيم المنطقة على أساس دول طائفية وعرقية - أرشيفية

ناقشت صحيفة "نظرة عليا" الإسرائيلية، تداعيات نجاح المقاتلين السنة في العراق، والتي نسبتها لمقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في الشام والعراق "داعش"، (مع أنها تشكل جزءا صغيرا فقط من الأطراف المشاركة)، معتبرة الانتصارات في العراق مدخلا لإعادة تنظيم المنطقة على أساس دول طائفية وعرقية – علوية، شيعية، سُنية وكردية.

وزعم الكاتبان "كوبي ميخائيل وأودي ديكل" في مقالتهما في الصحيفة، الإثنين، أن سيطرة "داعش" على غرب وشمال غرب العراق، تعد استمرارا لسيطرته على شمال شرق سوريا، وهو دليل آخر على تعزيز قوات القاعدة وفروعها في طريقهم وتطلعهم الى إقامة "الخلافة الاسلامية الإقليمية"، حسب زعمهما.

وتحت عنوان فرعي "تبدد الحدود"، أكدت الصحيفة أن تطلع داعش إلى شطب الحدود التي قررتها القوى العظمى الاستعمارية في اتفاق سايكس بيكو، يمثل المعارضة لمجرد وجود الدول القومية والسعي الى إقامة خلافة إسلامية تعمل على أساس قانون الشريعة.

ولفتت إلى أن الأمر ذاته تسعى له إيران، من خلال إقامة الهلال الشيعي الذي يتجاوز هو الآخر الحدود. ويجعل هذا الصدام الصراع السني- الشيعي العنصر الهام والفتاك في المنطقة، ويعيدها دفعة واحدة الى عهد مهد الإسلام.

وأشارت الصحيفة إلى المفارقة في تعامل المقاتلين السنة في العراق مع حدود سوريا، وتعامل حزب الله مع الحدود اللبنانية السورية، حيث قالت لقد أدى الهجوم السني الى شطب الحدود بين سوريا والعراق، بينما المساعدة الهامة التي قدمها حزب الله لسوريا أدت الى تشويش الحدود بين سوريا ولبنان.


الأردن.. القسم المتبقي من دولتهم

وسلطت الصحيفة الضوء على اقتراب "داعش" من الأردن، وخلق مواقع لها في المملكة، مؤكدة أنه من شأنه أن يدهور البلاد ويودي بها الى واقع من فوضى يهدد بقاءها، خصوصا مع واقع الأزمة الاقتصادية والديمغرافية التي تعيشها، بسبب وجود نحو مليون لاجيء سوري ومئات الاف اللاجئين العراقيين.

وأكدت أن الأردن بحاجة الى مساعدة فورية لتحسين قدراته الاستخبارية والعملياتية بهدف حماية حدوده مع السعودية والعراق، والى مساعدة اقتصادية، وتوريد مستقر للطاقة، مساعدة مالية وانسانية للتخفيف من ازمته في كل ما يتعلق بالعناية باعداد اللاجئين الهائل لديه. ولكن فضلا عن ذلك يحتاج الاردن الى سند عسكري استراتيجي واضح، مشيرة إلى أن الأردن سيلجأ بالنهاية إلى إسرائيل لأخذ السند.
 
اختبار استراتيجية أوباما

وناقشت الصحيفة الاستراتيجية الجديدة في خطاب الإدارة الأمريكية، وتعاملها مع الواقع، حيث نقلت كلاماً عن أوباما، أكد فيه أن "التهديد الأساس اليوم لا يأتي من القيادة المركزية للقاعدة، بل من شركاء القاعدة المتطرفين والمتناثرين"، ليقترح بعدها تخصيص مصادر لتدريب وبناء قدرات الدول المشاركة في خط الجبهة في مواجهة المتطرفين الجهاديين.

لكنها (الاستراتيجية الجديدة) لم يكتب لها النجاح، بحسب الصحيفة، فقد انهارت هذه في سوريا وفي العراق على حد سواء. ففي سوريا، تفتت الجيش السوري الحر في مواجهة القوات الإسلامية، ولا سيما قوات داعش وجبهة النصرة. وتبين أن ليس في قوته وفي تأثيره ان يشكل بديلا لنظام بشار الاسد. اما في العراق، فقد هزمت قوات الجيش العراقي دفعة واحدة ودحرت من شمال وغرب العراق، رغم كونها مدربة ومزودة بقدرات امريكية. 

وقالت الصحيفة: "لقد أمر الرئيس اوباما بارسال حتى 300 مستشار عسكري الى العراق، وبدأت الادارة بفحص خيارات سياسية جديدة فيه. ومع ذلك، هناك جدال في الولايات المتحدة حول خيار التدخل العسكري في العراق، مع التشديد على الاعمال الجوية واستخدام القوات الخاصة. وذلك، بسبب المصلحة والالتزام الامريكي بمنع انشقاق العراق وسقوطه في ايدي جماعات اسلامية متطرفة (سنية وشيعية على حد سواء)".

فرصة لتحسين العلاقة الأمريكية مع إيران

ورأت الصحيفة أن الطريق المسدود في العراق يؤدي الى لقاء مصالح خاص، بين الولايات المتحدة وايران. "فقد كشف الرئيس أوباما النقاب عن أنه تجري محادثات بين ايران والولايات المتحدة في الموضوع العراقي، وان الولايات المتحدة دعت ايران الى عدم العمل بشكل يفاقم التوترات الطائفية. وبزعمه، فان بوسع ايران ان تلعب دورا ايجابيا في اقامة حكومة وحدة بين الطوائف".

وبحسب الصحيفة، يبدو أن الولايات المتحدة قلقة من أن تسيطر ايران على الاقاليم الشيعية في العراق من خلال فروعها – الحرس الثوري وغيرها من الفروع الاخرى (توجد أدلة منذ الان على تواجد الحرس الثوري في مدن في العراق كما اطلقت تصريحات ايرانية حول الاستعداد لمساعدة السكان الشيعة في العراق وحماية الاماكن المقدسة للشيعة).

 ومن جهة أخرى، هناك جهات تعتقد بان على الولايات المتحدة أن تستغل الفرصة لتعزيز مجالات مصالحها المشتركة مع ايران. وهذه المحافل تدرس امكانية التنسيق السياسي بل والعملياتي مع ايران، حفظا لوحدة العراق. 

"في مثل هذا السيناريو، فان النفوذ الاقليمي لايران سيزداد جدا. وهذا ينتج أن السعودية، الاردن، دول الخليج وخصوم ايران في المنطقة يجدون أنفسهم في واقع مقلق جدا والولايات المتحدة تقف في مكانة اشكالية ومشبوهة اكثر في نظرهم"، بحسب الصحيفة.

الآثار اللاحقة

وتؤكد الصحيفة أن "النجاحات العسكرية لداعش في العراق وفي سوريا تجسد سياقات التغيير في الشرق الاوسط وتعظم دافع المحافل المتطرفة لاستغلال النجاح من أجل توسيع نفوذهم الاقليمي". 

وفي أساس نجاح "داعش" ومنظمات الجهاد الاخرى تقبع عدة أسباب بارزة: 1. الضعف البنيوي والادائي للدول القومية العربية. 2. المبنى الشبكي والمتناثر للمنظمات مما يسهل عملها حركتها وخطوط تموينها في المنطقة ويجعل من الصعب التصدي العسكري لها. 3. اهمال الاسرة الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة، والنابع من الحرج والبحث عن حل قابل للتطبيق لمشاكل الشرق الاوسط، الى جانب عدم الاستعداد للتدخل العسكري. 4. تآكل في صورة القوة العظمى للولايات المتحدة وقدرتها على حل المشاكل الاقليمية. اضافة الى الخوف المتعاظم لدى حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة من أنها في يوم الاختبار لن تقف الى جانبهم.

وتشير الصحيفة إلى أن اسرائيل مطالبة بان تواصل الاستعداد لسيناريو انزلاق الاحداث الى حدودها. وفي ظل ذلك، عليها أن تمنع تسلل نفوذ وبناء بنى تحتية لمحافل اسلامية – جهادية في نطاق السلطة الفلسطينية والمساهمة في تحسين قدرة الحكم، امنيا واقتصاديا في السلطة الفلسطينية. 
 
وتقول الصحيفة: "يحتمل أن يكون حان الوقت للاستعداد فكريا بل وعمليا لنشوء فكرة اعادة تنظيم المنطقة السورية الاعراقية واساسها تفكك الدول القومية القائمة واقامة دول على أساس طائفي/عرقي : دولة علوية في غرب سوريا، كردستان في شمال العراق وسوريا، دولة سنية في منطقة شمال غرب العراق وشمال شرق سوريا، ودولة شيعية في مركز وجنوب العراق. يحتمل أن تكون خطوط التقسيم الطائفية والعرقية هي الاكثر طبيعية واستقرارا". 
التعليقات (0)