كتاب عربي 21

ما هو المطلوب لعودة الثوار، كما كانوا من قبل "أمة واحدة"؟!

سليم عزوز
1300x600
1300x600
لقد انشغل الإخوان المسلمون، ولم أنشغل، بقضية "وحدة الثوار"، إذ ظنوا أنه لانتصار الثورة، لابد من عودة مشهد "25 يناير"، على طريقة "القص واللزق"، وكانت لدى البعض أمالٌ عريضة، في القدرة على إقناع الآخرين بعدالة مطلب "عودة الشرعية"!.

وكان رأيي منذ البداية، "أنه لن يؤمن لك من قومك إلا من قد آمن"، وأن من يحددون مسار الثورة، هم الذين يتظاهرون في الشوارع، منذ وقوع الانقلاب في بسالة يحسدون عليها!.

وربما كانت المفاجأة لأصحاب "الأحلام العريضة"، في تحقيق "وحدة الثوار" هو الشروط التعسفية، التي وضعتها "قوى الثورة"، لعودة "الوحدة"، ومنها التنازل عن "محمد مرسي"، وعن شعار رابعة. ولو تم الرضوخ لهم، لاستمروا في وضع شروطٍ جديدة، ليصل بهم الحال، في النهاية، إلى حد الطلب أن تحل جماعة الإخوان نفسها وتذوب في "حركة" السادس من أبريل، التي تتكون من ثلاثين فرداً، ومع ذلك فهي ثلاث "حركات" لأن في "الحركة بركة"!.

وبعد أن وجد ليبراليون، من أمثال أيمن نور، وغيره، استحالة تحقيق "الوحدة" في ظل هيمنة جماعة الأخوان، كانت دعوته لوحدة على قواعد مختلفة، غير الشرعية و"رابعة"، وان تشكل هيئة جامعة، يكون الوجود الإخواني فيها، أو الإسلامي بشكل عام، بنفس نسبة أي حركة أخرى، وبعض هذه الحركات تشكل من فرد واحد، وبعض الائتلافات الثورية تشكل من رئيسها فقط، بهدف أن يجد هذا الفرد له مكاناً، بجوار مدير المخابرات الحربية "اللواء" عبد الفتاح السيسي، وليجري تقديمه إعلامياً على أنه من أصحاب الثورة!.

إزاء هذه التنازلات المقدمة من القوي التي رفضت مبكراً الانقلاب العسكري، جاء الحديث عن ضرورة "اعتذار الإخوان" عن جرائمهم في "حق الثورة"، منذ وقوعها كشرط لقبول عضويتهم في هذه الهيئة، وبهذا التمثيل المهين. وكم تمنيت أن تتنازل جماعة الإخوان عن عضويتها فيها لتفسح المجال للتمثيل المناسب، لفرقة جديدة قد تنشق من حركة السادس من أبريل، وهي حركة قابلة للانشطار، وقد ينتهي الوضع إلى اعتبار كل عضو فيها أنه خلية متكاملة فينشطر من داخله على نفسه!.

الدكتور أيمن نور، أعلن أن الجميع قد أخطأ، وان على الجميع أن يعتذروا، ولم يرض هذا الاعتراف، غرور "القوى الثورية"، فاستمرت في تمنعها، وباعتبار أنها إذا نزلت الى الميادين فسوف تسقط الانقلاب، بين عشية وضحاها!.

هناك خطأ شائع، يتمثل في وصف هذه الحركات بأنها وحدها "القوى الثورية"، وما عداها، يسمون بأسمائهم، وباعتبارهم ليسوا من "القوى الثورية"!.

الخطأ نتج من الحديث عن أن الإخوان "ركبوا الثورة"، وأن الإخوان لم يشاركوا فيها في يومها الأول، وباعوا الثوار في "محمد محمود"، وتحالفوا مع المجلس العسكري، في سبيل إجهاض الثورة ومطالبها، وكانت البداية بدفع الناس للتصويت لصالح التعديلات الدستورية، وليس لدستور كامل، والبعض يرجع بداية الانقلاب على الثورة من هنا!.

وكثير من هذه النقاط هنا تحتاج إلى ضبط، لأن تركها على حالها نتج عنه أخطاء كارثية على الثورة، وجعلت من يتصدرون المشهد ليتحدثوا باسمها هم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام، الذين مكنوا كل خصوم ثورتنا المجيدة من أن يزنوا بها في يوم 30 يونيو، والذين قاموا بالزواج منها في 3 يوليو بموجب عقد فاسد، جري تحريره في قسم شرطة بعد عملية الاغتصاب!.

تبدأ الأخطاء من عدم ضبط المصطلح: "القوى الثورية"، فليس صحيحاً على الإطلاق أن ما أطلقت عليه مبكراً "ائتلافات الوجاهة الاجتماعية"، هي التعبير عن الثورة، فلو أقيمت محاكم ثورية، لأمكن محاكمة من قاموا بتشكيلها بانتحال صفة "أصحاب الثورة"، وهي ثورة أنتجت مطالب ولم تفرز زعامات!.

من الإلحاح على الخطأ الشائع، صار من الطبيعي أن نقرأ ونسمع عن مصالحة أو دعوة للمصالحة بين الإخوان و"القوى الثورية"، وكلمة "القوى" يجري اختزالها الآن في حركة السادس من ابريل، وفقط!.

كتبت كثيراً، ومنذ بداية الانقلاب، أن الإخوان وإن كان قرارهم بالمشاركة في الثورة كهيئة، جاء متأخراً، فإنهم كأفراد كانوا حاضرين في يوم 25 يناير، بل كانوا مشاركين في تنظيم المظاهرات منذ البداية. وإذا كنت قد بدأت حركتي من أمام دار القضاء العالي في هذا اليوم فقد شاهدت على سلالمه، الدكتور محمد البلتاجي، والمهندس أبو العلا ماضي، وقد لحقا بنا إلى ميدان التحرير، وجاء عبد الرحمن يوسف بميكروفونه، وشاهدت شخصاً يخطب في قومه، بالقرب من المتحف المصري، وسألت صديقي الصحفي محمد منير من يكن هذا؟ فقال لي: "الشيخ صفوت حجازي"، وعدت لأسأله ومن الشيخ صفوت حجازي هذا؟.. فأجاب: أحد الدعاة بقناة "الناس"!

وفي الصفوف الأمامية عند مداخل الميدان، كان يقف شباب لم أتعرف عليه، لكن لم يكن من بينهم أحد من حركة السادس من إبريل، أو ممن شكلوا بعد ذلك ما سمي بائتلافات الثورة، ليضمنوا لأنفسهم صورة بجانب عبد الفتاح السيسي، ووجوداً بجانب عصام شرف، رئيس الوزراء القادم من لجنة السياسات!.

لقد انتهي هذا اليوم، بقيام قوات الأمن بتفريق المتظاهرين بالقوة، وبدأ الاستعداد لجمعة الغضب في 28 يناير، وقد اتخذ الإخوان قرارهم بالمشاركة بشكل رسمي، واعتقل الدكتور محمد مرسي وخمسة من أعضاء مكتب الإرشاد، ومعهم "500" فرد من الجماعة، لأنهم من دفعوا في اتجاه اتخاذ هذا القرار.

وفي أيام الثورة لفت انتباهي، وجود ملتحين بكثرة، بجلاليبهم القصيرة، وزوجاتهم المنتقبات، ولما كان المعلن أن السلفيين كانوا جزءاً من حسابات مبارك، وقد عبر عنهم خطاب الشيخ محمد حسان، فقد سألت زميلنا عبد المنعم منيب، الصحفي بالدستور، والذي سجن عدة سنوات بتهمة الانتماء للجماعة الإسلامية: من يكون هؤلاء القوم؟!.. وكان جوابه: إنهم أبناء الجماعة. 

أذكر يومها أنني دهشت لأن الجماعة الإسلامية، كانت قد دخلت في مراجعات ومصالحات. وبدد منيب دهشتي بقوله: كثير منهم لم يكن موافقاً عليها وقبلها من باب المضطر ورضوخاً لإرادة القيادات.

وفي الميدان كان الشيخان: محمد عبد المقصود، وفوزي السعيد، وعشرات من الأزهريين بزيهم المعروف، ولما كان التلفزيون المصري يذيع أن الأزهريين لا يمكن أن يشاركوا في هذه المظاهرات، فقد استوقفنا رهطاً منهم فأخرجوا لنا هويتهم التي تفيد أن انتماءهم للأزهر أصيل!.

وقد دخلت وزميلي منير ميدان التحرير وكان به أقل من خمسة آلاف متظاهر في صباح يوم موقعة الجمل، وبعد الخطاب العاطفي لمبارك، وكان الجدل محتدماً بينهم فمنهم من يقول نغادر، ومن يرفض. ولعل قلة العدد هي التي أغرت نظام مبارك باقتحام الميدان بالخيل والبغال والحمير والشبيحة لإخلائه بالقوة.

والذي حمى الميدان في هذا اليوم هم شباب الحركة الإسلامية، وشباب الصعيد والريف بما عرف عنه من بسالة وصمود.

في المساء، كان عدد الذين استهدفهم القناصة، يفوق الألف شخص، وكانت إصابتهم في مكان واحد تقريبا "أعلى العين".. ونريد أن يذكر لنا المناضلون في حركة السادس من أبريل وضواحيها، عدد من أصيبوا منهم في هذا اليوم، بل عدد من قتلوا منهم في الثورة من يوم 25 يناير، إلى ان تنحي مبارك؟!.

الخُلاصة، أن كل من شارك في الثورة، أدى فيها على قدرة استطاعته، فقد كانت ثورة شعب، ولا يمكن القفز خطوة للأمام إلا بعد وقف حالة التزييف وانتحال صفة "أصحاب الثورة"!.

وبحسابات الخطأ، وبقيم الثورات، الكل قد اخطأ في حق الثورة، والوحيد الذي له "حق عرب" على الجميع، هو الشيخ حازم أبو اسماعيل.

اعتذروا له إن كنتم صادقين!
التعليقات (8)
شالي
الخميس، 25-12-2014 10:34 م
والله ضحكت من قلب على الانشطار الله يحفظك استاذ سليم وحازم ابو اسماعيل كان مثل النبي الذي يبعث وحده والله يامصريين انكم اعجوبت العالم
shoka
الأربعاء، 24-12-2014 08:18 م
لا فض فاك استاذنا المحترم
طارق
الخميس، 18-12-2014 02:41 م
صحيح الثور مش ملك لشخص او جماعه لكن روح الثوره هي الذي يفتقدها من يزعمون انهم قاموا بها اصلاً ويحضرني قصة امرأتان ادعت امومتهما لطفل رضيع عند سيدنا سليمان فامر بشج الطفل بينهما فقالت امه الحقيقيه بل هو ابنها للام المزيفه فمن قام بثوره لن يتركها تقطع امامه بدعوى انه امها
رائد القلاب
الخميس، 18-12-2014 12:41 م
فك الله أسره
صابر فريد
الأربعاء، 17-12-2014 07:29 م
يسلم قلمك يا استاذ سليم عزوز