لن تكون طريق عودة طلاب وطالبات
اليمن إلى مدارسهم هذا العام مفروشة بالورود، فالبلد الذي سيرددون نشيده الوطني في طابور صباح الأحد، مع أول أيام
الدراسة، يعيش تصدعات سياسية وأمنية واقتصادية غير مسبوقة.
وأعلنت وزارة التربية والتعليم اليمنية أن أكثر من 6 ملايين طالب وطالبة، سيتوجهون غدا الأحد، إلى مدارسهم في عموم محافظات البلد، إيذانا ببدء العام الدراسي الجديد 2014-2015، وسط غليان الشارع الذي ألهبته جماعة
الحوثي المسلحة، حيث قامت بتطويق العاصمة صنعاء للمطالبة بـ"إسقاط الحكومة والتراجع عن قرار رفع أسعار الوقود".
ودائما ما يشكل مطلع العام الدراسي كابوساً للأسر اليمنية، التي تتحمل مشقات تجهيز طلابها، لكن فاتورة هذا العام ستكون مضاعفة جراء لهيب الأسعار الذي أحدثه قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية مطلع أغسطس/ آب الماضي بواقع 100% للديزل و75% للبترول.
وعلى الرغم من تراجع طفيف في القرار بتخفيض السعر المرتفع بواقع 500 ريال (حوالي دولارين ونصف) لكل عشرين لتر من المادتين، الأسبوع الماضي، إلا أن أسعار السلع لا زالت مرتفعة نتيجة للقرار السابق.
وتوقع مراقبون حلول بدء عام دراسي "صعب" على الطلاب وجميع التربويين وأولياء الأمور، خاصة بعد عدم وفاء
الحكومة اليمنية بصرف "علاوات" في أجور موظفي الجهاز الإداري للدولة عند إقرار رفع أسعار الوقود، وهو ما سيضاعف من معاناة المعلمين وسينعكس سلبا على أدائهم وعلاقتهم بالتلاميذ.
عبدالله العسالي، موجه تربوي في مكتب التربية بمحافظة تعز، قال لوكالة الأناضول، "أعتقد أن الحالة النفسية للتلاميذ والتربويين عامة ستتأثر بالأحداث الأمنية الجارية، وهو ما سينعكس سلبا على أداء المعلم والتحصيل العلمي، كما أن الوضع الاقتصادي المتردي سيدفع بعض الأسر إلى حرمان بعض أبنائها من مواصلة التعليم".
ورأى "العسالي" أنه "عادة ما يقع الحرمان من التعليم على الفتيات في معظم الأسر اليمنية لأن الفتاة في عُرف هذه الأسر عبارة عن مشروع زواج فقط، يتحمل عناءها شخص آخر، أما الولد فيعتقد أولياء الأمور الذين يؤمنون بهذه الثقافة، بأنه يجب إعداده لبناء أسرة جديدة وهذه المهمة تحتاج إلى مواصلته للتعليم".
وارتفعت أسعار المستلزمات المدرسية هذا العام بشكل لافت رغم عدم وجود علاقة مباشرة بينها وبين رفع أسعار الوقود، لكن تجار الجملة يرجعون السبب إلى ارتفاع أسعار النقل الداخلي.
ووفقا لكمال فيصل، وهو مالك مكتبة لبيع القرطاسيات، الذي تحدث للأناضول، فإن الطالب الواحد بحاجة لدفاتر وكراسات وأقلام بمبلغ يصل الى 3 آلاف ريال ( 15 دولار)، بخلاف الحقائب المدرسية والزي المدرسي.
وفي بلد يفوق عدد سكانه الـ25 مليون نسمة، فإن غالبية الأسر لديها أكثر من 3 طلاب على الأقل ينخرطون في الدراسة الأساسية أو الثانوية.
بدوره، قال معتصم المرتضي، موظف حكومي: "لدي طالبان في المرحلة الأساسية والثانوية، تجاوزت مستلزماتهم المدرسية 22 ألف ريال (100 دولار)، وقمت بتأجيل تسجيل طفلي الثالث في الصف الأول حتى العام القادم؛ فالميزانية لا تسمح".
وأضاف في حديث للأناضول: "الدراسة انطلقت بين عيدين يستنزفان كل ما لدى اليمنيين من مدخرات، وأضاحي العيد على الأبواب، والوضع صعب للغاية، ارتفعت الأسعار لكن أجورنا كما هي، ولا تتجاوز 300 دولار غالبا".
ويصل سعر الزي المدرسي للطلاب في اليمن إلى 3 آلاف ريال (15 دولار)، فيما يتجاوز زي الطالبات 5 آلاف ريال (25 دولار)، وغالبا ما يعمل أولياء الأمور على تأمين طقمين دراسيين لأولادهم.
وإضافة الى المستلزمات المدرسية من دفاتر وحقائب وزي مدرسي، يجد أولياء الأمور أنفسهم أمام معضلة أخرى هي "أجور المواصلات"، التي ارتفع سعرها بواقع 20% عما كانت عليه في العام الماضي.
و بحسب المراقبين، فإن مواصلة جماعة الحوثي تسيير مظاهراتها داخل صنعاء، إضافة الى التجمعات المسلحة في مداخلها، سيجعل كثيرا من الأسر يحجمون عن تدريس أطفالهم، وخصوصا من يدرسون في نطاق المناطق الملتهبة كشمال العاصمة، أو المديريات الحدودية التي يتجمع فيها مسلحون قبليون.
كما يبدو مصير العام الدراسي في محافظة عمران، شمالي اليمن، مجهولا بعد سيطرة جماعة الحوثي على المحافظة قبل 3 أشهر، ونزوح مئات الأسر من المحافظة إلى صنعاء.
ويقول سكان محليون إن جماعة الحوثي تفرض على المناطق التي تبسط سيطرتها عليها، منهجا مختلفا عن المنهج الذي تقره وزارة التربية والتعليم، تطلق عليه "كتب المسيرة القرآنية"، التي يؤلفها زعيم جماعة الحوثيين "عبدالملك الحوثي" وشقيقه "حسين الحوثي" الذي قتلته القوات الحكومية في عام 2004.
وبحسب التقويم المدرسي الذي صدر به قرار وزاري، تبدأ إجازة عيد الأضحى المبارك، يوم الخميس 2 أكتوبر/ تشرين أول القادم، على أن تُستأنف الدراسة للفصل الدراسي الأول، يوم الأحد 12 من الشهر ذاته.