قضايا وآراء

بعد رئاسية تونس ماذا تبقي من الخيارات لدي الإسلاميين في دول الربيع العربي؟؟؟

محمد جعفر
1300x600
1300x600
يري بعض الدارسين والمحللين أن الإخوان المسلمين في تونس كانوا أكثر ذكاءا من إخوانهم في مصر وذلك لأنهم ذهبوا إلي التوافق علي حساب الذات وأكدوا علي مدنية الدولة منذ البداية فقدموا عدة تنازلات مؤلمة علي حساب مشروعهم السياسي ولم يصغوا إلي المتشددين الذين قصفوهم إعلاميا واتهموهم بالخيانة والتفريط إلا أن ذات الدارسين اليوم أعلنوا فشل الاسلاميين هناك بعد ظهور مؤشرات قوية تفيد هزيمة المنصف المرزوقي حليفهم السابق. 

وفي تقديري أن التيارات الإسلامية في دول الربيع العربي اتخذت عدة خيارات متفاوتة أدت إلي نفس النهاية تقريبا..

 ففي سوريا اتجهت تلك التيارات إلي الحسم العسكري مع نظام بشار ونجحت نجاحا كبيرا في اجتذاب وتسليح وتنظيم قطاعات من السوريين وحظيت باعتراف ودعم دوليين جعلها تحقق بعض النجاحات علي الأرض علي حساب تراجع قوات الأسد وفي المقابل لم تتخلي إيران وروسيا عن حليفها الاستراتيجي الشرق أوسطي فمدوه بالعتاد والجنود حتى يحقق توازنا يؤهله لعدم التجاوز الأممي  في أي حل مستقبلي بينما دخل تنظيم الدولة "داعش"علي خط المواجهات الأمر الذي عقد المشهد دوليا وإقليميا استفاد منه بالطبع نظام بشار الأسد حيث تأجل قرار برحيله كاد أن يُحسم دوليا إلي ما بعد نجاح التحالف الدولي في القضاء علي تنظيم الدولة "داعش" الأمر الذي جعل دور الجيش الحر و"المعارضة المعتدلة" مؤجلا وبالطبع تراجع الدعم المقدم لها لتغير أولويات أمريكا والمجتمع الدولي.
والسؤال الملح الآن متى ينكسر التوازن الموجود علي الأرض بين النظام والمعارضة السورية لصالح الأخيرة وبالتالي نجاح الثورة السورية ؟؟ 

وهو سؤال مؤجل لحين حسم قضايا كثيرة أهمها:

- قدرة المعارضة السورية علي التوحد وحسم المعركة ضد النظام لصالحها 
- فاعلية الدعم الدولي المقدم للمعارضة السورية 
- قدرة تنظيم الدولة والتحالف الدولي علي حسم المعارك لصالح أي منهما 
- قدرة الإطراف الدولية علي اتخاذ قرار بإزاحة نظام الأسد عسكريا علي اعتبار انه سبب الأزمة منذ البداية ومن ثم التفرغ لتنظيم الدولة.

أما في اليمن فقد اختار الإسلاميين مع كافة الأطراف الفاعلة في الثورة اليمنية قبول المبادرة الخليجية وجوهرها انتقال السلطة من صالح إلى نائبه عبد ربه منصور هادي، ليتولى إدارة فترة انتقالية، وأن يتم تشكيل حكومة وفاق بالمناصفة بين حزب ‏المؤتمر وحلفائه وأحزاب “اللقاء المشترك” وشركائه من قوى الثورة. مما يعني قبول العمل مع النظام الذي قامت عليه الثورة أو بتعبير أدق قبول الشراكة مع "الدولة العميقة" ولا شك أن التعقيد الذي طال الجغرافيا في اليمن طال أيضا  الخارطة السكانية بتكويناتها القبلية والمذهبية والعسكرية المختلفة ، بالإضافة إلى التباين الكبير في التكوين الثقافي والمعرفي بين الشمال والجنوب الأمر الذي اضطر معه الإسلاميين سلوك الطريق الأكثر أمنا للحفاظ علي وحدة اليمن وسلامة أراضية عبر المشاركة في توقيع المبادرة الخليجية وملحقها التنفيذي الأممي في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، مروراً بمؤتمر الحوار مارس/آذار 2013 وحتى يناير/كانون الثاني 2014، وصولاً إلى “اتفاق السلم والشراكة” الذي وُقع بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء، في 21 سبتمبر/أيلول الماضي  رغم أن المتابع للوضع اليمني يجد أن الوضع علي الأرض يتغير مع التغير الإقليمي والدولي علي نحو لا نجد معه غضاضة من القول أن التدخل الحوثي كان بالأساس ضد الوجود الاخواني النافذ في دولاب الحكم والذي يمثله حزب الإصلاح مستثمرا والوضع الراهن للجماعة علي المستوي الإقليمي ووضعهم  علي قائمة الإرهاب في السعودية والإمارات والبحرين بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح بحكمهم في مصر نعم يدرك الخليجيون أن الحلف الإيراني الحوثي خطر لكنهم يرون أيضا أن الإخوان اخطر.

أما في ليبيا فقد اختار الإسلاميون الثورة المسلحة وكانوا جزئا أصيلا من الثورة والثوار الذين نجحوا بعد الدعم الدولي الهائل في إزاحة نظام القذافي وتكوين مجلس منتخب وحكومة وطنية إلا أن أطراف الحكم اختلفوا وكان ينتظر أن يرد الأمر إلي الشعب إلا أن اللواء المتقاعد خليفة حفتر التقط خيط الخلاف و أعلن انقلابه المدعوم من الانقلاب في مصر والإمارات وهدفه المعلن إخراج التيار الإسلامي من اللعبة السياسية وإنشاء دولة صديقة لمصر والخليج والغرب وفي تقديري أن الدولة الليبية إذا لم تنجح في القضاء علي الانقلاب سريعا سوف يحدث توازن للقوي في ظل الدعم الخارجي السخي الذي ينهال علي حكومة طبرق الموالية لحفتر وسوف يتحول الوضع الليبي إلي ما يشبه الوضع السوري مما يطيل أمد الأزمة وتضيع الثور .

وفي مصر اختار الإسلاميين الدخول في العملية الديمقراطية والمنافسة في معظم الاستحقاقات الانتخابية في ظل شعبيتهم الواسعة التي تكونت من تواجدهم وسط الجماهير عبر عشرات السنين الأمر الذي أهلهم للفوز بجميع الانتخابات ومكنتهم من تكوين أغلبية في مجلسي الشعب والشورى وانتخب منهم الرئيس وباتوا قاب قوسين أو ادني من تنفيذ مشروعهم التنموي والتشريعي والشرعي الأمر الذي أدي في النهاية لمواجهة تحالف العلمانيين والكنيسة مع الدولة العميقة وفي مقدمتها  الجيش والقضاء رأسي الحربة في الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013. 

الخلاصة أن خيارات الإسلاميين في دول الربيع العربي انحصرت في الأتي:-

سوريا : الثورة المسلحة
اليمن : التعاون مع الدولة العميقة والدخول في اتفاق سلم وشراكة 
مصر : الدخول في العملية الديمقراطية والاعتماد علي الصندوق وتفعيل قاعدة "الشعب مصدر السلطات" 
ليبيا :  الحسم بقوة السلاح مع الدولة العميقة وحماية الثورة وصولا إلي التجربة الديمقراطية.
 تونس: تغليب التوافق علي تمكين المشروع السياسي والتنازل للابتذاذ العلماني حفاظا علي الدولة والعملية الديمقراطية والحقوق والحريات.

المحصلة :
كافة الخيارات أدت في النهاية إلي خروج نسبي للتيار الإسلامي من المشهد السياسي بل ووضع الاسلاميين في دائرة الاستهداف والتنكيل والسؤال الذي يبحث عن إجابة الآن ما هي الخيارات المتبقية لدي التيار الإسلامي في دول الربيع العربي في الوقت الراهن.
لعلنا نحاول الإجابة في المقال القادم إن شاء الله  

التعليقات (1)
رأس الرجاء الصالح
الخميس، 25-12-2014 04:38 م
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مقال قصير يعكس ما وقع "لا لف ولا دوران". شكرا. الخلاصة : إنا لكم بالمرصاد، سواء عليكم بالصندوق، بالمظاهرات أو السلا،.إستقلال لن يكون. كذلك يزعمون. بل الإستقلال، الإستقلال، الإستقلال ولو بعد حين. الله اكبر. الله غالب. أشفكم بعد الفاصل??