صحافة دولية

الغارديان: تعاون أوروبي- عربي مفيد وحقوق الإنسان أهم

الغارديان: على أوروبا أن تحافظ على معاييرها بينما تدخل عهدا جديدا من التعاون - الأناضول
الغارديان: على أوروبا أن تحافظ على معاييرها بينما تدخل عهدا جديدا من التعاون - الأناضول
رأت صحيفة "الغارديان" في افتتاحيتها أن التداعيات الأمنية لا تزال مستمرة بعد هجمات باريس بعشرة أيام. مشيرة لما قاله أمس السير جون ساويرس، الذي تقاعد من منصبه رئيسا لقسم المخابرات الخارجية (إم آي 6)، ودعا إلى التعاون بين الوكالات الأمنية وشركات خدمات الإنترنت. 

وتبين الافتتاحية أنه في الوقت ذاته اجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي لتقوية وتنسيق إجراءات مكافحة الإرهاب داخل الاتحاد الأوروبي، ودعوا إلى تحالف أقوى مع الدول العربية لمحاربة شبكات الجهاديين. وقالت منسقة السياسة الخارجية للاتحاد فيديريكا موغيريني: "التهديد ليس فقط ما واجهناه في باريس، ولكنه ينتشر في أجزاء أخرى من العالم ويبدأ في البلدان المسلمة". 

وتعلق الصحيفة:  "ما من شك أن هناك حاجة لتنسيق أفضل لمنع وقوع هجمات أخرى في أوروبا، حيث ضرب الإرهابيون الإسلاميون ثلاث عواصم، مدريد ولندن والآن باريس. وتثبت مداهمات فرنسا وبلجيكا بأن التهديد لا يزال قائما، فالقتلة في باريس كانت لهم علاقات مع شبكات في الشرق الأوسط بما في ذلك اليمن". 

وتضيف الافتتاحية: "لا أحد ينكر الحاجة لتبادل المعلومات الاستخباراتية لمحاربة مجموعات تتواصل هي نفسها بسهولة عبر الحدود. كما أن هناك مثالا آخر، وهو مثول جزائري أمام الادعاء اليوناني بخصوص ارتباط محتمل بمخطط إسلامي لمهاجمة الشرطة البلجيكية بعد أن تم إفشال المخطط". 

فمن المنطقي، بحسب الصحيفة، أن "تتواصل أوروبا مع البلدان العربية، فالضحايا الأوائل للإرهاب موجودون في العالم العربي. ففي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يقوم الإرهابيون باستهداف المسلمين أولا وفي الغالب. ليس غريبا إذن أن يعلن الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، الذي قابل موغيريني، استعداد منظمته التعاون مع الشركاء الأوروبيين في التعامل مع الخطر الذي يمتد إلى أكثر من منطقة". 

وترى الصحيفة ضرورة أن "يتجنب مثل هذا التعاون أخطاء الماضي، فليست هذه حربا بين حضارات، بل هي حرب ضد عقيدة طائفية تجد تربة خصبة في المناطق المحرومة في أوروبا، وفي حقول القتل في الشرق الأوسط، وقد أحسنت موغيريني حين صرحت بأن هذه (ليست قضية بين أوروبا أو الغرب والإسلام). ولكن هذا المجهود يجب أن يعطي أولوية للمحاذير والمعايير والتي تم تجاوزها ودوسها كثيرا في الماضي". 

وذكرت "الغارديان" بالحرب الدولية على الإرهاب، التي أعلنت بعد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر، وتضمنت كما تقول إجراءات خرقت الحقوق الأساسية والقانون الدولي "كما تضمن التعاون الغربي مع الدول العربية القمعية رحلات طيران سرية، تم من خلالها تسليم مشتبه بهم، وتفويض تلك الأنظمة بتعذيبهم، واستخدمت الكثير من الأنظمة أساليب القمع وقوانين الطوارئ لسحق المعارضة، واستخدمتها كذلك في تعقب الإرهابيين". 

وتوضح الافتتاحية أنه "تم نشر تفاصيل هذه التجاوزات في تقرير لمجلس الشيوخ الأمريكي حول البرنامج السري لوكالة الاستخبارات المركزية، التي أدارت مراكز اعتقال، ونظمت نقل المعتقلين، بالتعاون مع بلدان شريكة بعضها في العالم العربي والإسلامي". 

وتجد الصحيفة أن "الدعوة لحلف بين أوروبا والدول العربية لمحاربة الإرهاب مهم، ولكن يجب عدم السماح لفقدان الذاكرة أن ينسينا إلى أين قاد مثل هذا الفعل في العشر سنوات الماضية. ففي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كثير من الأنظمة لا تزال تتجاهل تماما حقوق الإنسان الأولية والإجراءات القضائية، ويوضح هذا جلد مدون في السعودية من فترة قريبة". 

وتشير الافتتاحية إلى أن "هناك بلدا عربيا واحدا يستطيع أن يقول إنه توصل إلى نوع من الديمقراطية المستقرة، وهو تونس بعد الربيع العربي. أما الدول الأخرى فيديرها مستبدون أو عسكر، مثل مصر، أو تلك التي دخلت في دوامة عنف مثل ليبيا. ويحاول الناشطون الحقوقيون والمجتمع المدني العمل تحت ضغوط كبيرة، وهناك القليل من المحاسبة، كما أنه لا توجد رقابة على القوات الأمنية التي تقوم بجهود محاربة الإرهاب". 

وتجد الصحيفة أنه "بينما يمد الأوروبيون أيديهم لتلك الأنظمة عليهم إدراك المخاطر، فإقامة تحالفات مع أنظمة استبدادية بشكل أعمى أو ساذج قد ينطوي على تنازل عن القيم وشعور خطير بالحصانة، أو حتى لا مبالاة بأسوأ الانتهاكات. وهذا كله حصل في السنوات الأخيرة".

وتختم "الغارديان" افتتاحيتها بالقول: "لذلك على أوروبا أن تحافظ على معاييرها بينما تدخل عهدا جديدا من التعاون. وهذه المرة يجب ألا يكون ثمن التعاون المتبادل هو غض الطرف عن أو السكوت على انتهاكات غير مقبولة". 
التعليقات (0)