ملفات وتقارير

الإحالة إلى القضاء العسكري بمصر بين الحكمة والعسكرة

إحالة صحفيين إلى النيابة العسكرية - أرشيفية
إحالة صحفيين إلى النيابة العسكرية - أرشيفية
أثار قرار الجنرال عبد الفتاح السيسي، بمنح القوات المسلحة مشاركة جهاز الشرطة في حماية وتأمين المنشآت العامة و الحيوية بالبلاد وذلك لمدة عامين وإحالة المتعدين إلى القضاء العسكري؛ العديد من ردود الأفعال الغاضبة والمؤيدة أيضا في أوساط السياسيين و جدلا قانونيا حول دستوريته.
 
ففي الوقت الذى يرى فيه قانونيون أن القانون دستوري واصفين إياه بـ"القرار الحكيم"، رأى سياسيون أن القانون يحول مصر لمعسكر كبير وخطوة في اتجاه "عسكرة الدولة".

ونص القرار  الصادر عن السيسي الاثنين "على أن تتم "محاكمة كل من يتعدى على المنشآت العامة أمام المحاكم العسكرية والقضاء العسكري".

ورغم أن القضاء العادي يختلف عن القضاء العسكري في عدة أمور، فالقضاء العادي مثلا يجيز للمتهم أن يطعن بالنقض مرتين وتعاد القضية في كل مرة إلى ما كانت عليه من جديد، وهذا ما يجعل القضايا تنظر لسنوات عديدة. أما في القضاء العسكري فيصدر الحكم ثم يقدم المتهم التماسًا إلى الحاكم العسكري الذي يكون له إما أن يصدق أو يلغي الحكم. وفي حالة التصديق يطبق الحكم فورًا. إلا أن بعض القانونيين يقولون إنه لا فرق بينهما.

 
السياسيون: القانون عسكرة جديدة للدولة
 
ومن جانبه قال عمرو عبد الهادي القيادي بجبهة الضمير، إن هذا القرار يظهر فشل الشرطة والبلطجية طوال 15 شهرا في إيقاف المتظاهرين، ويدل على اعتراف من السيسي بإنهاكهم.
 
وأضاف عبد الهادي في تصريحات صحفية، أن هذا القرار بمثابة فرض الأحكام العرفية ودفع الجيش للأمام رسميا عبر قانون يعتبر بداية النهاية للسيسي.
 
بدوره قال أحمد إمام، الناطق باسم حزب مصر القوية "إن الحكومة تريد تحويل مصر إلى معسكر كبير؛ والمسؤولون يتحركون في اتجاه عسكرة الدولة، وقمع الحريات، وإغلاق الباب أمام جميع الطرق الديمقراطية الموجودة".
 
بينما أكد الناشط السياسي محمد إبراهيم عضو حزب مصر القوية، أن هذا القرار استمرار لعسكرة الدولة، ويكشف خطة العسكر في محاكمة المعارضين عسكريًا بحجة التظاهر أمام منشآت عامة.
 
وأضاف في تصريحات صحفية أن هذا القرار سيمنع المظاهرات العمالية في القطاع الحكومي لأنها منشآت عامة، وسيتولى الجيش حراستها، فيحاكم العمال عسكريًا، ويحاكم الطلبة المتظاهرين في الجامعات عسكريًا أيضا، لأن الجامعة منشأة عامة، مشيرًا إلى أن الانقلاب يستعد لحملة قمعية جديدة.
 
وقال الناشط كريم الصاوي تعليقًا على القرار :"أنا لو منك و الله أعمل أحكام عرفية و حظر تجوال و أهي حجه كويسة عشان تأجل انتخابات مجلس الشعب الجاية".
 
وأضاف كريم في تدوينة له على "فيسبوك": "وإن كان ع الشعب بسيطة.. خلي الناس بتاعتك ف الإعلام تشتغل أكتر على موضوع مكافحة الإرهاب و محدش فاهم أي حاجة وحسبي الله ونعم الوكيل".
 
وأكد الناشط أحمد إيهاب أننا أصبحنا في عسكرة كاملة مثل الصومال، وأضاف أن هذا القرار موجه بشكل مباشر إلى طلبة الجامعات، فأي طالب سيتظاهر سيتهم بتهمة إتلاف ممتلكات عامة والتعدي على منشآت حكومية، وسيكون مصيره المحاكمة العسكرية.
 
وتابع في تدوينة له على "فيسبوك": "سوف يؤدي هذا إلى تدمير الجيش المصري، فالثورة القادمة سوف تكون ضد الجيش".

وأضاف: "أنا نفسي اعرف انتو زقين الجيش في كل حاجة ليه. أمال الشرطة الي تعدادها أكتر من جيوش المنطقة كلها بتعمل إيه؟ سيبو الجيش في حاله يأمن حدودنا والشرطة تعمل دورها".
 
 
قانونيون: القانون قرار حكيم
 
عبد الغفار شكر رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، قال بدوره إن قرار السيسي بتولي القوات المسلحة حماية المنشآت العامة، يعني أن أي اعتداء على المنشآت العامة، هو اعتداء على القوات المسلحة، ولذلك سيختص به القضاء العسكري.
 
وأضاف شكر في تصريحات صحفية، أن هناك مخاوف من هذا القرار، الذي يتيح للقضاء العسكري النظر في العديد من الملفات، بحيث تشمل مسؤولياته النظر في قضايا المجتمع بأكمله، مشيرا إلى أنه بعدما كانت محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري تتم في حالات محددة، أصبحت الآن تتم في حالات عدة.
 
وأكد رئيس الحزب أن كل المخاوف تتمثل في تعدد مهمام القضاء العسكري، عكس ما كان مطلوبًا، مضيفًا أن القوى السياسية مازالت تدرس قرار الرئيس إبان نشره بعدة ساعات.
 
ويرى المستشار حسن حسانين رئيس محكمة جنايات القاهرة، أن قرار القضاء العسكري بضم قضايا الإرهاب إليه ليختص بنظرها "قرار حكيم" واستثنائي في ظروف استثنائية تحتاج لمثل هذه القرارات.
 
وأضاف حسانين أنه يجوز أن يتم الأمر بشكل آخر وهو أن تصدر السلطة التشريعية في حال انعقادها قانونا وفي حالة عدم انعقادها يقوم محلها رئيس الجمهورية مرسومًا بقانون بأن يختص القضاء العسكري بقضايا الإرهاب.
 
وأكد حسانين أنه لا خلاف على أن القضاء العادي والعسكري كلاهما ينشد العدالة وإعادة الحق لأصحابه، بحسب زعمه.
 
من جانبه، أكد المستشار عمرو عبد الرازق رئيس محكمة أمن الدولة السابق أن قرار مجلس الوزراء برئاسة المهندس إبراهيم ومحلب بتعديل قانون القضاء العسكري، لإضافة قضايا الإرهاب لاختصاصه أمر قانوني ودستوري، وذلك وفقا للمادة 204 من الدستور المصري والمادة 86 من قانون العقوبات، مؤكدًا أن هذه العمليات تعد تعديا على حرمة البلاد ويجب أن يتم محاكمتها أمام القضاء العسكري، لأن القضاء المدني قوانينه وضعت منذ عام 1934 وتحتاج إلى مزيد من التعديلات لسرعة الفصل في مثل هذه القضايا العاجلة.
 
بينما قال الدكتور عماد الفقي أستاذ القانون الجنائي ومستشار المنظمة العربية لحقوق الإنسان، إن الاعتداءات التي يستهدفها القرار الصادر عن رئيس الجمهورية بتحويل المعتدي على منشأة عسكرية للمحاكمات العسكرية، تشمل عدة أنواع بموجبها يتم القبض على المعتدي، ومعرفة ما إذا ما يجب محاكمته.
 
وأوضح الفقي، خلال تصريح صحفي، أن إتلاف المنشأة أو تخريبها أو تعطيلها أو عرقلتها عن تحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها، أو القيام بأية أفعال تؤدي لتعطيل سير العمل، أو تعطيل الطريق، وتكدير صفو العمل. كل ذلك يدخل في إطار الاعتداء على المنشأة، وبالتالي عقاب المعتدي أمام المحاكم العسكرية.
 
وأضاف مستشار المنظمة العربية لحقوق الإنسان، أن التظاهر السلمي أمام أي وزارة أو نقابة أو منطقة حيوية بالدولة لا يعد تعديا من المتظاهر على المبنى، ولا يدخل في إطار التجريم وفقًا للقانون، لأن حق التظاهر مكفول بالدستور وفق ضوابط معينة، وطالما التزم المتظاهرون بالحدود التي وضعها الدستور، والتزموا السلمية، لا تتم محاكمتهم عسكريًا.
 
وأكد أستاذ القانون الجنائي، أن من يتظاهر بشكل مفاجئ دون تصريح بذلك أمام منشآت الدولة الحيوية سواء مدنية أو عسكرية، يعاقب أمام القضاء المدني بتهمة التظاهر دون ترخيص، وليس أمام قضاء عسكري بتهمة الاعتداء على المنشأة، موضحا أن التظاهر دون ترخيص ليس اعتداء على المنشآت.
 
واختتم الفقي تصريحاته مؤكدًا أن هذا التعديل في القانون غير دستوري ومخالف للمادة 204 من الدستور المصري، فمن أقر بالتعديل لا يلتزم بضوابط المشرع
 
وكان علاء يوسف، المتحدث الرسمي باِسم الرئاسة في بيان اليوم، قال إن "هذا القرار بقانون يستهدف حماية المنشآت العامة والحيوية للدولة مثل محطات وشبكات وأبراج الكهرباء وخطوط الغاز وحقول البترول وخطوط السكك الحديدة وشبكات الطرق والكباري وغيرها من المنشآت الحيوية والمرافق والممتلكات العامة وما في حكمها ضد أي أعمال إرهابية".
 
وأضاف أن القرار يعتبر أن هذه المنشآت الحيوية في حكم المنشآت العسكرية طوال فترة تأمينها وحمايتها بمشاركة القوات المسلحة، والتي ستمتد لمدة عامين من تاريخ إصداره"، مشيرا إلى أن "الجرائم التي ترتكب ضد هذه المنشآت تحال إلى النيابة العسكرية لعرضها على القضاء العسكري للبت فيها".
 
وأشار إلى أن هذا القرار تم إصداره بعد أخذ رأي مجلس الدفاع الوطني وبعد موافقة مجلس الوزراء، وبناءً على ما ارتآه مجلس الدولة، بحسب البيان.
التعليقات (0)