قضايا وآراء

ركوع حاكم عربي أمام رئيس وزراء إسرائيل

رضا حمودة
1300x600
1300x600
صار من الطبيعي والمألوف اعتياد خذلان وصمت الأنظمة العربية إلى حد التواطؤ ضد القضية الفلسطينية والتي لم تعد قضية العرب والمسلمين المركزية كما كانوا يزيفون وعى الأمة بتلك الفرية الكبرى ، إذ بات المدهش حقاً أن نرى عكس تلك المواقف المخزية والمؤسفة لحكامنا إزاء كل ما يتعلق بقضايانا المصيرية العادلة وخاصة كل ما هو إسلامي وعقائدي ، لذا أعتقد أن من المنطق عدم التعويل طويلاً على هؤلاء الحكام أو التباكي على مواقفهم بمعنى إمكانية تغير مواقفهم لصالح شعوبهم وقضايا الأمة لكن في المقابل ضرورة إلقاء الضوء على مؤامراتهم وكشف ارتمائهم في أحضان العدو من أجل هدف واحد وهو بقاءهم على رأس السلطة إلى يوم القيامة.

لا تسأل كثيراً عن سبب عدم تأييد الأنظمة العربية للمقاومة والجهاد المسلح ضد عدونا الصهيوني في أرض فلسطين إزاء ما يحدث الآن في غزة الباسلة لأن السبب واضح وهو أن هذه المقاومة تكشفهم وتعريهم تماما كما تكشفهم أي تحركات ثورية معارضة في بلداننا العربية (فيما عرف بثورات الربيع العربي) ،وبالتالي نرى تحركاتهم الحثيثة الخبيثة لإجهاض أي صوت أو تحرك ثوري على الأرض ينادى بالحرية والاستقلال والانعتاق من التبعية للغرب بشتى الوسائل المادية والمعنوية والإعلامية مهما كانت الكلفة ذلك أن بقاء هؤلاء الحكام على عروشهم هو الضامن الوحيد لديمومة واستمرار حصد المزيد والمزيد من أموال شعوبهم بلا حساب.

هزتني رسالة مخزية عبر الفاكس لحاكم عربي ارتضى لنفسه ولأمته الذل والمهانة بعثها لرئيس وزراء العدو الصهيوني( إسحاق رابين ) بتاريخ الثالث من يوليو من عام 1995تعمّدت إسرائيل تسريبها وللمصادفة القدرية أن يتزامن تاريخ الرسالة الفاضحة مع انقلاب الجنرال السيسي على إرادة الشعب المصري من عام 2013.. هذا الحاكم هو" محمد إبراهيم عقال " رئيس الصومال هذا البلد العربي الإسلامي المنكوب بحكامه دائماً، فقد كان الغرض من الرسالة هو طلب تأسيس شركة إستراتيجية مع إسرائيل قائلاً في نهاية رسالته بحالة من الانسحاق والانبطاح المثير لكل معانى الأسف والدونية في ذات الوقت ( ونعرب لسعادتكم عن إعجاب شعبنا الشديد بإسرائيل التي هزمت العرب في ثلاث معارك رئيسية حتى حصلت على مبتغاها ، وعلى كل حال فنحن منكم كالقزم أمام العملاق . شالوم ولى الشرف أن أبقى خادمكم المطيع. انتهت الرسالة لكن مازال دويّها الهائل وأثرها بالغ السوء على كل ذي ضمير ونخوة إسلامية وعربية بل وإنسانية ويمتلك الحد الأدنى من الكرامة وحمرة الدم البشرى ، ورغم أن الرسالة قديمة تاريخياً لكنها حديثة في جوهرها تعززها الشواهد على أرض الواقع كأنها كتبت للتو ، ويبدو أنها لن تكون الرسالة الأخيرة وربما هناك الكثير من الرسائل المماثلة لحكام آخرين لم يتم الكشف عنها بعد تجسد مدى الحميميّة القائمة على الدونية وليست الندية بين حكامنا المستأسدون على شعوبهم فقط من جانب وبين زعماء الكيان الصهيوني من جانبٍ آخر.
 ولعل أبرز ما يجسد هذه الحالة ما قاله الوزير الصهيوني المتطرف "أفيجدور ليبرمان" يونيو الماضي مكرراً مقولة رئيس جهاز الموساد الأسبق" مائير داجان" : إن الدولة الإسرائيلية مثل العشيقة في الشرق الأوسط ، الجميع (يقصد الحكام العرب) يستمتعون بالعلاقة معها، ولكنهم لا يعترفون بذلك.. إلى أن وصل به حد الغطرسة والاستعلاء القول بأن إسرائيل بإمكانها العيش والصمود بدون (العرب) ولكن هذه الدول لا يمكنها العيش بدون إسرائيل. هكذا تحدث الصهيوني ليبرمان وغيره من مسؤولي الدولة الصهيونية من واقع معرفتهم الواقعية لطبيعة العلاقة التي تربط دولتهم بالحكام العرب ذلك أن العلاقة بين الجانبين تخطت حد العلاقات العادية إلى علاقات المودة الوطيدة فضلاً عن التبادلات التجارية سراً وعلناً وصفقات سلاح وغاز..إلخ ، فكما أن العلاقة بين الدولة المصرية وأمريكا كعلاقة الزوج وزوجته وليست علاقة عابرة كما قال وزير خارجية الانقلاب نبيل فهمى قبل عدة أشهر فإننا نستطيع الزعم بأن دولة الكيان الصهيوني على علاقة غرام وعشق لكنه العشق الحرام حيث تقيم علاقة محرّمة مع الدول والأنظمة العربية(وأقصد هنا الأنظمة وليس الشعوب) أشبه بالاغتصاب ولكن بالتراضي والاستمتاع مع كامل الأسى والأسف فضلاً عن اغتصاب كامل للأرض والعرض يتحمل أسبابه بلا شك أصحاب الجلالة والفخامة والسمو من حكامنا الأجلاء مهما قالوا ونفوا ورفعوا من شعارات الممانعة والعروبة والإسلام فقد كشفتهم الثورات وقامت بتعريتهم الانقلابات التي دبروها وأداروها بأموالنا ، فكانت قمة الخذلان والتعري لتلك الأنظمة في الصواريخ الإبداعية للمقاومة الإسلامية حماس وغيرها من فصائل المقاومة التي وصلت تل أبيب وطائراتها بدون طيار المدهشة والمصنعة محلياً والتي حلقت فوق وزارة الدفاع الصهيونية رغم قلة الإمكانيات ، فقط الإيمان والإرادة والعزيمة والأخذ بأسباب القوة التي هزمت القوة الغاشمة بجهادها ونضالها وكفاحها دفاعاً عن الدين والتراب والشرف والأمن القومي نيابةً عن الأمة كلها وكشفت الخيانة والتواطؤ والتآمر العربي الرسمي المخزي لحكام وملوك كان لهم ظهير من العلماء والقضاة والأبواق المنافقة المأجورة صدق فيهم قول العلاّمة الراحل الشيخ محمد الغزالي "إنما فسدت الرعية بفساد الملوك ، وفساد الملوك بفساد العلماء ، فلولا القضاء السوء والعلماء السوء لقل فساد الملوك خوفاً من إنكارهم".
0
التعليقات (0)