اقتصاد عربي

الحوثيون يحاولون إقامة شراكة اقتصادية مع الصين وروسيا

رئيس اللجنة الثورية الذي عينه الحوثيون محمد على الحوثي - أ ف ب
رئيس اللجنة الثورية الذي عينه الحوثيون محمد على الحوثي - أ ف ب
لكون اليمن دولة مضطربة ومتاخمة للممرات الملاحية الدولية، فقد بدأت جماعة الحوثي، بعدما أعلنت سيطرتها على الحكم، في البحث عن شركاء اقتصاديين جدد في جميع أنحاء العالم في مسعى لتوطيد سلطتها.

وأعلنت الجمعة ما يسمى "اللجنة الثورية" التابعة لجماعة "أنصار الله" (الحوثي) في القصر الجمهوري بصنعاء، ما أسمته "إعلانا دستوريا"، يقضي بتشكيل مجلسين رئاسي ووطني، وحكومة انتقالية.

ونص الإعلان على أن يشكل مجلس رئاسي من "خمسة أشخاص ينتخبهم المجلس الوطني الانتقالي المكون من 551 عضوا، وأن يحل المجلس الوطني الانتقالي محل مجلس النواب (البرلمان) المنحل، خلال فترة انتقالية تدوم عامين".

وجاء في الإعلان أن اللجنة الثورية التي يرأسها محمد على الحوثي "معنية بتشكيل المجلس الانتقالي"، وهو ما قوبل برفض من قبل أحزاب وقوى سياسية باعتباره "انقلابا على السلطة ودستور دولة الوحدة وكل الاتفاقات والبروتوكولات المبرمة بين دولة الوحدة والمنظمات العربية والإقليمية والدولية، بما فيها جامعة الدول العربية ومجلس تعاون دول الخليج العربي والأمم المتحدة والدول الشقيقة والصديقة".

وقال تقرير نشره موقع "إنترناشونال بيزنس تايمز" الأمريكي السبت، إن جماعة الحوثي تبحث عن شراكة اقتصادية جديدة مع الصين وروسيا.

ونقل التقرير عن مصدر وثيق الصلة بالحوثيين، أن ممثلين عن الحكومتين الصينة والروسية اجتمعوا بشكل منفصل مع قادة الجماعة الشهر الماضي لبحث إقامة تحالفات اقتصادية، قبل أربعة أيام من إعلان الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي استقالته في 23 كانون الثاني/ يناير.

وهدد مجلس الأمن، الجمعة، الأطراف في اليمن باتخاذ "خطوات"، لم يحددها في حالة عدم استئناف المفاوضات للتوصل إلى حل للأزمة في اليمن.

وقال مسؤول أمريكي إن واشنطن تعارض إنشاء مجلس رئاسي أعلن عنه الحوثيون في اليمن.

واليمن هو أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية، ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي فيه أقل من العشر الذي يحصل عليه المواطن في السعودية المجاورة، ويعاني اقتصادها من الانهيار بسبب العنف المتصاعد، بحسب التقرير.

ويعتبر باب المندب بوابة البحر الأحمر التي تصله بالخليج وبحر العرب والمحيط الهندي، ويتحكم في المضيق قاعدة عدن البحرية على الساحل الآسيوي، وميناء جيبوتي على الساحل الأفريقي، ويعد المضيق من أهم الممرات المائية في العالم، حيث يمر منه 30% من النفط العالمي.  

وتوقع البنك الدولي مؤخرا أن يسجل اقتصاد اليمن بنسبة 3.7% في العام الجاري، مقابل 1.9% في العام الماضي.

وأدت الاشتباكات بين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، إلى إغلاق ميناء عدن الرئيس في البلاد الشهر الماضي، ما أثار مخاوف من أن التجارة العالمية مع اليمن ستتوقف تماما.

ويقول التقرير، إنه على الرغم من هذه المخاوف، فإن الحكومتين الصينية والروسية تحاولان اغتنام الفرصة لبناء علاقة مع الحوثيين، مع التركيز بصفة خاصة على صناعات النفط وصيد الأسماك.

 أما الحوثيون، فإنهم ربما يجدون أن المال الصيني والروسي يمكن أن يحل محل المساعدات السعودية التي توقفت الشهر الماضي.

ويعاني اليمن من عجز في الموازنة العامة للدولة للعام الحالي 2015، بلغ 577 مليار ريال يمني (2.5 مليار دولار).

ويذكر أن الحوثيين حاولوا الحد من الدور الاقتصادي السعودي في اليمن لصالح التمويل الإيراني، ولكن العقوبات والتورط في الأزمة السورية أثرا سلبا على الاقتصاد الإيراني.

ويضيف أنه التقى ممثلون صينيون مع الحوثيين في الأسبوع الماضي، وفقا لبيان باللغة الصينية نشر على الموقع الإلكتروني للسفارة الصينية في اليمن.

وقدم السفير الصيني تيان تشي عرضا لعشرات الشركات في مجالات متنوعة، خلال مؤتمر عمل بشأن خطط التنمية الاقتصادية المحلية المحتملة.

وأعرب تشى عن التزام الصين بحماية المصالح الوطنية لليمن، وقال إن التعاون في المجال الاقتصادي يمكن أن "يعزز علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين".

ويشكل النفط أكثر من 57% من إجمالي الصادرات اليمنية، وتستثمر الصين بكثافة في صناعة النفط في اليمن منذ عام 1999، وتنتج "سينوبك" الصينية المملوكة للدولة جنبا إلى جنب مع شركة صينية أخرى هي "سينوكيم كورب"، نحو 200 ألف برميل يوميا، أي ما يعادل 8% من إجمالي الإنتاج النفطي في اليمن، بحسب التقرير.

وقال البنك الدولي مطلع الشهر الجاري، إن اليمن أكثر عرضة للمعاناة بسبب انخفاض أسعار النفط، متوقعاً تعرض الاقتصاد اليمني لآثار سلبية في المدى القصير، مالم يحصل اليمن على مساعدات خارجية للتخفيف من خسارة إيرادات الصادرات النفطية.

ومن المتوقع أن يؤدي انخفاض أسعار النفط عالميّاً، مقترناً بانعدام الاستقرار السياسي واستمرار أعمال التخريب لخطوط أنابيب النفط، إلى تراجع الإيرادات النفطية بنحو 2% من إجمالي الناتج المحلي في العام الجاري 2015، وفق تقديرات البنك الدولي. ومن المحتمل كذلك تراجع الضرائب التي يتم تحصيلها من الشركات المتعاملة مع الشركات النفطية.

ويرى مراقبون أن روسيا ليست منخرطة تجاريا في اليمن، ولكن العقوبات الاقتصادية الغربية والأمريكية الأخيرة عليها جعلها تبدي اهتماما خاصا في تعزيز التجارة مع المناطق الأخرى.

ونقل "إنترناشونال بيزنس تايمز" عن يوري بارمين، المحلل المعني بشؤون روسيا في الشرق الأوسط، ويعمل مستشارا للعديد من الشركات العامل في مجال النفط والغاز بالمنطقة قوله: "تدهور العلاقات مع بروكسل وواشنطن، نتيجة الأزمة الأوكرانية، يعني أن التجارة مع الغرب ستتراجع، كما أنه سيخرج  المستثمرون من روسيا في المستقبل القريب".

وتعتبر روسيا اليمن سوقا خصبة لمبيعات الأسلحة، علما بأن الاتحاد السوفييتي كان هو المزود الرئيس لليمن الجنوبي بالأسلحة، قبل الوحدة مع الشمال.

وأضاف بارمين: "الوضع الراهن الجديد في اليمن يفتح سوقا كبيرا لبيع الأسلحة.. يتم تدريب الجيش اليمني باستخدام الأسلحة السوفييتية، وليست لديه مشكلة في استخدام الأسلحة الروسية الجديدة. ولكن هذا لن يحدث قبل انتهاء الأزمة وأن يتم الاعتراف بالسلطات الجديدة على الصعيد الدولي".

وذكر التقرير الأمريكي عن تقارير إخبارية باليمن لم يسمها، أنه اجتمع ممثلون روس مع قادة الحوثيين في بداية كانون الثاني/ يناير الماضي، وزاروا وزارتي النفط وصيد الأسماك، وناقشوا إمكانية ضخ الاستثمارات التجارية في صناعة صيد الأسماك.  

ويرى مراقبون أن الحوثيين يخططون لاستخدام عائدات النفط والصادرات، للحصول على الدعم المالي ذاتيا.

وحاليا، لا تستطيع أي حكومة في اليمن العمل بدون الحصول على تمويل من الخارج. وعلى مدى عقود، كانت السعودية الراعية ماليا لليمن ودعمت حكومة عبد ربه منصور، ولكنها قطعت المساعدات عندما أجبر على الاستقالة.

وتموّل المملكة عددًا من المشاريع التنموية في اليمن بحوالي 700 مليون دولار أبرزها "مدينة الملك عبدالله الطبية" في العاصمة صنعاء، بتكلفة 400 مليون دولار، ومشاريع في قطاعات الكهرباء والمدن السكنية لذوي الدخل المحدود والطرقات، بقيمة 300 مليون دولار. كما أنها قدمت للحكومة اليمنية العام الماضي، مساعدات بـ"مليار و400 مليون دولار، ووضعت "وديعة" في البنك المركزي اليمني بمليار دولار، لحماية العملة النقدية المحلية من الانهيار.

ويقول التقرير الأمريكي إنه من غير الواضح ما إذا كانت السعودية ستواصل دعم السلطة الجديدة بقيادة الحوثيين، بدعوى الاستقرار الإقليمي، أم لا. وإذا لم يحدث هذا، فإن اليمن سيواجه ضرورة إيجاد المال بسرعة لدرء الانهيار.

ومؤخرا، أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، أن 41.1 % من اليمنيين، أي 10.6 مليون شخص، يعانون انعدام الأمن الغذائي، مشيراً إلى أن الجوع إحدى المشاكل الكبيرة التي يعاني منها اليمن. واعتبر أن هذه النسبة من السكان تشمل نحو خمسة ملايين شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي الحاد، و5.6 مليون يعانون انعدام الأمن الغذائي المعتدل.
التعليقات (0)

خبر عاجل