كتاب عربي 21

أرقام أكثر أهمية

شريف أيمن
1300x600
1300x600
(1)

توقع وزير المالية أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي لمصر 3.5% بنهاية الربع الأخير من 2013-2014 الأمر الذي يشير لتحقيق تقدم بالاقتصاد إذا ما قورن بـ 2.2% العام الماضي، إلا أن ما يتم ترويجه باستمرار على مدار الأنظمة المتعاقبة أن هناك نموا اقتصاديا، وهذا صحيح على مستوى "الأرقام" حتى أنه بلغ قبيل الثورة ما يقارب 7% وهي نسبة متميزة للغاية، إلا أن ذلك الترويج حق أريد به باطل، فيتم إغفال حجم التنمية في مقابل النمو، والبوْن بينهما شاسع، وكذلك لا يتم تسليط الضوء على أرقام أكثر أهمية.

(2)

تعلُّق النمو يكون بالناتج المحلي الإجمالي ويُقارن ذلك الناتج بالسنة السابقة ليبدو حجم التقدم أو التراجع، أما التنمية فإنها تتعلق بالأساس بوجود تغيرات في هيكل العملية الإنتاجية ككل الأمر الذي يحتاج لسنوات في العمل، وكذلك ضمان استقرار تلك الهياكل وعدم تدهورها بشكل سريع، ولذا تقدر الفترة التي يمكن الحكم فيها بحدوث تنمية في أي دولة ما بين 25 و30 عاما، وهي فترة كبيرة إلا أنها تسمح لإصدار ذلك الحكم بشكل جاد، ومع وجود الثبات في بنية الهياكل الإنتاجية يتم النظر لمؤشر آخر، وهو نسبة زيادة معدل السكان بالمقارنة لمعدل النمو الاقتصادي؛ فإذا كان معدل النمو الاقتصادي أقل من معدل النمو السكاني فلا يمكن اعتبار وجود تنمية أو نمو، ضعْ في الذهن أن معدل النمو السكاني وفقا لرئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء بلغ 2.5% وقال عن تلك النسبة، أنها "ضعف النمو السكاني بالدول النامية، وتبلغ أربعة أضعاف المعدل في الدول المتقدمة"، إلا أنه في تفصيل الشرائح العمرية ذكر ما يدل على وجود قاعدة متميزة للنهوض بالمجتمع فقال: "إن الفئة الأقل من 30 سنة تشكل 62% من السكان، والفئة الأقل من 40 سنة تشكل 75% منهم".

(3)

من المهم معرفة تصنيفات الدول ما بين متقدمة ومتخلفة، أو بلغة أكثر تهذيبا كما استقر الآن (متقدمة ونامية)، فعلى أي أساس يتم التصنيف؟

تقوم أربع هيئات بتصنيفات الدول من حيث تقدمها وتخلفها: الأمم المتحدة، البنك الدولي، منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وأخيرا البرنامج الائنمائي للأمم المتحدة.

يتم التصنيف من قبل الأمم المتحدة والبنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وفقا لمتوسط دخل الفرد، ويتم احتسابه بقيمة الناتج القومي الإجمالي مقسوما على عدد السكان في منتصف العام، والإشكال فيه مرتبط بقيمة غير حقيقية في الدول النامية التي تنعدم العدالة في توزيع الدخل فيها فتذهب الثروات لفئات محددة جدا بخلاف الفساد الذي يضرب أركان مجتمعاتها، كما أن الناتج القومي الإجمالي تضاف فيه الخدمات الحكومية التي تكون في الدول النامية ذاهبة للجانب الأمني على حساب الجانب المعيشي كبناء السجون مثلا لا المدارس أو المستشفيات، فتعظم قيمة الناتج المحلي الإجمالي دون وجود أثر على مستوى الرفاهية أو الدخل الحقيقي للأفراد.

(4)

تجدر الإشارة إلى أن تصنيف هيئة الأمم المتحدة للدول النامية ينظر لاعتبار "الثروات" في الدولة، فجعله على ثلاث مراتب: الدول الأقل نموا أو تطورا وهي الدول التي تعاني مشكلات في هيكلها الاقتصادي بدرجة تعوق نموها، وأعلى منها الدول النامية غير البترولية، ثم الدول النامية أعضاء الأوبك.

(5)

بعام 1990 صدر أول دليل للتنمية البشرية عن البرنامج الائنمائي للأمم المتحدة، والدليل أراد أن يتجاوز إشكالات عدم الدقة في تصنيف الدول، فقَرَنَ مع مؤشر الدخل مؤشرين آخرين هما التعليم والصحة، وجعل التصنيف بمقياس يبدأ من الصفر حتى الواحد الصحيح، فالدول ذات التنمية البشرية المنخفضة تبدأ من صفر حتى أقل من 0.500، والدول ذات التنمية البشرية المتوسطة تبدأ من 0.500 حتى 0.799، أما الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة فتبدأ من 0.800 أو أكثر.

تقاس الصحة بعدد الأطباء لكل مريض وكذلك الممرضات والأسرّة، ووضع مقياس عام وهو العمر المتوقع عند الولادة، ويتم تقديره بـ 85 عاما، والتعليم بتوفّره للجميع، وبمدى التحصيل العلمي، فاكتسب الدليل أهمية كبيرة بمراعاته الجوانب الاجتماعية والصحية مع الاقتصادية.

(6)

تلك الجوانب التي شملها الدليل وطرق قياسها يجعلان المرء يتوقف كثيرا مع أي أرقام يتم ترويجها لتصوير حدوث تطور اقتصادي بالدولة، فالفارق بيّن بيْن النمو والتنمية، ولا يمكن تصور رفاهية بأرقام والفرد مطحون بأعباء معيشية وصحية واجتماعية، والعدالة بتوزيع الدخول تسبق التنمية.

(7)

وفقا للدليل سيشيل وموريشيوس دول متقدمة.

(8)

إذا سمعت رقما ملفتا للنمو الاقتصادي فتذكر رقما أهم بالأعلى (25 : 30) عاما.
التعليقات (0)