صحافة دولية

مدعي عام الجنائية تعرض تفاصيل جهود ملاحقة إسرائيل

المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية فاتوا بنسودة - أرشيفية
المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية فاتوا بنسودة - أرشيفية
رفضت المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية فاتوه بنسودة الاتهامات التي وجهت له برفض فتح تحقيق في جرائم اسرائيل بغزة بسبب الضغوط السياسية التي تواجهها المحكمة.

 وقالت بنسودة في مقالة له نشرت في صحيفة الغارديان البريطانية إنه "إذا ما نأى المراقب الموضوعي بنفسه بعيداً عن الغرق في الإثارة التي تحيط بهذا الموضوع، فإنه سيكتشف حقيقة أن مكتبي لم يكن في يوم من الأيام في وضع يؤهله لفتح أي تحقيق بسبب عدم توفر التفويض اللازم لذلك. وقد كنا دوماً نصرح، بوضوح وعلى الملأ، بأسباب هذا الوضع".
 
وقالت إنه من المعلوم أن إعلان روما، وهو المعاهدة التي تأسست بناء عليها المحكمة الجنائية الدولية، مفتوح أمام الدول للمشاركة فيه. بإمكان المدعي العام التحقيق والمقاضاة فقط في الجرائم التي ترتكب في أراضي، أو من قبل مواطني، دول انضمت إلى إعلان روما أو بديلاً عن ذلك قبلت بصلاحية المحكمة الجنائية الدولية من خلال إعلان بهذا الخصوص يفيد ذلك صراحة، انسجاماً مع ما نصت عليه المادة 12-3 من إعلان روما.
 
وأشارت إلى أن هذا يعني أن الجرائم التي يزعم بارتكابها في فلسطين خارجة عن الصلاحيات القانونية للمحكمة الجنائية الدولية، وذلك رغم دفوع بعض خبراء القانون بأن ثمة قواعد تفويضية أساسية يمكن صياغتها بموجب تفسير حر وانتقائي لإعلان روما.

ولفتت إلى أن هؤلاء الخبراء يجادلون فيما يبدو، بأنه طالما كان هدف المحكمة الجنائية الدولية هو الحيلولة دون إفلات من يرتكب جرائم حرب جماعية من المساءلة والعقاب، فإنه ينبغي على المحكمة أن تتدخل، حتى في الحالات التي من الواضح أنه لم تتوفر فيها المعايير التفويضية اللازمة و"مثل هذا الرأي لا هو قانون صالح ولا هو يؤسس لإجراء قضائي مسؤول".
 
وأوضحت أن السلطة الفلسطينية سعت إلى قبول صلاحيات المحكمة الجنائية الدولية في عام 2009، و"قد نظر مكتبي بعناية في كافة الحجج القانونية المقدمة، وخلص في إبريل من عام 2012 بعد ثلاثة أعوام من التحليل المعمق والاستشارات الموسعة إلى أن وضع فلسطين في الأمم المتحدة ككيان مراقب كان مطلباً أساسياً نظراً لأن الانضمام إلى إعلان روما إنما يتم من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تمثل دور الوصي على المعاهدة"

وقالت إن وضع فلسطين في الأمم المتحدة آنذاك كان يعني أنها غير مؤهلة للتوقيع على إعلان روما. ولذا استنتج المدعي العام السابق للمحكمة الجنائية الدولية بأنه نظراً لعدم قدرة فلسطين على الانضمام إلى الإعلان، فإنه لم يكن أيضاً بإمكانها تفعيل المادة 12-3 من الإعلان بما يمكنها من الانضواء تحت المعاهدة كما حاولت أن تفعل في ذلك الوقت.
 
وأشارت إلى أنه في نوفمبر من عام 2012 جرى ترفيع وضع فلسطين من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة لتصبح "دولة مراقب وغير عضو" وذلك من خلال تبني القرار 67/19. وحينها نظر مكتبي في المآلات القانونية لهذا التطور وخلص إلى أنه رغم أن هذا التغيير لا يفعل بأثر رجعي الطلب الذي تم التقدم به، ورفض، عام 2009، إلا أنه بات الآن بإمكان فلسطين الانضمام إلى إعلان روما.
 
وأضافت "ويؤكد صحة ما ذهبنا إليه أن فلسطين قامت منذ حصولها على وضع دولة مراقب بالتوقيع على عدد من المعاهدات الدولية الأخرى. إلا أن إعلان روما لم يكن، وحتى يومنا هذا، واحداً من تلك المعاهدات التي قررت فلسطين الانضمام إليها، كما أن فلسطين لم تتقدم بطلب جديد للانضمام إليه منذ صدور قرار الجمعة العامة في نوفمبر 2012. من المعلوم، عموماً، أن القادة الفلسطينيين عاكفون على التشاور فيما بينهم بشأن ما إذا كانوا سيقدمون على هذه الخطوة أم لا، ولذلك فالقرار قرارهم هم وحدهم، ولست مخولة بوصفي مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، باتخاذ القرار نيابة عنهم".
 
وقالت إنه ونظراً لطبيعة الصلاحيات الممنوحة للمحكمة، "فإن كل حالة تعرض على مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية ستكون لها دلالات سياسية. ومع ذلك، فإن صلاحياتي كمدع عام واضحة المعالم: ألا وهي التحقيق والمقاضاة في الجرائم بناء على البينات وتطبيقاً للقانون باستقلالية وحيادية تامتين".
 
وأشارت إلى أنه وسواء صدر التقويض الممنوح للمحكمة الجنائية الدولية عن دول أو عن مجلس الأمن الدولي، فإنه قرار مستقل تماماً عن المحكمة. ولكن، ما أن يصدر مثل هذا التفويض فإن القواعد القانونية المطبقة ستكون واضحة ولن تكون مسيسة بأي شكل من الأشكال أو تحت أي ظرف من الظروف. 

وقالت إنني "بينت بما لا يرقى إليه الشك، سواء بالفعل أو القول، أن مكتب المدعي العام سينفذ صلاحياته دون خوف أو ممالأة، حيثما منح له التفويض وتحققت له الصلاحيات، وسوف يتعقب بعزيمة لا هوادة فيها، بغض النظر عن المقام أو الانتماء، أولئك الذين يقومون بارتكاب جرائم جماعية تهز ضمير الإنسانية. ولن يشذ تعامل مكتبي مع فلسطين عن ذلك إذا ما منح التفويض لبدء التحقيق في هذه القضية".
 
وختمت  بنسودة مقالتها بالقول "أعتقد اعتقاداً جازماً بأن اللجوء للعدالة لا يجوز بحال أن يكون مجال مساومة تبعاً لأي حسابات سياسية. وإن الفشل في الالتزام بهذا المبدأ الأصيل لن يتسبب فقط في إعاقة إقامة العدل وفي توهين ثقة الجمهور بمؤسسات وآليات إقامة العدل، بل من شأنه أيضاً أن يفاقم من معاناة ضحايا الانتهاكات الجماعية البشعة. وهذا ما لن نسمح به أبداً، وبتاتاً".
التعليقات (0)