كتاب عربي 21

خطاب إيران وحلفائها متلبسا بالفضيحة

ياسر الزعاترة
1300x600
1300x600
قبل أسابيع بدأ أحد أدعياء الممانعة والمقاومة في صحيفة الأخبار اللبنانية التابعة لحزب الله تحليله حول التنسيق بين النظام السوري وبين الأمريكان فيما يتعلق بالضربات ضد تنظيم الدولة بالقول: "عبر 3 قنوات على الأقل جرى التنسيق مع سوريا في شأن الضربات ضد داعش؛ العراق وروسيا والأمم المتحدة. لم يقتصر الأمر على مجرد "إبلاغ" القيادة السورية، بل حصل تنسيق فعلي. ثمة معلومات عن وفود عسكرية واستخبارية أمريكية زارت دمشق في الفترة المنصرمة. وهناك معلومات أخرى عن رسائل إيجابية من دول أوروبية وفي مقدمها المانيا". 

نشر التحليل بعد يومين من إعلان الحكومة السورية ترحيبها بالضربات الأمريكية ضد تنظيم الدولة، الأمر الذي جاء بدوره بعد تحذير من تلك الحكومة بأن توجيه ضربات من دون تنسيق معها سيُرَد عليه، وسيُعتبر انتهاكا للسيادة السورية، وفيما قال النظام إن تنسيقا قد تم معه، بادرت واشنطن إلى نفي ذلك، ويبدو أن تحليل صاحبنا الذي يعنونه بـ"خيوط اللعبة" إنما يأتي في محاولة للدفاع عن بؤس النظام.

لا يُستبعد بالطبع أن تنسيقا قد تم بين الطرفين، وأن رد الأمريكان إنما جاء مجاملة لبعض الأطراف العربية المنخرطة في التحالف، والتي يعنيها أن لا تظهر بمظهر من يقف ضد ثورة الشعب السوري؛ هي الذي باعت على الكثيرين أنها معه؛ الأمر الذي تم استجابة للشارع المنحاز للثورة بقوة، لكن الموقف الأمريكي لم يعد غامضا من حيث رفضه لأي عمل يؤثر سلبا على وضع النظام.

على أن الفضيحة هنا هي فضيحة النظام وحلفائه وشبيحته، فحين تبلغ بهم الوقاحة حد الافتخار بوجود ذلك التنسيق مع الأمريكان، فهذا يعني أن تنظيم الدولة ليس عميلا أمريكيا ولا صهيونيا، ولا حتى سعوديا كما روّجوا طوال ثلاث سنوات، كما يعني أن الثورة السورية ليست مؤامرة على نظام المقاومة والممانعة، بل هي مؤامرة على أشواق الشعب السوري في الحرية والتحرر.

يعلم كاتب المقاومة والممانعة الثوري أنه ما من أمر يُبرم في هذه المنطقة في السياسة الأمريكية من دون التفاهم مع نتنياهو، لأن للأخير في الكونغرس من التأييد أكثر من أوباما نفسه، ما يعني أن الحفاظ على النظام، ومن ثم مطاردة تنظيم الدولة يمثل مصلحة للكيان الصهيوني، أو تتم برضا ومباركة منه في أقل تقدير.

على أن الفضيحة الأكبر من كل ذلك هي تلك التي تمثلت في تصريح إيراني يشبه تصريح رامي مخلوف الشهير لنيويورك تايمز قبل عامين ونصف حين اعتبر أن أمن الكيان الصهيوني مرهون ببقاء الأسد، فقد قال نائب وزير الخارجية الإيراني إن سقوط بشار الأسد كفيل بالقضاء على أمن إسرائيل؛ هكذا بكل وضوح. وهو التصريح الذي سكت عنه تماما أدعياء الممانعة، ووسائل إعلامهم الكثيرة.

هنا، والآن، بل منذ عامين تتساقط مقولات القوم ودعايتهم في الوحل، ويسقطون هم أيضا، فهذا التحالف بين الأقليات الذي صنعوه وروّجوا له في مواجهة الغالبية هو أيضا مصلحة إسرائيلية، وهو الذي سيخدم البرنامج الصهيوني في المنطقة، والذي لم يخدمه أحد كما خدمته إيران بدعمها لنظام بشار الأسد الذي أدى إلى استنزاف الجميع، بما فيه هي نفسها، والتي تتحرك باتجاه اتفاق نووي، ورعت تسليم الكيماوي السوري، فيما يمارس روحاني الغزل مع الصهاينة بمناسبة وبدون مناسبة. وفي النهاية لا يمكن لنتنياهو إلا أن يفضل بشار الضعيف المنهك على أية خيارات أخرى غير مضمونة.

في العراق قبل سوريا، يتساقط الخطاب الذي يوزعه التحالف الإيراني، ومن ضمنه حزب الله الذي يبدي أمينه العام تحفظا على التحالف الدولي، وذلك في محاولة لحفظ ماء الوجه، تماما كما كان انتقد قبل سنوات على استحياء تعاون أصحابه في العراق مع الاحتلال الأمريكي، يوم كان تنظيم الدولة وقوى المقاومة العربية السنية تقاتله بشراسة. أما في العراق الآن، فاللقاء مع "الشيطان الأكبر" مفضوح تماما كدفعة أولى قد تتبعها دفعات فيما يتصل بالاتفاق النووي، وربما بتفاهم حول سوريا كما يأمل المحافظون في إيران خوفا على ركنهم الإستراتيجي الذي قد يتبعونه إذا سقط، في سياق من محاسبة الشعب الإيراني لهم على مغامرات لم تفض إلى للمعاناة من دون جدوى.

إنها فضائح الطائفية في ذروة تجلياتها، والتي تكتمل الآن، بل اكتملت عمليا في اليمن، وحيث التقى حلفاء إيران مع النظام المخلوع في ثورة مضادة ضد الثورة الأصيلة، وفي لقاء أيضا مع أنظمة الثورة المضادة العربية ضد الإسلام السياسي السنّي.

هنا في اليمن كان المشهد أكثر فضائحية، فحديث الثورة اليمنية من قبل فئة لا تتجاوز عُشر السكان سيطرت على العاصمة ثم محافظات أخرى بالقوة المسلحة، وبالتعاون مع النظام المخلوع لم تقنع حتى الأطفال، ولم تمررها سوى عقول (الأصح نفوس) أسوأ الطائفيين.

فقط في سوريا كان على الشعب أن يستجيب لنداءات نصرالله بترك السلاح واللجوء إلى الحوار، بينما كان على الحوثيين أن يفرضوا شروطهم بقوة السلاح، مع ضرورة التذكير بأن هادي لا يُقارن أبدا بدكتاتورية بشار وطائفيته وفساده.

إنها حرب معلنة من الأقلية في الأمة على الأغلبية، وكما ألقت إيران بالعلويين في أتون حرب طاحنة، ها هي تورط الحوثيين أيضا، وقبل ذلك لم تنصح المالكي بتجنب الإقصاء والطائفية، وهي مسؤولة في المحصلة عن تفجُّر العنف في العراق وسوريا، وهي التي ستفجّره الآن في اليمن ضد الحوثيين، وقد بدأ بالفعل.

إيران ببساطة تمارس أبشع أنواع الطائفية، وتدمِّر التعايش في المنطقة، في ذات الوقت الذي تخوض فيه حربا لن تربحها بأي حال، ولو أمتدت عشر سنوات؛ والأيام بيننا، مع أن مسلسل الدمار والمعاناة سيطال الأمة بأسرها، ولن يكسب منه سوى الكيان الصهيوني وحلفاؤه.
التعليقات (4)
Sam
السبت، 18-10-2014 02:48 م
بدأت ثوره سوريه ضد نضام فاشي فقلبت انضمه عالميه فاشيه ضد الثوره . قال أهل سوريا مالنا الا انت يا الله فرد بشار مالي غيرك يا اسرائيل واميركا وووو. ولكن في نهايه المطاف كلمه الله هي العلوي
عبدالله ناصر
السبت، 18-10-2014 10:57 ص
مشكلة ا?غلبية السنية ليست مع ا?قلية يا استاذ وانما مشكلتها ا?ولى مع انظمتها المستبدة الفاسدة الظالمة التي اهلكت الحرث والنسل والتي ?يهمها ا? كراسي حكامها فساهمت في تدمير العراق الذي كان بمثابة السد الذي حمى البلاد العرببة من الهيمنة الفارسية وكذلك دور هذه ا?نظمة المخزي بالتعاون مع اعداء ا?مة بما فيهم االفرس في القضاء على ثورات الربيع العربي ومشكلة السنة ا?خرى مع السلفية الوهابية التي اختطفت السنة وكفرت الجميع ولم تستثني ? اقلية و? اغلبية ثم فرخت القاعدة وداعش فكان اجرامهما على السنة ?يقل عن اجرامهما على غيرهم من المسلمين فحدث هذا الصراع الطائفي الذي وقوده المتطرفون من الصفوية والوهابية والمستفيد منه الغرب الصهيوني وربيبته اسرائيل وحلفائه طغاة العرب والفرس.
خميس بن عبيد القطيطي سلطنة عمان
السبت، 18-10-2014 09:09 ص
إقرأ جيدا ما قاله نائب وزير الخارجية الايراني ولكن لو قرأته مليون مرة فلن تتغير فكرتك...
عثمان حسن
الجمعة، 17-10-2014 11:51 م
لافض الله قلمك وجعلك ناصرا للحق ارجو ان.تضيف لمماتك ان علماال سعود وتابعيهم في العالم يرددون نفس نغمة الروافض ان الدوله صنيعة امريكية الدولة.الاسلامية غاية في الذكاء هي ةعميلة للجميع