مقالات مختارة

بؤس الاستراتيجية الأميركية

هشام ملحم
1300x600
1300x600
يوم احرق تنظيم "داعش" الطيار الاردني معاذ الكساسبة، قال مدير وكالة استخبارات وزارة الدفاع الأميركية الجنرال فنسنت ستيوارت في شهادة له في الكونغرس انه، على رغم ان الغارات الجوية للائتلاف الدولي قد قتلت عدداً من قادة التنظيم المتطرف وقللت قدرته على التحرك العلني في سوريا والعراق، إلا ان هذا التنظيم يواصل "تعزيز وضعه وتحصين مكاسبه في المناطق السنية التي يحتلها، وقت الذي يحارب خارج هذه المناطق". وأشار إلى أن فروع "داعش" في دول مثل الجزائر ومصر وليبيا، مقلقة للغاية.

هذه الصورة القاتمة لـ"داعش" وقدراته في 2015 مغايرة للصورة الايجابية التي رسمها الرئيس باراك اوباما في خطابه عن حال الاتحاد قبل اسبوعين، حين ادعى ان "القيادة الاميركية" في العراق وسوريا "قد اوقفت تقدم داعش". وفي اليوم نفسه أكدت تقارير صحفية اميركية ان واشنطن تقوم عمليا بتنسيق ميداني مع "فيلق بدر"، المزود سلاحاً أميركياً وهو من اقدم الميليشيات الشيعية العراقية، في الحرب على "داعش".

هذه المحطات الثلاث تلتقي لتثبت مرة اخرى بؤس الاستراتيجية الاميركية - اذا صح تسميتها استراتيجية - في مواجهة خطر "داعش"، وتحديات النظامين السوري والايراني. في افضل الحالات هي استراتيجية خجولة تركز على "العراق أولاً" لوقف تقدم "داعش"، لكنها لا تشمل مقومات تدمير التنظيم المتطرف كما يدعي اوباما. في العراق تتعايش اميركا مع ايران لانها تحتاج اليها لدعم وتنسيق العمليات العسكرية البرية ضد "داعش" لتتماشى مع الحملة الجوية التي تقودها واشنطن. في سوريا تتعايش اميركا مع نظام الاسد، لان ضرب "داعش" وانهاكها هما أولويتها الملحة الان، وليس اسقاط النظام . وحتى البرنامج المتواضع لتدريب المعارضة السورية، يهدف الى تأهيلها لمواجهة "داعش" في الدرجة الاولى. ويرى العسكريون الاميركيون، وفقاً لمصادر مطلعة، ان ثمة احتمالاً لصد "داعش" في العراق -لكنهم لا يعتقدون ان العراق قادر على استعادة الموصل في الصيف كما تأمل بغداد- إلا أنهم يعترفون بأنه لا استراتيجية اميركية لسوريا، لأن الرئيس اوباما لا يزال عند موقفه الرافض "للتورط" اكثر في النزاع السوري.

في تقويمه الواقعي لإيران، يقول الجنرال ستيوارت ان ايران تواصل سعيها لتصير "الدولة المهيمنة" في المنطقة، ويضيف: "النظام لا يواجه أي مشاكل تقنية غير قادر على تخطيها لانتاج سلاح نووي، الامر الذي يجعل الارادة السياسية هي المسألة المركزية". ويتوقع ان تستمر التطورات السورية في الاتجاه لمصلحة نظام الاسد، وخصوصاً في محيط مدينة حلب حيث يتوقع خلال السنة "تطويق حلب وقطع امدادات المعارضة". الجنرال يقول ضمنا انه لا استراتيجية اميركية في سوريا.



(عن صحيفة النهار اللبنانية)
التعليقات (0)