كتاب عربي 21

التحالف الدولي ضد غزة.. أربعة اتفاقيات وثلاثون دولة لغلق المعبر

محمد سيف الدولة
1300x600
1300x600
نهدي هذه الدراسة إلى كل الشرفاء في الوطن العربي والعالم ليتعرفوا على تفاصيل الإذلال الذي يتعرض له أهالينا في غزة منذ سنوات طويلة على أيدي تحالف دولي جبار يهدف إلى كسر وإخضاع الإرادة الوطنية الفلسطينية، وليتأكدوا أنه قد أصبح من المستحيل استمرار الحياة في ظل هذه الظروف، وأن القتال دفاعا عن النفس ضد الحصار والتجويع والقتل والإبادة هو الخيار الوحيد الآدمي الباقي للشعب الفلسطيني..
***
 معبر رفح هو واحد من سبعة معابر سمحت بها سلطات الاحتلال لقطاع غزة وهو المعبر الوحيد بين غزة ومصر والذى يعتبر من الناحية الشكلية فقط خاضعا للسلطات الفلسطينية والمصرية، حيث ان هناك معبرا آخر بين غزة ومصر يخضع لسلطات الاحتلال هو معبر كرم ابو سالم ( كيريم شالوم )
وكان يتحكم فى تنظيم الحركة بالمعبر قبل عام 2007 عدد من الأطراف هى اسرائيل والسلطة الفلسطينية والولايات المتحدة والحكومة المصرية والاتحاد الاوروبى بدوله السبع والعشرين، بالاضافة الى عدد  من الاتفاقيات هى: 

• اتفاقية المعابر الاسرائيلية الفلسطينية الموقعة فى 15 نوفمبر 2005.

• اتفاق اسرائيلى اوروبى فلسطينى لمراقبة المعبر.

• الاتفاق المصرى الاسرائيلى الموقع فى اول اغسطس 2005 ومعروف باسم اتفاق فيلادلفى.

• اتفاقية السلام بين مصر واسرائيل الموقعة فى 29 مارس 1979.

***
وفيما يلى بعض التفصيل:

اولا ــ الاتفاق الفلسطينى الاسرائيلى الموقع فى 15 نوفمبر 2005 وهو ما يسمى باتفاقية المعابر ولقد ورد فى بنوده  القيود الاتية : 

• اخضاع  المعبر للرقابة الاسرائيلية لحظة بلحظة من خلال بث مباشر من كاميرات الفيديو المنتشرة هناك مع ربط اجهزة كومبيوتر المعبر بالشبكة الاسرائيلية. 

 • اخضاع المعبر وممثلى السلطة الفلسطينية لمراقبة طرف ثالث تم الاتفاق على انه الاتحاد الاوروبى.

• اخضاع المعبر للمراقبة الامريكية من خلال المنسق الامنى الامريكى بين السلطة وبين اسرائيل.
 
• وبصدد المراقبة الامريكية فانه قد يكون من المهم  هنا التذكير بنص ما جاء فى رسالة التطمينات المرسلة من جورج بوش الى شارون بشان خطة الانسحاب من غزة وذلك فى 14/4/2004 اذا جاء فيها  :  " سوف تحتفظ إسرائيل بحقها في الدفاع عن نفسها في مواجهة الإرهاب، بما في ذلك القيام بأعمال ضد المنظمات الإرهابية.  سوف تقود الولايات المتحدة الجهود، وستعمل مع الأردن ومصر وآخرين في المجتمع الدولي لبناء قدرات وإرادة المؤسسات الفلسطينية على مكافحة الإرهاب، وتفكيك المنظمات الإرهابية، ومنع أن تُشكّل المناطق التي انسحبت منها إسرائيل خطراً يجب معالجته بأية طريقة أخرى."

• حظر مرور الاشخاص من غير حاملى الهوية الفلسطينية ، المسجلون بالسجلات الاسرائيلية والتى لايجوز تحديثها الا بالاتفاق معها . وهو ما يعنى حرمان قطاعات كبيرة من فلسطينيي الخارج و كذلك عرب 1948 . ويعنى بالطبع  تحريم دخول المصريين ومواطنى الدول العربية الاخرى وآخرين. 

• يستثنى من هذا الحظر فئات حددت حصريا هى الدبلوماسيون والمستثمرون الاجانب والممثلون الاجانب لمنظمات دولية معترف بها وبعض الحالات الانسانية ولكن هذا الاستثناء بدوره يخضع لقيد اضافى هو ضرورة اخطار الحكومة الاسرائيلية ببيانات هؤلاء قبل 48 ساعة من العبور فان رفضت يفوض ممثلو الاتحاد الاوروبى لاتخاذ قرار السماح او المنع .

• حق الاتحاد الاوروبى فى منع سفر اى شخص ومنع عبور اى حقيبة او سيارة او بضاعة.

• حق اسرائيل فى ابداء رفضها عبور اى شخص تشتبه فيه فاذا لم تستجب السلطة الفلسطينية يفوض الاتحاد الاوروبى.

• ضرورة التنسيق الامنى الرباعى بين اسرائيل والسلطة وامريكا ومصر.

• ضرورة تزويد اسرائيل بقائمة اسماء العاملين بالمعبر.

• ضرورة ان تاخذ هواجس اسرائيل تجاه الاشخاص والبضائع فى الاعتبار.

• حق اسرائيل فى الحصول على اكبر قدر من التعاون والمعلومات من السلطة.
 
• التهديد بتجميد هذا الاتفاق فى اى وقت يقدم فيه الاتحاد الاوروبى تقييما سلبيا لاداء السلطة فى المعبر.

• قيود على الواردات اذ نص الاتفاق على ان يستخدم المعبر فى التصدير فقط ، اما الواردات فعن طريق معبر كفر ابو سالم الاسرائيلى.

• قيود على عدد الشاحنات العابرة.

• تحديد عدد الحقائب المسموح بعبورها مع كل مسافر مع وضع سياسة خاصة لحقائب متعددى السفر.

• و يحظر على السلطة الفلسطينية الاتفاق مع مصر على ما يخالف هذه الاتفاقية اذ جاء فيها ما ينص على خضوع تشغيل المعبر من الجانب المصرى لهذا الاتفاق.
 
الخلاصة هو ان ان اسرائيل فى هذه الاتفاقية قد بذرت عشرات النصوص والصياغات والاشتراطات والعقبات والقيود التى تمكنها من اغلاق المعبر فى اى وقت تشاء وتحت حماية ومباركة الشرعية الدولية . فهى اتفاقية لاغلاق المعبر وليس لتشغيله.

***
ثانيا ــ الاتفاق مع الاتحاد الاوروبى : وهو اتفاق لاحق للاتفاقية السابقة ومترتب عليها ومطبقا لاحكامها و ما يهمنا الاشارة اليه هنا هو :

• الاتفاق هو تفويض اسرائيلى للاتحاد الاوروبى بان تتولى بعثة من الاتحاد  ، عدد ها فى حدود 70 فردا ، نيابة عنها مهام  المراقبة النشطة والتحقق والتقييم لاداء السلطة الفلسطينية فيما يتعلق بتطبيق المبادىء المتفق عليها لمعبر رفح ، اى انهم بمثابة العيون الاسرائيلية على السلطة الفلسطينية ليس اكثر وليس اقل.

• وفى سبيل ذلك كان عليهم ان يضمنوا عدم تعطيل كاميرات المراقبة وانظمة ومعدات الكومبيوتر المركبة فى معبر رفح.

• وكان عليهم التأكد من استمرار بث المعلومات التى تجمعها هذه المعدات الى الجانب الاسرائيلى.

• وكان عليهم التعامل الملائم مع المسافرين الذين ينتهكون القوانين والانظمة.

• كما انه كان لهم صلاحية منع عبور اى شخص و اى شىء.

• وكان للبعثة التشاور مع الاطراف من اجل ضمان الامن الشخصى لافرادها . ومن هذه النقطة تحديدا منعت اسرائيل البعثة من ممارسة اعمالها معظم الوقت متحججة بدواعى امنية.

***
ثالثا ــ اتفاق فيلادلفى وهو الاتفاق المصرى الاسرائيلى حول منطقة الحدود مع غزة والذى تم توقيعه فى اول سبتمبر 2005 بعد الانسحاب الاسرائيلى من غزة  والذى انتقلت فيه مسئولية تامين هذه الحدود الى الحكومة المصرية . وتجدر الاشارة هنا الى الاتى :

• هذا الاتفاق هو بروتوكول عسكرى بالاساس.

• وهو ملحق امنى اضيف الى اتفاقيات كامب ديفيد اى انه محكوم بمبادئها العامة واحكامها.

• وقد نص على ان تتولى قوة من حرس الحدود المصرى  فى المنطقة المذكورة مهام  منع العمليات الارهابية ومنع التهريب عامة و السلاح والذخيرة على وجه الخصوص وكذلك منع تسلل الافراد والقبض على المشبوهين واكتشاف الانفاق وكل ما من شانه تامين الحدود على الوجه الذى كانت تقوم به اسرائيل قبل انسحابها .

• وتتالف القوة من عدد اربعة سرايا ، تعداد افرادها 750 فردا ، ينتشرون على امتداد 14 كم هى طول الحدود المصرية مع قطاع غزة.
 
• ويتكون تسليحها من 504 بندقية و9 بنادق قناصة و94 مسدس و67 رشاش و27 ار بى جى و31 مدرعة شرطة و44 سيارة جيب .

• ولها الحق فى اربعة سفن لمراقبة الحدود البحرية.

• وعدد 8 مروحيات غير مسلحة للاستكشاف الجوى.

• وعدد ثلاثة رادارات برية وواحد بحرى.

• ويحظر على القوة المصرية اقامة اى تحصينات او مواقع حصينة .

• وتخضع القوة المصرية لمراقبة القوات متعددة الجنسية الموجود فى سيناء منذ اتفاقيات كامب ديفيد والتى تمارس مهامها تحت قيادة مدنية امريكية بنص الاتفاقية .

• وتشارك فى سلسلة من اللقاءات الدورية مع الجانب الاسرائيلى لتبادل المعلومات واجراء تقييم سنوى للاتفاق من حيث مدى نجاح الطرف المصرى فى مكافحة الارهاب.

• ولا يجوز تعديل هذا الاتفاق الا بموافقة الطرفين فلكل طرف حق الفيتو على اى اجراء يتخذه الطرف الاخر.

• ويخضع هذا الاتفاق كما تقدم لبنود اتفاقية المعابر الاسرائيلية الفلسطينية ، وهو ما يعنى فى احد تطبيقاته انه اذا اغلقت اسرائيل معبررفح من الجانب الفلسطينى فانه يتوجب على مصر ان تغلقه من عندها .

• ورغم ان المحللين فى مصر قد اعتبروا ان هذا الاتفاق يمثل مكسبا لمصر حيث انه يعد سابقة يمكن تكرارها لتعديل شروط التدابير الامنية الواردة فى الاتفاقية الرئيسية الموقعة عام 1979 ، الا ان الحكومة لاسرائيلية كانت قد صرحت اثناء مناقشة هذا الاتفاق الاخير فى الكنيست ان المهمة المحددة والوحيدة للقوة المصرية هى تأمين الحدود على الوجه المنصوص عليه .

***
رابعا ـ اتفاقية السلام المصرية الاسرائيلية الموقعة فى مارس 1979 :

• تنص هذه الاتفاقية فى مادتها السادسة على انه " يتعهد الطرفان بعدم الدخول فى اى التزام يتعارض مع هذه المعاهدة " . وهو الامر الذى يحد من صلاحيات الادارة المصرية فى التصرف فى معبر رفح. 

• وتنص فى مادتها الثالثة بان " يتعهد كل طرف بأن يكفل عدم صدور فعل من أفعال الحرب أو الأفعال العدوانية وأفعال العنف أو التهديد بها من داخل أراضيه أو بواسطة قوات خاضعة لسيطرته أو مرابطة على أراضيه ضد السكان أو المواطنين أو الممتلكات الخاصة بالطرف الآخر ، كما يتعهد كل طرف بالامتناع عن التنظيم أو التحريض أو الإثارة أو المساعدة أو الإشتراك فى فعل من أفعال الحرب أو الأفعال العدوانية أو النشاط الهدام أو أفعال العنف الموجهة ضد الطرف الآخر فى أى مكان ، كما يتعهد بأن يكفل تقديم مرتكبى مثل هذه الأفعال للمحاكمة ". 

• وتنص مذكرة التفاهم الموقعة بين امريكا واسرائيل فى 25 مارس 1979 على ان " حق الولايات المتحدة في اتخاذ ما تعتبره ملائما من اجراءات في حالة حدوث انتهاك لمعاهدة السلام او تهديد بالانتهاك بما في ذلك الاجراءات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكري ".

• كما تنص على : " تقدم الولايات المتحدة ما تراه لازما من مساندة لما تقوم به اسرائيل من اعمال لمواجهة مثل هذه لانتهكات خاصة اذا ما رئى آن الانتهاك يهدد امن اسرائيل ".

• لذلك حرصت اسرائيل على التأكيد على أن اتفاق فيلادلفى هو مجرد ملحق امنى اضافى للاتفاقية الرئيسية وليس اتفاقا موازيا وذلك لتحتفظ بكل الضمانات الامريكية المذكورة عاليه.

***
نحن اذاً  امام ترسانة من الاتفاقيات بين عدد من الاطراف الدولية والاقليمية، هدفها الوحيد هو ضمان امن اسرائيل وليذهب الفلسطينيون الى الجحيم.

ولكن رقم كل هذه القيود والظلم والعنصرية والإذلال فى هذه الترتيبات، الا انه منذ 2007 ، انسحب الاتحاد الاوروبى و تم اغلاق المعبر الا للحالات الخاصة والاستثنائية ومواسم العمرة والحج.

وعلى امتداد سبع سنوات، بُذِلت مئات المبادرات والحركات والقوافل العربية والاوروبية الشعبية لكسر الحصار، و"ترقيق" قلب الحكومة المصرية او المجتمع الدولى على الفلسطينيين "المساكين" المحاصرين، ولكن بلا طائل.

وحتى حين تم تخفيف هذه القيود قليلا بعد الثورة المصرية لشهور معدودات، ظل هناك حظر اسرائيلى على دخول اى بضائع من رفح.

وبعد تطور الاحداث فى مصر فى يوليو 2013، تم اغلاق المعبر تماما الا فيما ندر، مع قيام السلطات المصرية الجديدة بهدم الأنفاق فى سابقة هى الأولى من نوعها، لم يقم بها حتى حسنى مبارك.

*****
[email protected]
القاهرة فى 20 تموز/ يوليو 2014
التعليقات (0)

خبر عاجل