سياسة دولية

اليابان.. بين الخيار العسكري أو المساعدة الإنسانية

انقسام الرأي العام الياباني بعدما أعدمت الدولة الإسلامية رهينتين يابانيين - أرشيفية
انقسام الرأي العام الياباني بعدما أعدمت الدولة الإسلامية رهينتين يابانيين - أرشيفية
قد تكون الدبلوماسية اليابانية سجلت فشلا مع قطع رأسي الرهينتين اليابانيين المحتجزين لدى الدولة الإسلامية، إلا أن اليابان تشهد انقساما لمعرفة ما إذا كان يتحتم عليها تشديد نمط تحركها في المستقبل.

وقال خبير الشؤون الإسلامية المتخصص في الشرق الأوسط ماسانوري نايتو: "كنت أعتقد أن هناك أملا بأن يتم إطلاق سراح كينجي غوتو، لأنه بوسع تركيا العودة إلى اللعبة بعدما نجحت في الماضي في الحصول على إطلاق سلاح أكثر من أربعين شخصا".

وإن كان الخبير يرى أن اليابان لم تفعّل بالقدر الكافي الدور التركي منذ بدء الأزمة قبل أسبوعين، فهو يقر في الوقت نفسه بأن الدولة الإسلامية انتهجت استراتيجية حقيقية إذ إنها طالبت بإطلاق سراح جهادية عراقية محتجزة في الأردن وهددت بقتل طيار أردني، جاعلة بذلك من الأردن محور التفاوض.

وتساءلت صحيفة أساهي: "بعد ذلك، ما الذي حاولت حكومة شينزو آبي القيام به عدا تسليم أمرها إلى الأردن؟".

وحذر نايتو من أن تنظيم "الدولة الإسلامية ليس مجرد منظمة إرهابية، بل هو يهدد بالقضاء على العلاقات بين مختلف الدول"، مشيرا إلى أنه عمل فيما بعد على تعقيد الوضع بشكل متزايد.

وأقر المتحدث باسم الحكومة يوشيهيدي سوغا بأنه "حيال هذا النوع من المجموعات الإرهابية، يجب جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات"، مبديا أسفه لعدم تحرك الحكومة بشكل نشط وسريع من أجل إنقاذ حياة المواطنين هارونا يوكاوا وكينجي غوتو.

واستنتج نايتو أنه بعد هذا الفشل، فإن "الحكومة قد تدرس إمكانية اللجوء إلى قواتها العسكرية لإنقاذ يابانيين في الخارج".

والواقع أن رئيس الوزراء لم يستبعد هذه الإمكانية، إذ إنه أعلن الأسبوع الماضي أمام لجنة برلمانية أن "مسؤولية أي بلد تقضي بأن يكون قادرا على شن عمليات إنقاذ باستخدام قواته المسلحة".

من جهة أخرى، شدد على أنه لا يعتزم تقديم دعم لوجستي للائتلاف الذي يشن حملة ضربات جوية على مواقع الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، غير أنه عازم على زيادة المساعدة الإنسانية.

وتكشف هذه التصريحات الملتبسة للوهلة الأولى، عن توجهين في الجدل الجوهري القائم، ما بين جناح يميني يميل إلى خيار شن هجوم ساعيا من أجل ذلك لطرح تعديل دستوري، وجناح يميل أكثر إلى اليسار يطالب بالتمسك بخط اليابان المسالم.

وينعكس هذا الخلاف في المواقع على الصحافة أيضا.

وكتبت صحيفة سانكي شيمبون اليمينية أن "على اليابان تحمل مسؤولياته في مكافحة الإرهاب إلى جانب الأسرة الدولية".

وضمن التوجه ذاته دعت صحيفة يوميوري إلى "مناقشة خيار تدخل مسلح لإغاثة مواطنين يابانيين"، رغم حجم العقبات القائمة بوجه إصدار قانون بهذا الصدد وتطبيق مثل هذا المبدأ.

وفي وسط اليسار، نددت صحيفة أساهي شيمبون بموقف آبي الذي أعلن تقديم الدعم المالي للائتلاف ضد الدولة الإسلامية خلال زيارة إلى الشرق الأوسط، ما جعل اليابان هدفا للتنظيم الجهادي.

وتحظر المادة التاسعة من الدستور الياباني السلمي الذي وضع عام 1947 استخدام الوسائل العسكرية بهدف تسوية خلافات دولية، غير أن رئيس الوزراء قد يسعى للالتفاف على هذه العقبة من خلال تفسير للدستور يسمح بإرسال قوات لإغاثة مواطنين يابانيين في خطر، بما في ذلك على أراض خارجية.

وهذا النهج هو أساس "قانون حول الدفاع الجماعي" يجيز للجنود اليابانيين مساعدة بلد حليف في خطر.

وقال نايتو: "لا اعتقد أنه من الممكن القضاء على الإرهاب بالقوة العسكرية"، لأن "الضربات توقع حتما قتلى مدنيين"، ما يغذي بدوره الإرهاب في المستقبل ضد الدول المسؤولة عن ذلك.

وختم نايتو، بأنه "إن أردنا إرساء الاستقرار في حياة الشعوب من خلال التفكير في المستقبل، فهذا لا يتم بواسطة الجيش، بل بالمساعدة في مجال التربية والتغذية وغيرها. إن سكان الشرق الأوسط الممتنين لليابان لدعمها المنطقة لا يمكن أن يقبلوا إطلاقا بقتل يابانيين بأيدي الدولة الإسلامية، هذا خطأ جسيم من جانب الإرهابيين".
التعليقات (0)

خبر عاجل