سياسة عربية

صحفيون بغزة "يلتقطون أنفاسهم" بعد أسابيع الحرب

مراسلو الجزيرة بعد القصف الإسرائيلي على مبناهم - أرشيفية
مراسلو الجزيرة بعد القصف الإسرائيلي على مبناهم - أرشيفية

بسعادة وفرح احتضن تامر المسحال، مراسل قناة الجزيرة القطرية، صغيريّه "كريم" و"محمد" أخيرًا، بعد فراق دام لأسابيع متواصلة، وطبع قُبلاً متلاحقة على جبينيهما، وهو يردّد عبارات الاشتياق وأسئلة الاطمئنان عليهما.

وطوال 51 يومًا من التغطية الإخبارية المستمرة للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لم يتمكّن المسحال، من لقاء طفليه وزوجته، سوى ساعات محدودة جدًا، كما قال.

وأضاف: "كانت الأحداث في قطاع غزة متلاحقة جدا وعلى مدار الساعة، لدرجة أننا لم نتمكن من مغادرة العمل، لرؤية عائلاتنا والاطمئنان عليهم، لقد كانت حربًا دامية وشرسة على الجميع".

واستدرك المسحال: "التغطية لم تتوقف بعد الحرب، ولكن تلاحق الأحداث خفّت حدّته نوعًا ما منذ إعلان وقف إطلاق النار، ولذلك أتيحت لنا فرصة للعودة إلى حياتنا الطبيعية، والعودة إلى منازلنا ورؤية أهلنا".

وكان العمل الصحفي، وتغطية أخبار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، مرهقًا، ومؤلمًا كما يصف المسحال، وأضاف: "شعرنا بتعب نفسي وحزن، لكثرة الجثث التي كنا نشاهدها والتي كان بعضها قد تحلل بشكل ملفت، وهذا ما لا أنساه الآن".

وذكر المسحال كيف أن عيونه لم تكن تحظى بالنوم سوى ساعة أو ساعتين، وفي بعض الأيام لم يستطع النوم بالمطلق، لمجاراة أحداث القصف الإسرائيلي على غزة، إلا أنه الآن لديه متسع من الوقت، لممارسة حياته بشكل طبيعي.

وأردف: "أذكر يوم مجزرة الشجاعية أنني كنت مستيقظًا حتى الفجر، وكان يفترض لي أن أحظى بقليل من ساعات الراحة، إلا أن حدوث المجزرة دفعني للعمل ليوم آخر".

وقالت لانا شاهين، مراسلة قناة الميادين، إنها التقطت أنفاسها قليلا، بعد إعلان انتهاء الحرب الإسرائيلية، وتخلصت من الخوف الذي كان يرافقها أثناء وجودها في بعض مناطق القطاع ميدانيًا.

وأضافت: "الفارق يكمن الآن في أن أرواحنا استعادت هدوءها نسبيًا، لقد كنت دائمة القلق على عائلتي، أخشى أن يصيبهم مكروه".

وتضيف: "كنت أشتاق للوقوف في المطبخ، وإعداد وجبات الطعام لعائلتي واحتضان صغاري، وأشتاق لتفاصيل حياتي اليومية التي كدت أنساها".

وأردفت: "كنا نخرج ولا نعرف هل سنعود أم لا، هل سأرى صغيريّ ياسر ويارا مرة أخرى، أم لا قدر الله قد نغطي خبر مقتلهم".

وأكثر ما كان يؤلم شاهين كما تقول، أنها لم تكن تستطع محادثة أبنائها، ورؤيتهم، فقد كانت تبقى في مكان عملها لأيام متواصلة، وظروف الميدان فرضت عليها أن يكون اطمئنانها على أسرتها، اتصال هاتفي سريع لزوجها.

وأضافت: "لا أخفي أنني في الميدان كنت خائفة، قبل مغادرة المكتب كنت أدعو بأن نعود سالمين، فقد كانت حربًا وحشية، والاحتلال الإسرائيلي لا يفرق بين أحد ويستهدف الجميع".

ونجت شاهين من الموت المحقق مرتين، كما تقول، فأثناء تغطيتها لأخبار التصعيد في خزاعة سقطت بجوار سيارتهم قذيفتا دبابة، كما سقط صاروخ إسرائيلي آخر قربها، خلال إعدادها تقريرا شرق مدينة غزة.

وقالت إن التعب أنهك أجساد الصحفيين كثيرًا، وقلة ساعات النوم ضاعف ذلك أيضًا، لدرجة أنها لم تعد تستطيع ارتداء درعها الصحفي.

وأكملت أن "التخلص من كل تلك الأمور، حاليًا أوجد لي راحة نفسية، ولعائلتي أيضًا التي كانت تقلق كلما سمعت نبأ مقتل صحفي، لقد عدْنا للراحة والخصوصية اللذين افتقدتهما طوال 51 يومًا (هي عمر الحرب)" .

وحقق محمود الهمص، مصور وكالة الأنباء الفرنسية، أخيرًا أبسط مطالب أبنائه في اصطحابهم بنزهة، بعد فراق دام لأسابيع.

وقال الهمص: "بعد أن وضعت الحرب أوزارها شعرنا براحة نفسية، إلا أن مقتل بعض الزملاء الصحفيين مازال يؤلمني".

وأضاف أن "هذه الحرب مختلفة عن كل الحروب السابقة، كان الموت يحفنا من كل مكان، أجسادنا متعبة، وأشعر بأن الإنهاك الذي نسيته بسبب العمل المتواصل، قد بدأ يظهر الآن".

ويشعر الهمص بالسعادة كلما رأى صغاره بخير، فمشاهد الأطفال الذين التقطت عدسة كاميراته صورهم لا تنساهم ذاكرته أبدًا.

وأردف: "لقد كنا محرومين من أدنى حقوقنا، القلق كان يرافقنا في كل مكان، أحمد الله أن عائلتي بخير".

وشنّت إسرائيل حربًا على قطاع غزة في الـ 7 من يوليو/ تموز الماضي، توقفت الثلاثاء الماضي، بعد إعلان وقف اطلاق النار بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية، وأسفرت الحرب عن مقتل ما يزيد عن 2100 فلسطيني، وأكثر من 11 ألف جريح.
التعليقات (0)

خبر عاجل