كتاب عربي 21

الثورة السورية والحل القادم (أوسلو أو الحدود العراقية)

راميا محجازي
1300x600
1300x600
وأخيرا نزع أوباما القناع وظهر بلونه الحقيقي عبر وسائل الإعلام بتصريح للشعب السوري ينص على أن تسليح المعارضة المعتدلة لن يجدي نفعا في إسقاط نظام الأسد! إذا فهل ستجدي المفاوضات نفعا في إسقاطه؟!

أكثر من ثلاث سنوات على انطلاق الثورة السورية، ولازال المجتمع الدولي يصرّ على الحل السياسي عبر المفاوضات لحل الأزمة السورية، وعلى الرغم من يقينهم بأنه حل فاشل فالأسد لن يحاور ومعه من يمده ويقويه: روسيا والصين وإيران وميليشيات من العراق ولبنان الذين يدعمونه سياسيا وعسكريا، فلا بديل أكثر جدية من الحل العسكري بأحد الخيارين: إما تسليح المعارضة السورية بما يمكنها من التقدم والحسم، أو التدخل الدولي عبر قوات حلف الناتو.

أما بالنسبة إلى تسليح المعارضة فقد أنهى أوباما كل الطموحات حولها، عندما بين في خطابه الأخير أن وجود معارضة معتدلة قادرة على إسقاط الأسد في سوريا ضرب من الخيال، وأنه لا جدوى من تسليح المعارضة لعدم وجود كوادر قادرة على إدارة العمليات العسكرية، وانعدام الكفاءات المؤهلة في حال تسليحها لخوض معركة الحسم، وفي هذا يبدي أوباما تجاهلا مطلقا لأهمية المعارك التي يخوضها الجيش الحر في المناطق الثائرة، و ما يحققونه من انتصارات على الرغم من انعدام الدعم الخارجي وضعف التسليح مقابل الإمكانات الضخمة للأسد الممدودة بالدعم الخارجي رجالا وسلاحا.

وأما التدخل الدولي عبر حلف الناتو ووضع حد للمأساة التي يعيشها الشعب السوري اليوم؛ فهو خيار مرفوض دوليا إلى الوقت الراهن، والسوريون يدركون تماما أن استبعاد ضربة عسكرية ضد نظام الأسدعلى الرغم من الانتهاكات والجرائم البشعة والاستفزازات العلنية ليس أكثر من دعم غير معلن له ومباركة لما ينجزه من تدمير للبنى التحتية واستنزاف لإمكانات سوريا الاقتصادية والبشرية وإشاعة الفوضى الأمنية التي تكفل لهم تحويل سوريا إلى ركام حضارة خلال أعوام .    

لو افترض جدلاً أن ما يقول به أوباما, وما يصّرح به المجتمع الدولي بأن الحل في سوريا لا يمكن أن يكون إلّا عبر المفاوضات فيحق للسوري التساؤل عن أي مفاوضات يتحدثون بعد جنيف اثنين ,إنهم يدركون تماماً أن نظام الأسد لم يلتزم يوما ًبأي اتفاقيات خارجية, أوهدن داخلية سواء مع المنظمات الإغاثية أو البعثات الأممية في المناطق المحاصرة أو المحررة, شهد بذلك مراقبون دوليون ناهيك عن تجاوزه العمل بما أسفرت عنه مؤتمرات جنيف واحد وجنيف اثنين والتي كانت أكثر من مخيبة حسب تعبيرهم  في وقت سابق .

إذا المفاوضات التي يتحدث عنها أوباما لربما مختلفة كالتفاوض مثلاً مع المعارضة السياسية للضغط على مقاتلي الجيش الحر والكتائب التابعة له لأجل إنهاء القتال مع الأسد مقابل تأمين مخرج آمن لهم؟!

أو ربما يقصد أوباما التمهيد للمفاوضات التي تمت تحت الطاولة في أوسلو بين مستشارة الأسد السياسية والإعلامية بثينة شعبان وبين كارتر الرئيس الأميركي الأسبق و فليتمان الأمين العام للشؤون السياسية في الأمم المتحدة ؟

إن أول ما يتبادر إلى ذهن السوري إثر سماع كلمة أوسلو هو القضية الفلسطينية فهل ستتحول ثورته إلى قضية سورية بأوسلو معدّل والذي يعتبر حلاً أكثر من ملبّ لكلّ من المجتمع الدولي من جهة ونظام الأسد وحلفائه من جهة ثانيةو قسم من المعارضين الباحثين عن السلطة والزعامة من جهة ثالثة.

فاليوم وبعد تصريح أوباما بعدم وجود معارضة معتدلة يقلب الطاولة على الائتلاف السوري والحكومة المؤقتة – على أية حال - إذا ما تم العمل جدياً على أوسلو سوري روسي إيراني لن تخرج هذه الحكومة خاوية اليدين وإنما ستتحمل مسؤوليتها لتكون حكومة ذاتية انتقالية سورية وكذلك سيكون للمعارضة المتشرذمة نصيب بحيث يمكن ضمها في بوتقة مجلس تشريعي سوري شعبي منتخب ديمقراطياً, وسيكون من أولويات أعمالهم قضايا اللاجئين والإغاثة, وأما عن النظام السوري فسيرعى هدنة ويحمي الحدود, و يقسم الكعكة و يقدمها وفقاً للاتفاقيات المبرمة معه سابقا وقد يتم بعدها العمل على عقد اتفاق تعاون بين الحكومتين للقضاء على المتشددين وتضطر عندها الحكومة الانتقالية إلى الرضوخ للضغوطات الدولية.  

سوف يقود هذا السيناريو إلى تعبئة المعارضة السورية في خليتين : الخلية الأولى ,الخلية المدللة التي ستشارك في صياغة القرار السياسي, ورسم مصير السوريين و مستقبلهم , وتتصدر المنابر في المحافل الدولية وخلية منبوذة متهمة بالفساد تضم مجموعات المعارضين الرافضين للإملاءات الخارجية.

يمكن القول بأنه لم يكن من الحكمة بأن يخرج أوباما على السوريين بلونه الحقيقي نازعاً قناعه مصرحاً برأي يكشف دعمه للأسد و المالكي في خضم اشتعال جبهة العراق وسيطرة الثوار على المعابر الحدودية بين البلدين بما يضمن قطع إمدادات إيران و النظام العراقي عن الأسد ويضمن تقدماً للثورة السورية و ينعش الأمل بالانتصار.

كان من الأفضل أن يحافظ على وجه أميركا بقناعها الإنساني الداعم للديمقراطية و العدل.

لا أن يضيف وشماً جديداً قبيحاً على وجهها بخطوطه الحمراء و نفاقه السياسي الذي لم يعد يخفى على الشعوب.
التعليقات (0)