كتاب عربي 21

رؤية في الإصلاح في تونس: اقتصاد إنتاجي، الصناعات، اللوجيستيك، والسياحة

طارق الكحلاوي
1300x600
1300x600
بالإضافة إلى قطاعي الفلاحة والطاقة والتي نعتبرها في حزب المؤتمر قائدة في أي اقتصاد إنتاجي ضمن الخصوصيات والحاجات التونسية، هناك أيضا قطاعات أخرى وهي الصناعات الكهربائية - الميكانيكية، وصناعات التكنولوجيا، والنقل واللوجيستيك والسياحة. سنتعرض إليها تباعا. 

هناك مجال حقيقي وواعد للتوسع في قطاع الصناعات الكهربائية-الميكانيكية في تونس. الوطني. للقطاع أهمية جوهرية في تطور الصادرات التونسية من حيث الحجم و النمو، خلال السنوات الأربع الماضية، اضافة الى أنه  قطاع رئيسي في المساهمة في الناتج المحلي الخام ، كما يحتل المرتبة الثانية في المساهمة في احداث مواطن شغل  بعد قطاع  النسيج والملابس.الجدير بالذكر أن قطاع الصناعات الإلكترونية والكهربائية والأجهزة المنزلية من جهة و قطاع (IEEE) و  الصناعات الميكانيكية والمعدنية ساهموا بنسبة 24% و 13% على التوالي، في الصادرات سنة 2013.

ومن بين نقاط قوة هذا القطاع أأسعار المنتوج  التونسي جيدة باعتبار تكلفة اليد العاملة التونسية، وكثرة الجامعات ومراكز التدريب. في حين تتركز نقاط الضعف في  تراجع مردودية العمل كما هو الحال في جميع قطاعات الصناعة بما في ذلك فترة ما بعد الثورة، و سلسلة القيمة تقتصر أساسا في معظم الحالات على الإنتاج والتجميع والغياب شبه الكامل للبحث و التطوير (R&D) والقدرة على التحليل والتفقد وعمليات الدعم بصفة عامة. وايضا من نقاط الضعف  تأتي المواد الأولية بشكل رئيسي من مزودين و مصنعين بالخارج. ويقدر التزويد المحلي بنسبة 15? تقريبا للقطاع بأكمله، مما يقلل بشكل كبير من معدل القيمة المضافة المحلية في هذا القطاع. 

هناك فرصة حقيقية للتقدم في هذا القطاع بناء على على أن تكلفة اليد العاملة في الأسواق المنافسة لتونس في ازدياد مستمر (الصين، رومانيا وبولونيا) مما يعطي تونس ميزة تنافسية مهمة، وانتعاش الطلب في الأسواق الأوروبية في سنة 2014 . بالاضافة الى ذلك وجود اتفاقية تجارية وتعريفة ثنائية ومتعددة الأطراف (GZALE) قد تكون فرصة ممتازة لمنتوجات قطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية (IME) لتتمركز  بقوة في بلدان اتحاد المغرب العربي (UMA) مما يساهم  في تنويع الأسواق المستهدفة.

القطاع الاخر الجدير بالاهتمام هو تكنولوجيا المعلومات لاهميته البالغة ليس على مستوى الاقتصاد الانتاجي فحسب بل ايضا من جهة الرفع من مستويات الشفافية والحكومة الرشيدة. اذ هناك ارتباط واضح بين المردودية التجارية والتشغيلية لهذا القطاع وتوسيع مجال المعرفة والنفاذ للمعلومة وبالتالي الدمقرطة المحلية.

في سياق البعد الانتاجي تدعم رؤية الاصلاح في هذا القطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بشكل خاص اذ نعتبر ان الطريق الفعلي للابداع والتجديد مثلما حدث في دول اخرى يكمن في المهندسين الشبان وتوفير الدعم المالي لهم لتأسيس شركاتهم الخاصة. وعليه نقرتح بالنسبة لهذا النوع من الشركات تشجيع استعمال وسائل الدفع الذكية وتحديث وسائل العمل ووضع منصات دفع ذكية (الهاتف، NFC،CB  والخ)، ودعم ومساعدة منظمات الأعراف لعقد عقود إطار مع الممثلين الفاعلين في القطاع لتقديم خدمات مستجدة (Software Licensing, Cloud والخ) بأسعار مخفضة، وتقديم قسط رئاسي ب20 مليون دينار لتجديد تكنولوجيا المعلومات (الإندماج المحلي الأدنى يبلغ 40 بالمائة) بالموازاة مع التركيز الصناعي. وأخيرا بعث خطوط قروض خاصة للشركات الناشئة (Startups TIC) وللإبتكار التكنولوجي.

القطاع الاخر الذي يمكن ان يكون واعدا واحد مكونات القاطرة الانتاجية هو النقل واللوجيستيك.  إذ تظهر إحصاءات التجارة الخارجية التونسية أن النمو بالطن (بالحمولة) قد بلغ خلال الفترة 2003-2011 أقل بقليل من 55? للصادرات وأكثر من 70? بالنسبة للواردات. هذه الزيادة الكبيرة في الحمولة يسببها الضغط المسلط على نظام النقل والإمداد، والذي لم توازيه  زيادة في الإنتاجية أو الاستثمار، مما أدى إلى زيادة في تكاليف النقل والإمداد التي يتطلبها الطن الواحد من البضائع. في نفس الوقت، فإن نسبة النقل الخاص داخل البلاد التونسية بلغت أكثر من 40? من مجموع البضائع المنقولة سنويا والمقدرة بــ 22 مليون طن ، أما التجارة الخارجية، التي توفر ما يقرب من 5 أضعاف الحجم ( 95 مليون طن من البضائع المنقولة سنويا،) فإنه  يتم توفيرها في الغالب من قبل مشغلي الخدمات اللوجستية من الخارج.  

على الرغم من الاخلالات والقصور الموجود فإن موقع تونس الجيواستراتيجي ايجابي ومواتي لان تشهد أغلب القطاعات تطورا سريعا وناجعا كاحداث عدد من الموانئ وتهيئتها، والمطارات ومزيد تطويرها والعناية بالاجراءات والممارسات الجيدة في اللوجستيك في التجارة البحرية وتحسين نظام الرقابة الجمركية ، شركات الخدمات اللوجستية التي تساعد على تطوير البنية التحتية للطرقات، وتطوير شبكة السكك الحديدية. فتونس امام خيار حقيقي لتصبح مركزا إقليميا للخدمات اللوجستية، مع استراتيجية و خدمات عالمية المستوى للتجار الدوليين، خاصة على مستوى خدمات الصيانة ومناولة السفن والطائرات والمنصات ومناطق التخزين والتعامل مع تدفق البضائع العابرة، الخ 

أخيرا يمثل قطاع السياحة 6% من الدخل القومي الخام وهو أحد أهم القطاعات التقليدية التي يمكن ان تتطور بشكل سريع. ويمكن تحسين هذه النسبة حيث أنها تمثل نصف نسبة مساهمة مداخيل السياحة من الدخل القومي الخام في دول مجاورة مثل تركيا اليونان وإسبانيا.

قبل الثورة بلغ القطاع حدوده رغم نسبة نمو مستقرة لتوافد السياح وذلك بسبب ضعف مردود السياحة وهيمنة وسائل التوزيع الكبرى العالمية. كما أن هيكلة النزل والإرتقاء بها لمتطلبات سوق ماانفكت تتطور لم تكتمل. 

ومن الواضح ان الاجراءات العملية في هذا القطاع تتطلب ما يلي: تطوير طرق التسويق لتونس كوجهة سياحية، توفير وتسهيل سبل تنقل السياح إلى تونس، تحسين مستوى الموارد البشرية وتوفير الكفاءة في الإختصاصات المختلفة التي يحتاجها القطاع السياسي، الارتقاء بمستوى مراكز الإيواء السياحي وتطوير العروض السياحية التونسية،  تحديث المؤسسات الحكومية وطريقة تسييرها ومواكبتها السبّاقة لتطورات الطلب، تنشيط القطاع عبر تكثيف وسائل ترفيهية وثقافية حول المرافئ السياحية، هيكلة قطاع السياحة الداخلية وخلق عروض خاصة بها.
التعليقات (0)