كتاب عربي 21

من الإرهابي؟!

سيف الدين عبد الفتاح
1300x600
1300x600
تقوم السلطة الانقلابية الباطشة كل يوم بتوزيع أوصاف الإرهاب والعنف فيما استندت إليه من أنها تقاوم الإرهاب المحتمل والعنف القادم، ونلفت الانتباه إلى تلك الأوصاف التي تعبر عن الاحتمال والتي ربما تشير إلى قيام هذه السلطة بصناعة صورة حول الإرهاب تريد بها أن تشرعن انقلابها الذي قامت به وغصبها للسلطة ، تلك السلطة الباطشة إنما تقوم بعمل خطير حينما تجعل كل من لا يوافقها فتسكنه في خانة الإرهاب وتضفي عليه من أوصاف التخوين والطابور الخامس والخلايا النشطة والخلايا النائمة حتى الأموات أو المرضى لم يسلموا من تصنيفاتهم تلك، وصارت تلك التهمة التي يطلقونها مشجبا للمنظومة الانقلابية حتى جعلت من بعض الأقباط موضع الشبهة وموضع التهمة، بل أنهم وبطريقة التفكير الكفتجي يصنفونهم ضمن الإخوان، لاشك أن هذه السلطة بهذا العمل والتي تحركها أهدافا أمنية ومسارا قمعيا هي التي تقوم بالإرهاب على الحقيقة فيما يسمى بإرهاب السلطة حينما تروع الناس وتفزع الأهالي وتنشر الخوف بين جنباتهم وتعتقلهم بالشبهة وتقتلهم بالرصاص الحي، كذلك تزهق أرواحهم إن قنصا وإن خنقا وإن حرقا.

ومن هنا وجب علينا أن نحرر كل المعاني التي تتعلق بهذا المفهوم الفضفاض المطاط الذي تخترعه وتصطنعه قوى كبرى ومستبدون صغار في دولهم يحاولون تبرير كل ما يتعلق بأفعال سيطرتهم وأعمال طغيانهم وسياسات استبدادهم تحت يافطة الإرهاب، ومن هنا فليس عجيبا أن نرى أن الولايات المتحدة الأمريكية إذ تصطنع كل هذه الأمور ضمن سياستها الكونية محاولة بذلك أن تسوغ بعضا مما تشنه من حروبها أو تعده من عوامل سيطرتها وبلوغ مصالحها، فإن المستبد في بلده يحاكي ذات الفعل حينما يتخذ من ذلك مسالك للتبرير ومداخل بإضفاء الشرعنة على باطله واستبداده وفساده، إنها القصة الأبدية حينما قام الإسكندر بمحاكمة أحد القراصنة الصغار في البحر وقد اختطف سفينة وهنا انبرى القرصان يتحدث أمام الامبراطور ليذكره بشيء مهم "إنني أغتصب سفينة فتسميني قرصانا أو لصا، وأنت تغتصب العالم بأسره فيلقبونك إمبراطورا"؛ موازين القوى هي التي تحدد الوصف والقوي هو الذي يحتكر الكلمة ويوزع الأوصاف ويعبئ الكلمات، قد يمارس هؤلاء الإرهاب ويسمونه أمنا قوميا، أما أي فعل معارض أو مقاوم مهما قل أو صغر فهو إرهابا يهدد الأمن القومي وينال من المصالح العليا للدولة والوطن. 

هذه هي القضية من يملك القوة يختار الكلمة ويملأها بمعانيها ويصف بها من أراد حتى يكون له حجية البطش وممارسة الطغيان، وفي هذا المقام خرج الإعلام يتحدث عن فضيلة الأستاذ الدكتور يوسف القرضاوي لأنه عارض الانقلاب منذ اللحظة الأولى وساند ثورة الخامس والعشرين من يناير فقامت سلطات الانقلاب بوصفه بكل نقيصة واتهمته بكل تهمة حتى أنها وضمن تلفيقاتها المريبة جعلته طرفا متهما في قضية هروب المساجين في وادي النطرون، ولا نعرف لذلك التسكين الذي يتعلق بالشيخ في هذه القضية أي معنى، خاصة أنه في ذلك الوقت لم يكن موجودا أصلا على أرض الكنانة أو حتى في زيارة لها، ماذا يعني ذلك سوى التلفيق؟ أما هؤلاء الذين يمثلون الإرهاب الأكبر من دول كبرى ودول غربية فإنهم وفي إطار تصفية حسابات جعلوا مؤسسة مثل الإنتربول تعلنه مطلوبا في صحائفها الحمراء لتصفية حسابات سابقة لأنه تحدث عن إرهاب الكيان الصهيوني المدلل وصنيعة الإرهاب العالمي المتمثل في الدول الكبرى التي تسانده، وحينما تلتقي الإرادات والمصالح بين منظومة انقلابية وبين دول تمارس الإرهاب في كل صنيعها فاصطنعت دولة إرهابية مصطنعة بامتياز تمثلت في الكيان الإسرائيلي الصهيوني.  

ونسى هؤلاء الانقلابين ضمن عمليات الترويج من خلال أذرعهم الإعلامية الكاذبة والتاجرة والفاجرة في أدائها، تغافل هؤلاء في ذات الوقت أن محاكم وبجهود حقوقية ومدنية ومنظمات إنسانية وكذلك من خلال ناشطين قاموا بتوجيه اتهام إلى سلطات الانقلاب بما فيها "المنقلب الرئيس" فقُبلت هناك قضايا رفعت أمام القضاء الفرنسي والبريطاني والأمريكي والبقية تأتي، فيا هؤلاء الذين تهللون لتضمين الشيخ المجدد يوسف القرضاوي في الصحف الحمراء في الإنتربول، أسماؤكم مقيدة في صحف سوداء لمحاكمات ستأتي على جرائم ارتكبتموها في حق الإنسانية وفي حق المواطنين ضمن مجازر فعلية تمثلت ذروتها في مجزرتي رابعة والنهضة وأخواتها وسابقاتها ولواحقها، كلها في هذا السياق تشكل أدلة اتهامات لتهم أخطر ستلاحقكم وتطاردكم وهو ما جعل البعض يحجم عن سفره إلى تلك الدول ولم يسافروا إلا إلى دول ساندت الانقلاب وناصرته ،لأنهم يعرفون أنهم ليسوا فقط متهمون ، بل هم المجرمون!. 

من في الحقيقة إذاٍ الذي يصنع الإرهاب؟ ما هي العوامل التي تدفع الدول الكبرى في صناعة هذه الحالة التي تصفها بالدول الإرهابية فتجيش الجيوش وتجرجر الدول لمواقف هنا أو هناك بإعلان حروب دائما تكون دولا في العالم العربي والإسلامي هي ميادين لتلك المعارك وإن شئت فقل تلك التجارب؟، وتقوم كل المؤسسات العلمية الكبرى ذات المصلحة في تلك الدول من تجار السلاح وتجار النفط وتجار الحروب للقيام بمثل هذه الأعمال لإحداث إنعاش اقتصادي في أنشطتها ،ولاشك أن هذه الصناعة الكبيرة التي تسهم فيها أطرافا كثيرة تعبر في الحقيقة عن استمرارية متعمدة في إضفاء الغموض على قضية وفكرة الإرهاب والتلاعب بها حتى تسمح لموازين قوتها أن تحرك كل تلك الطاقات والإمكانيات ما أرادت لمواجهة طرف بعينه، ليس الأمر ببعيد عن حفظ أمن أكبر دولة إرهابية متمثلة في إسرائيل والتي تشكل الإبقاء على استعمار استيطاني بعد انقضاء كل أشكاله ومحاولات تجريم مقاومته ممثلة في القوى الفلسطينية المجاهدة والمقاومة ووصمها بالإرهاب وصف كل تلك الدول في محاولة للقيام بحروب ممنهجة على كل مصادر التحدي والمقاومة. 

وفق هذه الرؤية نستطيع أن نقول أن الدول الغربية التي احتضنت الانقلاب ومنظومته وتغاضت عن كثير من انتهاكاته وإرهابه، والتي اصطنعت أشكالا للإرهاب على أعينها تعاونت مع سلطات استبدادية وشيوخ نفط لا يعرفون إلا لغة المال والضغط به في عالم السياسة لتحقيق ما يعتقدون أنها مصالحهم وحفاظا على عروشهم، وفي كل الأحوال اجتمع هذا الاستبداد العالمي والداخلي، والإرهاب الدولي والمحلي وإرهاب الدولة الذي يتمثل في سلطة انقلابية، اجتمع كل هؤلاء على صعيد واحد ليشكلوا حلفا تحت مظلة محاربة الإرهاب المحتمل وهم صانعوه بل وممارسوه، الانقلاب هو الإرهاب.
التعليقات (1)
احمد عمر
الجمعة، 12-12-2014 02:15 ص
لابد من ثورة ثالثه لارجاع الحق للشعب حسبى الله ونعم الوكيل حسنى دمر شعب وموت امه ويطلع برىء وانا لو سرقت 10 ج علشان اكل ابقى مجرم وان اتكلمت ابقى ارهابى ههههههههههههه لله الامر من قبل ومن بعد