صحافة إسرائيلية

تحقيق لهآرتس: لا نملك خططا أو تدريبات ضد أنفاق غزة

أنفاق ومواقع قتالية لكتائب القسام في غزة - الأناضول
أنفاق ومواقع قتالية لكتائب القسام في غزة - الأناضول
نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تحقيقا، الجمعة، كشفت فيه أن الجنود الإسرائيليين خاضوا الحرب الأخيرة على قطاع غزة دون خطط أو تدريبات أو عتاد يتصدى للأنفاق التي يهاجمهم منها مقاتلو "حماس".

وأوضحت أنه "رغم المعرفة بوجود أنفاق حماس إلا أن المشكلة لم تستوعب بكاملها إلا مع نشوب الحرب، وبالتالي فقد كانت معالجة الجيش لهذه لمشكلة في الغالب ارتجالية وغير كاملة"، وفق تحقيق الصحيفة.

وأشارت الصحيفة في تحقيق لها تحت عنوان "الجنود يتصدون للأنفاق، بلا خطط، بلا تدريبات وبلا عتاد مناسب"، إن هناك فجوات كبيرة في التأهيل بالجيش الإسرائيلي، من حيث التدريب وفي العتاد جعلت من الصعب على الجيش الإسرائيلي القيام بمهامته الأساسية في الحرب التي كانت في الصيف في قطاع غزة، وعدم التوصل إلى طريقة لتدمير الأنفاق الهجومية التي حفرتها "حماس" من القطاع إلى خارجه.

ونقلت الصحيفة عن ضابط هندسة إسرائيلي كان يعمل على العثور على الأنفاق قوله: "فجأة ترى أمام ناظريك عملية خطط لها لعمق نحو 300 متر أو أكثر داخل أراضينا (الأراضي المحتلة). أنت تدخل النفق وتفهم بأنه لم يستهدف فقط اختطاف جندي على مقربة من الجدار، بل يمكنه أن ينقل قوات للعدو بحجم كبير في غضون وقت قصير إلى ما وراء خطوطنا والهجوم من هناك".

وبينت الصحيفة أن الأنفاق الهجومية يمكن أن تستخدمها "حماس" لهجوم منسق ضد عدة أهداف كضربة أولى في جولة القتال مع الجيش الإسرائيلي، أو كبديل، لهجوم مفاجئ في ما وراء خطوط قوات الجيش الإسرائيلي.

وتابعت بأن "سلسلة الحلول التكنولوجية للعثور على الأنفاق والتي درستها مديرية تطوير الوسائل القتالية في وزارة الدفاع (مفات)، لم تنتج ردا يسمح بالعثور المنهاجي على فتحات الأنفاق في الجانب الإسرائيلي. أما السياسة التي أملتها القيادة السياسية وهيئة الأركان، فقد رفضت معالجة هجومية مانعة من الجيش الإسرائيلي في الجانب الفلسطيني من الجدار. فلم تقصف من الجو مسارات الأنفاق التي شخصتها في أراضي القطاع، ولم تبعث أيضا بقوات برية كي تضربها خشية أن تؤدي خطوة مسبقة من جانبها إلى اشتعال مواجهة عسكرية مع حماس".

مشاكل في التدريبات

أوضحت الصحيفة مدى التشتت العسكري الإسرائيلي في طريقة مواجهة خطر الأنفاق وكيفية تدريب الجنود الإسرائيليين على مواجهتها، "فقد اكتفى الجيش بإقامة أنفاق قصيرة نسبيا في ثلاث منشآت تدريب قيادية، في الشمال، في الوسط وفي الجنوب. إلى جانب واحدة منها أوجدت قبل نحو سنة لم تترك انطباعا عميقا، فقد بدت هذه مثل قناة قتالية عادية، مغطاة بسقف، وليس مجال قتال مركب".

وأشارت إلى أن معظم كتائب المشاة النظامية والوحدات الخاصة اختبرت الأنفاق فقط في تدريبات قصيرة لم يكن فيها تقريبا أي مضمون حقيقي.

وكانت الاستعدادات في وحدات الاحتياط -حتى في كتائب الهندسة القتالية، التي اعتمد عليها الجيش بقدر كبير في الحرب على غزة– من سطحية حتى غير موجودة. فضباط وجنود الاحتياط من كتائب الهندسة قالوا إن التدريبات التي اجتازوها، مرة في السنة أو السنتين، كانت تتطابق الأدوار التقليدية للسلاح، مثل اقتحام حقول ألغام. لم يتحدثوا عن أنفاق.

ولفتت الصحيفة إلى أن لواء "جفعاتي" عني قبل بتطوير نظرية قتالية للمجال تحت الأرضي، ولكنه لم يتوصل لشيء بعد.

الخطط لم تكن ملائمة

وقالت الصحيفة في تحقيقها إن الخطط العملياتية التي كانت تحت تصرف الجيش الإسرائيلي لغرض العملية البرية كانت بعيدة عن الكمال. "فالخطط الأصلية لدى قيادة المنطقة الجنوبية كادت لا تلمس الأنفاق، بل تضمنت بعض مدرجات السيطرة، المتعمقة، على مناطق القطاع.

ووفق تحقيق الصحيفة، "غاب عن لواء جولاني، مثلما بعض الطواقم القتالية اللوائية، عناصر جوهرية من المفاجأة والحيلة. فجنود جولاني، الذين هجموا جبهويا، اصطدموا بمقاومة شديدة، استثنائية من حماس"، الأمر الذي أدى إلى مقتل 16 من مقاتلي اللواء وجرح الباقي.

تدمير الأنفاق

هكذا، دون نظرية قتالية مفصلة ومتدرب عليها بما يكفي، مع معرفة عملية دنيا وخطة عملياتية تم وضعها رقعة فوق رقعة، مع كمية غير كافية من الوسائل لتدمير الأنفاق، دخلت القوات إلى القطاع، بحسب الصحيفة. 
 
وفوجيء الجنود الذين عملوا في القطاع من عدد الفوهات ومن تفرعها، ما استدعى تمشيطات طويلة. ولم يكن للجيش الإسرائيلي الآليات الهندسية الكافية لأن يعالج  في وقت قصير هذا العدد الكبير من الأنفاق.  

"الصعوبة الأكبر كانت تتعلق بتفجير الأنفاق"، وفق الصحيفة، مضيفة أن الأساليب والوسائل التي كانت لدى الجيش الإسرائيلي كانت ملائمة لسطح الأرض فقط.

وأوضحت أن المشكلة هي أن "أحدا لم يعرف ولم يخطط مسبقا لكيفية معالجة الأنفاق. وكاد كل شيء يتم بشكل عفوي في الميدان".

ووفق تحقيق الصحيفة، فمنذ أن عاد محمد ضيف إلى رئاسة الذراع العسكري لحركة "حماس" بعد اغتيال أحمد الجعبري في بداية الحملة. وإلى جانب تعزيز منظومة الصواريخ، بذلت الحركة جهدا خاصا في تطوير الأنفاق الهجومية وفق قرار منه، حيث رأى في الأنفاق مشروعا استراتيجيا.
التعليقات (0)