مقابلات

كاتب مصري لـ"عربي21": مستقبل مصر مرهون بقوة ثالثة

كارم يحيى قال إن الخلاف المغربي المصري عابر لأن موقعها إقليميا واحد  - عربي21
كارم يحيى قال إن الخلاف المغربي المصري عابر لأن موقعها إقليميا واحد - عربي21
مصر في مرحلة عودة للخلف وهامش الحرية صار أضيق بكثير
 
ما يحدث في مصر الآن لن يستمر لأنه عكس حركة التاريخ
 
مستقبل مصر مرهون بقوة ثالثة خارج فساد الجنرالات والإخوان   
 
الخلاف المغربي المصري عابر لأن موقعهما إقليميا واحد  
 
خرجات بعض الإعلاميين المصريين سببها اللامهنية وغياب مناخ الحريات
 
 شبه الصحفي والكاتب المصري كارم يحيى، واصفا المشهد المصري اليوم، في مقابلة مع صحيفة "عربي21" أن الاستبداد في مصر كالحيوان الجريح الذي تعرض لطعنة في 25 يناير 2011، لكنه لم يمت، وأصبح بذلك أكثر شراسة.
 
صاحب التحقيق الشهير عن فساد رجل الأعمال المصري حسين سالم المقرب من حسني مبارك، اعتبر ما يحدث في مصر اليوم معاكسا لحركة التاريخ، وأن مصر اليوم تعود القهقرى وأن مساحات حرية الرأي والتعبير أضيق، مقارنة مع سنتين قبلها.
 
الصحفي المصري، الذي حضر للمغرب مشاركا في المؤتمر الدولي حول حرية الإعلام بالدول المغاربية، قال عن مستقبل مصر إنه معلق لحين ظهور بديل وقوة ثالثة، "خارج نظام الاستبداد والفساد الذي يمثله حاليا كبار الجنرالات، وخارج الإخوان المسلمين كقوة محافظة".
 
وعن التوتر الذي تعرفه العلاقات المغربية المصرية، أكد كارم يحيى أنها بمثابة سحابة عابرة، مفسرا ذلك بكون كل من مصر والمغرب يعدان حليفين رئيسيين للسعودية وأمريكا في النظام الإقليمي، ولم يغفل يحيى الحضور الجزائري في هذا التوتر من خلال موضوعي الغاز وقضية الصحراء المغربية.
 
وفيما يلي نص المقابلة:
 
 كيف تقرأ المشهد المصري السياسي بشكل عام اليوم؟
 
 المشهد في مصر بالغ الصعوبة، وأي ثورة يكون مسارها طويلا، وتتطلب مخاضا عسيرا كي يحدث التغيير، ونحن في مرحلة صعبة، هي مرحلة تراجع وعودة إلى الخلف، وأنا أشبهها بنظام الاستبداد والفساد الذي ظل يحكم مصر لعشرات السنين، وتعرض لطعنة في 25 يناير 2011، ولكنه استمر على قيد الحياة. ومثل الحيوان الجريح، إذا لم يمت فإنه يصبح أكثر شراسة.
 
ما هو توقعك لمآل وأفق الحراك السياسي في مصر على ضوء المظاهرات المستمرة في مصر وتعاطي السلطات معها؟
 
مصير مصر معلق لحين ظهور بديل ثالث، خارج نظام الاستبداد والفساد الذي يمثله حاليا كبار الجنرالات من جهة، والإخوان المسلمين كقوة محافظة من جهة أخرى. فتطور مصر للأمام معلق بظهور قوة ثالثة، وهذه مسألة ليست سهلة، وتتطلب وقتا، وتناوب العسكر والإخوان على السلطة في مصر لن يكون في صالح البلاد بأي شكل.
 
أجريت نوعا من التقابل بين العسكر والإخوان، هل هم على درجة السوء ذاتها اتجاه مصر؟

أنا لا أقول أنهما بذات درجة السوء، ولكن أقول أن الاثنين ساهما في إهدار فرصة التغيير في مصر، فالإخوان تحالفوا مع العسكر في البداية، بعد ثورة 25 يناير، وكبحوا جماح التغيير في مصر، وجاء العسكريون وأغلقوا كافة المنافذ، وبالتأكيد فإن هامش الحريات المنتزع بجموع الشعب المصري، وتحديدا الشباب، كان أكبر في الفترة السابقة، الآن هامش الحرية صار أضيق بكثير، ولكن الإخوان يتحملون جزءا من المسؤولية فيما وصلنا إليه الآن من نتيجة.
 
ما هي معالم هذه القوة الثالثة المنتظرة التي أشرت إليها؟
 
هذا هو المأزق في مصر، فالقوة الثالثة من المفترض أن تولد خارج رحم الوضع القائم بأحزابه، سواء منها المدنية والدينية، وقوة الجيش، الذي يعطي أملا أن تكون هناك قوة ثالثة، هو أن هناك جيلا جديدا من الشباب، أكثر جرأة واستعدادا للتضحية من أجل الحرية، وأكثر انفتاحا على العالم، واطلاعا على وضع الحريات في العالم.
 
هل تتوقعون أن واقع الانقلاب في مصر لن يبقى على ما هو عليه، وأن أفقه محدود؟

الوضع الحالي لن يستمر، والسبب أن هناك جيلا جديدا مختلفا، والوضع في مصر من الصعب أن يستمر كما هو، لأن ما يحدث في مصر الآن هو عكس حركة التاريخ، ولا بد أن يعتدل المسار من جديد.
 
فيما يخص العلاقات المغربية المصرية، عرفت مؤخرا نوعا من التوتر بمؤشرات إعلامية وسياسية، كيف تقرأ هذا التوتر؟
 
هذا التوتر موجود في العلاقات الرسمية، والعلاقات الرسمية العربية عهدناها دائما تجري فيها مطبات وسحب، ولكن التحالفات الرئيسية في النظام الإقليمي العربي تظل قائمة وصلبة، والنظام الرسمي في المغرب ومصر هما نظامان محافظان، وحليفان للمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، وأي خلافات هي في نظري خلافات عابرة في هذا السياق.

ما حدث من أزمة هو نتيجة أن الحكومة المصرية تحتاج إلى الغاز من الجزائر، بسبب أزمة الكهرباء، وفي هذا السياق حدث تقارب رسمي بين مصر والجزائر، ويبدو أن هذا التقارب أقلق المملكة المغربية، وحدثت تفاصيل أخرى، مثل زيارة وفد إعلامي مصري للجزائر، بالتزامن مع زيارة السيسي أو بعدها مباشرة، وكتبوا عن الصحراء ما لا يرضي المغرب، فحدثت تطورات هنا في المغرب فيما يخص التلفزيون الرسمي.

ولكن مثلما قلت لك، هذه مطبات أو سحب، والأساسي أن المغرب ومصر، وضعهما في النظام الإقليمي العربي أنهما نظامان محافظان، حليفان للسعودية والولايات المتحدة، وأي خلاف بينهما سيجري تجاوزه.
 
أشرت في مداخلة سابقة إلى ارتباط التحول الذي يجري في المجتمع على الحريات عموما والسياسية خاصة، أي مقارنة بين مصر اليوم وقبل سنتين على مستوى حرية الصحافة؟
 
حرية الصحافة أضيق كثيرا مما كان عليه الوضع بعد 25 يناير 2015، وأنت تتحدث عن التحقيق الذي أجريته عن رجل الأعمال حسين سالم المقرب من حسني مبارك، الذي نشرت حلقات منه في جريدة الأهرام في يونيو 2011، مثل هذا العمل لا يمكن تصور إجرائه أو نشره بعد هذا التاريخ، وبالخصوص في الفترة التي نحن فيها؛ لأن هامش حرية التعبير قد ضاق.
  
أي أفق تراه لمستقبل دول ما سمي بـ "الربيع العربي"، من خلال التجارب المختلفة التي أفرزها؟
  
المنطقة ظلت راكدة لعشرات السنين، محكومة بنظم استبدادية فاسدة، وثقافة التغيير والنقد لم يكن لها فيها أي حظ لقرون، وليس لعشرات السنين فقط، وما حدث في الربيع العربي هو بالتأكيد حدث كبير بكل المقاييس، بصرف النظر عن مآلاته فيما بعد، فالصراع مفتوح، وفيه تراجع وتقدم، خطوة للخلف وخطوتان إلى الأمام، وربما خطوتان للخلف وخطوة للأمام، ولكن إلى جانب غياب ثقافة النقد والثقافة العلمية، وإلى جانب تمكن الفساد والاستبداد لكل هذه الفترة الزمنية، الذي أسهم أيضا في عرقلة مسار الربيع العربي في هذه المرحلة، هناك عوامل مثل البعد الطائفي، مثلما هو الحال في اليمن وسوريا، واستغلال قوى محافظة ضد الثورة وضد التغيير، مثل السعودية، هذا الجانب كي يغذي الصراعات الطائفية ويعرقل عملية التغيير.

وإلى جانب ذلك أيضا، إن الذي قفز إلى مواقع السلطة في دول مثل مصر وتونس، قوى الإخوان المسلمين، وهي قوى محافظة، وليست لها رؤية للتغيير للأسف، وبرنامجها الاقتصادي لا يختلف عن النظم التي كانت تحكم وثار عليها الشعب.
  
الكثير من الأوساط العربية تستقبل باندهاش كبير الطريقة التي يتحدث بها عدد من الصحفيين المصريين،(نماذج: عكاشة وأديب وإبراهيم عيسى ...)، ويتساءلون عن أخلاقيات المهنة، وموضوع الرأي والرأي الآخر، هل هذا أمر عادي؟
 
لا بالتأكيد، هذا يعكس جانبين، أولا ضعف المهنية والاحترافية، وثانيا غياب مناخ الحريات، وأنا أقرن المهنية دائما بحرية التعبير، فعندما يضيق هامش حرية التعبير تزداد جرائم اللامهنية، فأمثال هؤلاء يعملون في قنوات فضائية تتبع رجال أعمال، لهم تاريخ ليس نظيفا على الإطلاق مع نظام الاستبداد والفساد، ويجري توظيفهم في هذا السياق.
التعليقات (0)