صحافة إسرائيلية

خبير إسرائيلي يقرأ تطورات سوق النفط ومستقبله

قرار السعودية عدم تقليص إنتاج النفط كان لاعتبارات اقتصادية ولنقص الثقة ـ أرشيفية
قرار السعودية عدم تقليص إنتاج النفط كان لاعتبارات اقتصادية ولنقص الثقة ـ أرشيفية
قال الخبير الإسرائيلي شموئيل إيفن، إن الأسعار المنخفضة للنفط نابعة من تضارب المصالح بين مجموعتين من الدول المنتجة للنفط: الأولى على رأسها السعودية المعنية بخفض الأسعار لكي تستمر في إنتاج كميات كبيرة، والثانية هي الدول التي تعاني من المصاعب الاقتصادية والمعنية بأسعار مرتفعة. وبشكل عام، فإن انخفاض سعر النفط للبرميل يفيد في زيادة النمو الاقتصادي العالمي.

وفي مقالته لصحيفة "نظرة عليا"، الثلاثاء، نوه إيفن إلى أنه ومنذ منتصف عام 2014 حدث انخفاض كبير في أسعار النفط في العالم. فمثلا، سعر برميل النفط الأمريكي من نوع "دبليو تي آي" وصل في نهاية كانون الثاني/ يناير 2015 إلى 44 دولارا للبرميل، مقابل 105 دولارات للبرميل في نهاية حزيران/ يونيو 2014. وفي مستوى منخفض سابق سجل في منتصف شباط/ فبراير 2009، كان سعر البرميل 34 دولارا مقارنة مع ذروة الـ140 دولارا للبرميل في نهاية 2008 وقاع الـ18 دولارا في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر 2001. وفي الأيام الأخيرة بدأ انتعاش معين في السعر (حتى 3 شباط/ فبراير كان سعر برميل النفط 52 دولار). وفي كل الأحوال من الواضح أن سعر النفط متذبذب جدا ويصعب التنبؤ به.

وأكد أن السبب المباشر لانخفاض أسعار النفط في منتصف السنة الماضية هو زيادة الطلب في السنوات الخمس الأخيرة. وفي الوقت الذي كانت فيه أوروبا تريد التخلص من الأزمة الاقتصادية، وفي الصين تقلصت وتيرة النمو السريع (الجهات التي تنتظر طلب النفط في العالم)، فقد ازداد إنتاج النفط في العالم بدرجة أعلى من الاستهلاك. ويبرز هنا الارتفاع الحاد في إنتاج النفط الأمريكي بسبب إنتاج النفط الصخري. والزيادة في إنتاج النفط في العالم تغطي النقص في إنتاج دول مثل ليبيا، التي تعاني وضعا داخليا غير مستقر، وإيران بعد العقوبات التي تم فرضها عليها من الدول الغربية.

وشرح إيفن ما ذهب إليه بالقول: "إنه على سبيل المثال، بحسب بيانات أوبك في كانون الثاني/ يناير 2015، التي تستند على مصادر مختلفة، فإنه في السنوات 2009– 2014 انخفض إنتاج النفط الخام لإيران من 3 ملايين و75 ألف برميل يوميا إلى مليونين و76 ألف برميل يوميا، في حين أن إنتاج العراق ازداد من 2.42 مليون إلى 3.66 مليون برميل يوميا (رغم وضعه الداخلي الصعب). وكانت هناك زيادة واضحة أيضا في إنتاج السعودية والكويت واتحاد الإمارات. وفي ليبيا انخفض الإنتاج بمعدل حاد، من 1.56 مليون إلى 0.44 مليون برميل يوميا. كما أن تعزيز سعر الدولار الأمريكي في العالم ساعد بصورة مباشرة في هبوط سعر البرميل المتفق عليه بالدولار".

 وأشار الكاتب إلى أنّ هناك تأثيرا أساسيا على وضع سوق النفط يتمثل بتضارب المصالح بين مجموعتين من الدول الكبرى المنتجة للنفط في العالم. وقال إن المجموعة الأولى تتمثل في المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات، تملك احتياطيا من النفط والعملة الأجنبية كبيرا جدا ووضعها بشكل عام جيد. 

وأضاف أنه لدى العربية السعودية 16 بالمئة من احتياطي النفط في العالم، تكفي على الأقل لفترة 63 عاما بمعدل الإنتاج الحالي. وتوجد مصلحة لأعضاء هذه المجموعة في تضخيم مداخيلها من النفط للمدى البعيد، وهي معنية بأسعار نفط معتدلة من شأنها تطوير بدائل للنفط الذي تنتجه.

واستدرك بالقول إنه في  المقابل، يوجد للدول المنتجة للنفط التي تعاني مصاعب اقتصادية، ومنها روسيا والعراق وإيران وفنزويلا، مصلحة في مداخيل عالية بقدر الإمكان في الوقت الحالي، الأمر الذي يتطلب أسعار نفط عالية في السوق العالمية، وذلك أيضا بثمن تشجيع بدائل للنفط على المدى البعيد. وكان قرار منظمة "أوبك" في تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، بعدم تقليص إنتاج النفط لأعضاء المنظمة يناسب مصالح العربية السعودية وحلفائها.

 ونقل الكاتب عن الأمير السعودي الوليد بن طلال تبريره في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، قرار العربية السعودية عدم تقليص إنتاج النفط، بأنه جاء لاعتبارات اقتصادية ولنقص الثقة بين الدول المنتجة للنفط. وإذا قامت العربية السعودية بتقليص إنتاج النفط من مليوني برميل إلى مليون برميل في اليوم، فإن دولا أخرى ستزيد إنتاجها على حسابها، وفقا لابن طلال. وأضاف أنه، حتى إذا تم الاتفاق على تقليص الإنتاج فإن هناك دولا ستكذب بشأن إنتاجها. وقد قدر ابن طلال أننا لن نرى ثانية سعر الـ100 دولار للبرميل. وتجدر الإشارة إلى أن وفاة الملك السعودي عبد الله في 23 كانون الثاني/ يناير 2015، لن يؤثر على سوق النفط العالمية.

 وختم مقاله بالقول وكقاعدة عامة، يوجد لأسعار النفط المنخفضة تأثير إيجابي على النمو الاقتصادي العالمي، لأن أغلبية الدول مستوردة للطاقة. وانخفاض الأسعار تفيد بشكل خاص أغلبية دول أوروبا واليابان، التي تمر بمصاعب اقتصادية، ودول مثل الصين التي يعتبر استمرار النمو السريع فيها هدف استراتيجي لها. مع ذلك فإن مستوى أسعار منخفض يشجع الطلب على النفط ويبطئ تطوير الطاقة البديلة ويقلص الاستثمارات في استخراج النفط مرتفع الثمن (وهو توجه بدأ طريقه!)، وهكذا فإن سعر النفط في المستقبل سيعود ويرتفع، إلى أن يجدوا على المدى البعيد بدائل رخيصة للنفط.
التعليقات (0)