ملفات وتقارير

أبو قتادة: ما أعلنته "جماعة الدولة" باطل وجهالة وحرام

منظر التيار السلفي أبو قتادة الفلسطيني - أرشيفية
منظر التيار السلفي أبو قتادة الفلسطيني - أرشيفية
أصدر الشيخ محمود عثمان، الملقب بـ"أبي قتادة الفلسطيني"، بحثاً جديداً أسماه "ثياب الخليفة" ركز فيه على مواضع انحراف جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام، وتطرق إلى بطلان وتحريم "الخلافة" التي أعلنوها بزعامة أبي بكر البغدادي.

وفاجأ أبو قتادة المعتقل في سجن الموقر ببحثه المطول، أوساط التيار السلفي الجهادي بقوله، إنه غير حزين على الاقتتال الحاصل بين الفصائل المسلحة في سوريا، معللاً ذلك بأنه يرى "حكمة الله تعالى في ذلك حيث يُنقِّى هذا الطريق من زوائده وشذوذه وانحرافاته".

رؤية أبي قتادة في مسألة "الخلافة"

وأظهر أبو قتادة في مستهل فتواه بقوله "لمن يحضرني من الإخوان"، أن تنظيمَ الدولةِ قد دخل فيه الانحرافُ من جهتين: "أولاهما: من أفراخِ جماعةِ الخلافةِ، وهي جماعةٌ قَدَمَتْ في الجهل، إن من الشر من حيث زعموا أن الخلافة (الإمامة العظمى) حقيقتها تكون بأن يبايع واحدٌ من المسلمين واحدًا من آل البيت لتكون الحقيقة الشرعية لهذا المسمى العظيم، وقد كان لي معهم كلامٌ طويلٌ حيث بانَ لكل مبتدئٍ من العلم جهلُهم، وأما طالبُ العلم الممكَّن فهو بصيرٌ بجهل هذه الدعوى، وقد كان آخرُ كلامٍ لي مع الخليفة المزعوم أن قلتُ له إن طريقَكم يجمعُ بين ضلالِ الروافضِ والخوارجِ".

أما مصدرُ الانحراف الثاني في جماعة الدولة فهو -وفقا لأبي قتادة- "بقايا جماعاتِ التوقُّف والتبيُّن، وبقايا جماعات الغلو ممن يطلق عليهم جماعاتُ التكفير، وقد نفر بعضُ هؤلاء إلى الجهاد في بداية أمره، وأعلمُ بعض أسمائهم، وقد أحدثَ هؤلاء من الشرِّ في رؤوس البعض، كما أنه صار لكلامهم أثرٌ كبيرٌ في رؤوسِ الشبابِ الجُدد الذين نفروا من مناطقَ صحت فجأةً من هوة الجهل العميق إلى حالة التديُّن، ومثل هؤلاء كالعجميِّ إن أسلم؛ فإن وُفِّق لصاحب سُنَّة اهتدى، وإلا كان فسادُه عظيمًا كما قال الأئمة من قبل، ولذلك تجدُ عامةَ أتباع هؤلاء من الجهلة المبتدئين في التديُّن حيث يعجز جهلهم عن فهْمِ مضايق مسائل العلم".

ولفت الشيخ في ما يخصُّ موضوعَ الإمامةِ العظمى (الخلافة) إلى أن "على المرءِ أنْ يعلم أنَّ هذا الأمرَ ليس فيه جديدٌ عند أهل السُّنة، فقد فرغ منه أهل العلم قديمًا وحرروا كل ما تعلق به من أحكامٍ ومفاهيمَ، وقد وقعتْ في التاريخ الإسلاميِّ النوازلُ العظيمةُ والقضايا المتعددة، فكتب فيها أهلُ العلمِ الكثيرَ".

وقال: "ابتداءً، فإني أخبرُ إخواني ممن يسمعُ النصحَ ويبتغي الحقَّ أن هذا الإعلانَ لا يُغيِّر من واقع المواجهة مع الجاهلية؛ فهو لن يزيدَ قوةَ جماعةِ البغداديِّ والعدنانيِّ ومن معهما، كما أنه لن يُضعف صفَّ الجاهلية، وقد كانت جماعاتُ الجهاد عمومًا على طريق واحد بل والكثير منها على إمرة واحدة ألا وهي البيعة للدكتور الحكيم".

وأشار إلى أن الخروج عن بيعة أمير "القاعدة" أيمن الظواهري ودخول اسم الخلافة "لن يُغيِّر واقعَ الصراع والمواجهةِ مع أعداءِ الدين، لكنْ شرُّه أنه سيُدخل العاملين المجاهدين في صراعٍ داخلي، وحقيقةُ دعوة الخلافة هذه موجَّهةٌ لجماعاتِ الجهادِ العاملةِ في الأرضِ من اليمنِ والصومالِ والجزائرِ والقوقازِ وأفغانستانَ ومصرَ وعمومِ بلاد الشام وليست إلى عمومِ المسلمين".

وأكد أن "ما فعلته جماعةُ (الدولة) هو إذهاب للخلاف الجاري بينها وبين خصومها على قيادة جماعات الجهاد -أي جماعة القاعدة- إلى الدم الصريح وإعطاءِ هذا السفكِ للدم الحرام صفةَ الشرعيةِ حيث سنجد فقه (البغاة) كما أعلن الجاهلُ المركبُ العدنانيُّ في بيانه هذا، حيث حذَّر من شق عصا الطاعة، وإن حكمَها الدمُ والقتلُ".

وأضاف أن "هذه القفزةُ لحلِّ المشاكل كما ظنوا ولتحقيق حلم المسلمين كما زعموا؛ ستُفرح الجهلةَ ولكنها ستعمق الخلافَ واقعًا، وستزيدُ من سفك الدماء بلا شك، وبهذا تعلمُ ابتداءً حكمَها في دين الله تعالى".

 خلاصة الفتوى

ويخلص أبو قتادة إلى أن ما أعلنته جماعةُ الدولة الإسلامية في العراق بأنها "دولةُ الخلافةِ الإسلاميةِ" باطلٌ من وجوه، وجهالةٌ من جهالات الذين لا يقدرون على إنزال الفروع على الأصول.

وفي تفصيل ذلك يقول إنه "تقدَّم أن أمرَ الإمامة لا يكونُ إلا عن رضى، ولا يحصلُ إلا باتفاقِ أصحابِ الأمرِ من أهل الشورى، وقد عُلم أن أصحابَ الشوكة هم المجاهدون في سبيلِ الله تعالى في الأرض من سوريا الشام واليمنِ وأفغانستانَ والشيشانِ والصومالِ والجزائرِ وليبيا وغيرهم من أهلِ النكاية في أعداءِ الله، وقد عُقِدَ أمرُ الخلافة بعيدًا عن هؤلاء".

أما تهديدُهم بالقتل لمن شقَّ عصا المسلمين، فإن هذا الأمر = كما يرى أبو قتادة- "لا يقال إلا بعد الانعقاد لقوله ?: (من أتاكم وأمركم جميعٌ على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم ويفرِّق جماعتكم فاقتلوه)، فهو بيِّن في قوله: (وأمركم جميع على رجل واحد) وأما هؤلاء فقد أنزلوه على غير وجهه".
وأوضح أن إلغاءهم جماعاتِ المسلمين في عموم الديار إلا جماعاتهم، يعد افتراء بلا علة "سوى علة إعلان الخلافة، وقد تبيَّن سابقًا فسادُ هوى العلة فليس بالإعلانِ والأسماءِ يحصلُ الالتزام". 

ونبّه إلى أن "واقعُهم يدلُّ على سعارهم في قتالِ مخالفيهم، وهذا القتالُ إثمٌ وجريمةٌ كبيرةٌ على أي معنى كان، سواء كان من أجل الغلبة أو من أجل غيرها، أما إن حصل تكفيرٌ للمخالف فهذا دينُ الخوارج ولا شك".

وأضاف أنه قد "تبيَّن من حالهم أن مُقدَّميهم أهلُ غلو وبدعة، وقد فرغ من هذا وتبيَّن جليًّا، وفيهم جهلٌ عظيم، حيث لا علماءَ ولا فقهاءَ يقدرون سوقَ هذا الأمر العظيم الذي ادعوه (الخلافة العظمى). وهُم وإن حصل لهم في آخر الأمر بعضُ سلطانٍ في العراق إلا أن الله تعالى يقول: ? لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ? وتحت هذه الآية العظيمة فرَّع فقهاء الملة عدمَ جوازِ تولية الظالم، وهُم وإن كان لهم نكايةٌ في الزنادقة الأنجاس لكن هذا شيءٌ وأمرُ سياسة المسلمين وقيادتهم شيءٌ آخر". 

وأكد أنَّ "حصولَ بعض التمكين لهم في العراق لا يجعلُ لهم فضلَ السبق في هذا الباب.. ولقد أطلقَ الناطقُ الرسميُّ لهذه الجماعة الدعوةَ إلى إعلانِ الخلافةِ في خصومته مع الحكيم الظواهريِّ، قبل حصول الفتح في العراق والهبَة الربانية لهم، فدلَّ هذا أن جرثومةَ الجهل بموضوع الخلافة سابقٌ على هذا الأمر، فلا يحتجُّ لهم بالتمكين ولا بغيره".

ويقرر أبو قتادة أن "ختامُ الأمرِ أنَّ هذه جماعةٌ بدعيةٌ قبلَ الخلافةِ لما علمنا من سعارهم في قتل المسلمين وخاصةً أهل الجهاد منهم وما زالوا على ذلك، بل نرى أن هذا السعارَ قد ازدادَ ونما خاصةً بعد حصول الغلبة على مناطقَ في العراقِ مع أنَّ ما حصل هو عطاءٌ ربانيٌّ حتى إن بعضهم اعترف أن بعض المناطقِ سقطت من غير قتالٍ، وهذه نعمةٌ عظمى تستحقُّ الشكرَ والإخباتَ والتواضعَ لا الغرورَ وزيادةَ السعارِ في قتلِ المخالفين".

انقياد التيار السلفي للفتوى


وطلب التيار السلفي الجهادي في الأردن، من منتسبيه عدم الالتحاق بتنظيم دولة العراق والشام، وممن يقاتل معه بالتخلي عنهم استناداً إلى فتوى أبي قتادة، الذي دعا مقاتلي داعش "للخروج على قياداتهم، وعدم القتال مع هذا التنظيم، واعتبار كل من يقاتل معه آثماً"، وفق قيادي بارز في التيار.
وبرر التيار هذه الفتوى في تصريح صحفي برفض هذا التنظيم المصالحة مع باقي التنظيمات الإسلامية المقاتلة في سوريا.

وأطلق أبو قتادة فتواه الخميس الماضي، من داخل قفص جلسة محكمة أمن الدولة الأردنية، وذلك خلال جلسة للمحكمة ضمن إعادة محاكمته في قضيتي الإصلاح والتحدي وتفجيرات الألفية.

بدوره، كشف القيادي البارز عن استمرار توجه أعضاء من التيار إلى سوريا بقصد القتال، لافتاً إلى أن قتالهم سيكون تحت مظلة جبهة النصرة، وليس تحت لواء داعش.

وأضاف أن "عدداً قليلاً لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، من منتسبي التيار في الأردن، يقاتلون تحت مظلة داعش حالياً".

عن أبي قتادة

يذكر أن عمر محمود عثمان، من مواليد 1960 في بيت لحم التابعة للضفة الغربية، أو كما يكني نفسه "أبو عمر" أو "أبو قتادة الفلسطيني"، هو إسلامي أردني من أصل فلسطيني متهم بـ"الإرهاب" من قبل عدة بلدان حول العالم. وضم اسمه ضمن القرار الدولي رقم 1267 الصادر من مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة الذي صدر في عام 1999، والذي يختص بالأفراد والمؤسسات التي ترتبط بحركة القاعدة أو حركة طالبان.

ويعتبر مطلوباً من قبل حكومات الأردن والجزائر وبلجيكا وفرنسا والولايات المتحدة وإسبانيا وألمانيا وإيطاليا. وعلى أثر قرار يقضي بتسليمه من بريطانيا إلى القضاء الأردني، قررت الجمهورية التونسية منحه اللجوء السياسي.

وأشرف المنظر الإسلامي على إصدار عدة مجلات منها "الفجر" و"المنهاج". كما أنه أصدر كتاباً ينظر فيه ويؤسس للحركة السلفية الجهادية وهو يصنف ضمن "أقوى ما كتب في التعريف بالحركة السلفية الجهادية وفي تفسير وتبرير أفكارها ورؤاها".

وفي 7 تموز/ يوليو 2013 أعيد إلى الأردن إثر اتفاقية مع بريطانيا صدّق عليها البرلمان الأردني، تكفل محاكمة مستقلة لأبي قتادة.
التعليقات (1)
حسين
الثلاثاء، 15-07-2014 03:19 ص
متى قررت الجمهورية التونسية منح اللجوء السياسي لأبي قتادة ؟؟ يبدو أنكم توردون خطأ في المقال، تونس في حرب ضد هذه المجموعات منذ 2002 وفي تنسيق تام مع الجزائر ولا يعقل أن تمنح تونس اللجوء السياسي لمفتي التفجيرات التي قتلت آلاف الجزائريين وعددا من التونسيين.