ملفات وتقارير

من فجّر منازل قيادات فتح في غــزة؟

مراقبون لا يستبعدون وقوف الصراع بين عباس ودحلان خلف التفجيرات ـ أرشيفية
مراقبون لا يستبعدون وقوف الصراع بين عباس ودحلان خلف التفجيرات ـ أرشيفية
رأى مراقبون فلسطينيون، أنه من الصعب التكهن بهوية المسؤول عن التفجيرات التي استهدفت، فجر الجمعة، منازل قيادات في حركة فتح، بمدينة غزة.

واتفق محللون على أنّ هذه التفجيرات "تحمل الكثير من الضبّابية، ولا يمكن بسهولة تحديد هوية فاعلها، لتشابك الظروف السياسية والميدانية، وأن أكثر من جهة، وطرف قد يكون هو المتهم".

وفجّر مجهولون، فجر الجمعة، أجزاءً من عدة منازل لقيادات في حركة فتح، ومنصة الاحتفال بذكرى رحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، (زعيم الحركة) بعبوات ناسفة، دون أن يسفر ذلك عن وقوع إصابات.

وتزامنت التفجيرات في وقت واحد، واستهدفت منازل كل من، محافظ غزة وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح السابق، عبدالله الافرنجي، وعضو المجلس الثوري للحركة، محمد النحال، والمتحدث باسم الحركة، فايز أبو عيطة، وعضو الهيئة القيادية للحركة، عبد الرحمن حمد، ووزير شؤون الأسرى  الأسبق، هشام عبد الرازق، وعضو المجلس التشريعي (البرلمان)، فيصل أبو شهلا، وقيادات أخرى".

و"في الواجهة يطل صراع القيادي المفصول من حركة فتح، محمد دحلان، مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (زعيم حركة فتح بعد وفاة عرفات)"، كما يرى الكاتب والمحلل السياسي،عبد الستار قاسم.

ويقول قاسم :"هذه التفجيرات، يصعب الجزم، بهوية فاعلها والمسؤول عنها، ما لم يتم تحديد ذلك من قبل الأجهزة الأمنية، والجهات المختصة، في قطاع غزة، ولكن ما جرى من استهداف لمنصة الاحتفال بذكرى عرفات، وعدد من قيادات فتح، يعيدنا إلى واجهة صراع دحلان-عباس من جديـد".

ويرى قاسم أنّ "الخصومة بين الرجلين، وحالة الاستقطاب الحادة بين أنصار كل طرف منهما في قطاع غزة، قد تؤدي إلى مثل هذه التفجيرات، وأن يتحول الصراع السياسي إلى ميداني".

وكان دحلان، قد شنَّ في آذار/ مارس الماضي، هجوماً لاذعاً وعنيفاً، على الرئيس عباس، عبر مقابلة تلفزيونية، عقب اتهام الأخير له بالتورط في أعمال "قتل وسرقة".

وسبق أن اتهم عباس، دحلان في اجتماع المجلس الثوري لحركة فتح، بـ"التخابر مع إسرائيل، والوقوف وراء اغتيال قيادات فلسطينية"، كما اتهمه بالمشاركة في "اغتيال الراحل ياسر عرفات"، وهو ما ينفيه دحلان.

غير أن قاسم، "لا يستبعد دعم بعض عناصر من حركة حماس لهذه التفجيرات، لإيصال رسالة لحركة فتح وزعيمها محمود عباس، أنّ الفوضى هي البديل عن عدم تلبية احتياجات الفلسطينيين في قطاع غزة".

وفي هذا الصدد، يقول "هناك تيارات داخل حركة حماس ترفض المصالحة مع فتح، وترفض إقامة مهرجان للحركة التي تتهمها بعدم تطبيق شروط المصالحة، لهذا فإن سيناريو الفوضى والفلتان الأمني وارد".

وكان المتحدث باسم حركة فتح بالضفة الغربية، أسامة القواسمي، قد اتهم حركة حماس "بتفجير منازل قيادات حركة فتح في قطاع غزة"، واصفاً التفجيرات بـ"الجبانة الدنيئة"، ومنفذيه بـ"خفافيش الليل".

غير أن حركة حماس، وعلى لسان المتحدث الرسمي باسمها، سامي أبو زهري، أدانت التفجيرات، ودعت الأجهزة الأمنية للتحقيق وملاحقة المتورطين وتقديمهم للعدالة.

من جهته، يرى حسام الدجني، المحلل السياسي والكاتب في عدد من الصحف الفلسطينية، أن "تزامن التفجيرات، في وقت واحد، ودقة الأهداف، وخليط الأسماء ما بين تيار دحلان، وعباس، من شأنها أن تُسقط خيار الصراع الفتحاوي".

ويقول :"لهذا من حق البعض أن يشير بأصابع الاتهام لحركة حماس كون بعض عناصرها والمحسوبين عليها أطلقوا حملة لمنع مهرجان عرفات".

غير أن الدجني، يتفق مع الرأي السابق(عبد الستار قاسم) في صعوبة تحديد هوية الفاعل، في ظل الظروف السياسية التي وصفّها بـ"المُعقدّة".

وكان أنصار من حركة حماس أطلقوا حملة، على مواقع التواصل الاجتماعي، تهدف إلى منع توافد أنصار حركة فتح إلى مهرجان إحياء الذكرى العاشرة لرحيل عرفات،المقررة في 11 الشهر الجاري، واستنكر البعض تأمين وزارة الداخلية بغزة للمهرجان في ظل ما وصفوه بـ"تنكر الرئيس عباس، وحكومة الوفاق للموظفين العسكريين التابعين لحكومة حماس السابقة".

وتلقى موظفو حكومة حماس، نهاية الشهر الماضي، دفعات مالية من رواتبهم المتأخرة، تقدر بـ1200 دولار أمريكي، تبرعت بها دولة قطر.

واقتصرت الدفعات المالية على موظفي الوزارات المدنية ( نحو 24 ألف موظف مدني)، واُستثني منها أفراد الشرطة، وقوات الأمن الوطني، التابعة لوزارة الداخلية.

وكانت حكومة الوفاق، شكلت مطلع حزيران/ يونيو الماضي، لجنة قانونية لدراسة أوضاع الموظفين المهنية، للتوصل إلى مدى احتياج الحكومة لهم، على أن يتم البت في أمرهم بعد أربعة شهور من تشكيلها.

ويقدر عدد الموظفين الذين عينتهم حكومة حماس، بعد الانقسام الذي حصل عام 2007، بنحو 40 ألف موظف عسكري ومدني، وتبلغ فاتورة رواتبهم الشهرية قرابة 40 مليون دولار.

بدوره، لا يستبعد هاني البسوس، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية بغزة، أن تكون هناك أيادٍ وصفها بـ"الخفية"، تعمل لصالح "زعزعة الداخل الفلسطيني، وإشغال الساحة بدوامة الفوضى والعنف".

ويقول البسوس:"من المستبعد قبل أن تنتهي التحقيقات، وملابسات الحادثة، الكشف عن هوية الفاعل، ولكن من الوراد جداً  أن يقف وراء مثل هذه التفجيرات، أطراف تريد لقطاع غزة، أن ينشغل في الفوضى، والصراعات الداخلية، بعيداً عن الإعمار وتحقيق الوفاق".

ويضيف "هذه الأطراف تخدم إسرائيل، فهي تزيد من عزلة قطاع غزة، وحرف المسار عن معاناة قرابة مليوني مواطن، وخلّط الأوراق في الساحة الفلسطينية"، غير أنه يرى أن أهم اختبار أمام حركة حماس والأجهزة الأمنية في غزة، هو "تأمين مهرجان عرفات، والتأكيد على رسالة الوحدة الوطنية، حتى يبقى القطاع في منأى عن الفوضى".
التعليقات (0)