مقابلات

"الولي" يفتح لـ"عربي21" ملف هيمنة العسكر على اقتصاد مصر

الولي: الجيش يستخدم المجندين برواتب زهيدة جدا ليقتل القطاع ـ عربي21
الولي: الجيش يستخدم المجندين برواتب زهيدة جدا ليقتل القطاع ـ عربي21
تكافؤ الفرص غير موجود بين الجيش والمستثمرين 

الجيش يستخدم المجندين برواتب زهيدة جدا ليقتل القطاع

المستثمرون لا يستطيعون منافسة الجيش في المناقصات فيهربون

توسع نشاط الجيش الاقتصادي مكمن خطورة على المستثمرين الأجانب 

المعونات الخليجية تلاشى أثرها والبنك المركزي لجأ لخفض سعر الجنيه

لا يوجد في مصر استقرار سياسي ولا أمني وهذا يزيد من حجم المشكلة

ارتفاع سعر الدولار أدى لموجة جديدة في ارتفاع الأسعار

أزمة انخفاض الجنيه مقابل الدولار سوف تستمر وتداعياتها السلبية كبيرة


أكد ممدوح الولي الخبير الاقتصادي رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام ونقيب الصحفيين المصريين السابق، أن الاقتصاد المصري يعاني من هيمنة الجيش على المشروعات، وأنه لا يوجد منافسة بينه وبين شركات القطاع الخاص.

وقال إن مكمن الخطورة في توسع نشاط الجيش الاقتصادي، أنه يتغول على الأنشطة الاقتصادية ويضر بالمواطنين، وأن توسعات الجيش تثير مخاوف المستثمرين الأجانب، ويسبب مشكلات مع منظمة التجارة العالمية.

وأضاف أن المعونات الخليجية التي حصل عليها الانقلابيون بعد 3 يوليو بدأت آثارها تتلاشى، وأن البنك المركزي اضطر لخفض سعر الجنيه مقابل الدولار، ما أدى إلى موجة ارتفاع جديدة في الأسعار. 

جاء ذلك في حوار "عربي21" مع الخبير الاقتصادي ممدوح الولي رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام ونقيب الصحفيين السابق، وفيما يلي نص الحوار:

 المجندون .. العمالة المجانية

* أين مكمن الخطورة في توسع نشاط الجيش الاقتصادي؟

- مكمن الخطورة في توسع نشاط الجيش الاقتصادي، أن أي منافسة بين الجيش والشركات الخاصة ستكون محسومة لصالح الأول لعدة أسباب جوهرية، فإذا نشأت منافسة بين قطاع القوات المسلحة الذي يقوم بالأنشطة الاقتصادية، وبين القطاع الخاص الذي يقوم بذات الأنشطة، تصبح المنافسة هنا محسومة لصالح القوات المسلحة؛ لأن العمالة لديه زهيدة التكلفة، بسبب استفادته من المجندين لديه، الذين ربما ينالون مكافآت زهيدة، الأمر الآخر أن الجيش لا يدفع ضرائب للدولة، في حين أن الشركات الخاصة تدفع رواتب للعمال والموظفين حسب سعر السوق، وتدفع ضرائب لخزينة الدولة، وبالتالي فإن تكلفة المشروع تكون أكثر، وفي هذه الحالة تتضرر المنشآت الخاصة التي لن تضم المزيد من العمالة بسبب تقلص حجم أعمالها، ولن توفر فرصا جديدة للعمل، وهنا مكمن الخطورة أن توسع أنشطة القوات المسلحة يكون على حساب أنشطة المجتمع المدني الطبيعي الخاصة".

منظمة التجارة العالمية

* وما تأثير عدم تكافؤ المنافسة بين الجيش والقطاع الخاص على المستوى العالمي؟

- مصر من الأعضاء في منظمة التجارة العالمية، وملتزمة بالاتفاقات التي وقعت عليها، وتقضي بضرورة حماية المستثمرين الأجانب، وتكافؤ الفرص بين الجميع، وعمل المناقصات بشفافية ونزاهة.

ومن ثم فإن منافسة الجيش على المشاريع، يتسبب في مشكلة لمصر كونها عضوا في منظمة التجارة العالمية وموقعة على اتفاقيات ومعاهدات دولية، تنص على ضرورة فتح السوق أمام الجميع، سواء المستثمر الأجنبي أو المحلي بشروط موحدة.

وترسية عطاءات المشاريع الاقتصادية على القوات المسلحة يهز ثقة المجتمع الدولي بنا، فبعض الشركات الأجنبية اشتكت من هذه الأمور، وأثارتها في اللقاءات الدولية والمحافل الاقتصادية، ويشعر المستثمر الأجنبي أن هناك تمييزا في السوق المصري؛ ولذلك يحجم عن الإقبال عليه".

قتل شركات القطاع الخاص

* وكيف يمكن حل مسألة تغول الجيش على الأنشطة الاقتصادية؟

- الحل للمسألة لابد من وجود آليات لعمل القوات المسلحة وضوابط تحد من منافستها على جميع المشاريع الاقتصادية الكبيرة والعملاقة، ومن ثم فإنه بوجود هذه الضوابط يكون هناك مجال للشركات الخاصة التي تعتمد كليا على النشاط الاقتصادي، ولديها عمالة ومعدات وآلات تريد تشغيلها ومشاريع لإنجازها، كي تؤدي دورها في تنشيط الاقتصاد القومي.

كذلك ضرورة تشجيع شركات القطاع الخاص، وليس قتلها أو وأدها أو محاربتها، كما يحدث في الفترة الأخيرة، في ظل إسناد المشاريع الكبرى للجيش على حساب القطاعات المختلفة للشركات العاملة في مجالات المقاولات أو الإنشاءات أو البنى التحتية.

اقتحام الجيش المجالات الاقتصادية

* وكيف أقحم الجيش في المجالات الاقتصادية؟

- يعود تاريخ إقحام الجيش نفسه في الاقتصاد عقب توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل في مارس من عام 1979، وتعاظم هذا الدور في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك ليشمل جميع المناحي الاقتصادية.

ففي عهد وزير الدفاع المشير أبو غزالة، سمعنا عن مشروعات الاكتفاء الذاتي التي يقوم بها الجيش لزيادة الإنتاج من المنتجات الغذائية، واعتقدنا في البداية أنه أمر طيب، أن يكون هناك اكتفاء ذاتي للقوات المسلحة، ومن ثم يتم توزيع الفائض على السوق المحلي، مما يهدئ من ارتفاع الأسعار نتيجة زيادة المعروض من السلع والخدمات التي يمكن أن يساهم فيها الجيش.

ولكن مع توسع الجيش في خططه الاقتصادية، ونشاطه التجاري، والصناعي والزراعي، بدت الأمور تأخذ شكلا غير مألوف أو متوقع، بحسب العديد من المراقبين.

وبمرور الوقت فوجئنا أن هذا الدور بدأ يتوسع ويكبر، وأصبحت المسألة ليست مجرد أمن غذائي، إذ سعى الجيش إلى امتلاك محطات تمويل الوقود، ومنشآت سياحية وفندقية ونوادٍ رياضية وترفيهية ومدارس تعليمية، بالإضافة إلى الصناعات الثقيلة، ومجال المقاولات والإنشاءات.

المغامرة بالمشروعات 

*إلى أي مدى يؤثر الاستقرار السياسي على الوضع الاقتصادي في مصر؟

-الحقيقة هناك علاقة وثيقة جدا بين الاستقرار السياسي والوضع الاقتصادي في أي بلد، فلو أخبرك أحد أن نسبة الفائدة على الودائع في بلد مثل الصومال 30 %، في حين أنها في مصر 6% أو أقل، فقطعا سوف ترفض بسبب عدم وجود استقرار تضمن به ودائعك.

المستثمر لا يقدم على توسيع نشاطه إذا شعر بعدم استقرار سياسي، ناهيك عمن يخطط للاستثمار، سواء في مشروعات صغيرة أو ضخمة فلن يقبل على خطوة قبل التأكد من أين يضع قدمه حتى لا تغوص به في مستنقع الاضطرابات.

ومن ثم فإن الثقة عامل رئيسي في جذب المستثمرين وتشجيعهم، فكلما كان هناك ثقة في المستقبل يتوسع صاحب المشروع أو يقبل الآخرون على عمل مشاريع جديدة سواء صناعية أو تجارية أو زراعية أيا كان نوعها.

الاستثمار والاستقرار السياسي

* وهل في مصر الآن استقرار سياسي ووضع أمني مستقر لجذب المستثمر؟

- ليس لدينا استقرار سياسي ولا أمني، وهذا يزيد من حجم المشكلة، وهناك شواهد على ذلك، فقد شهدت مصر العديد من المؤتمرات الاقتصادية لمستثمرين خليجيين وأوروبيين وأمريكان في الآونة الأخيرة، ولكن لم تسفر عن مشروعات تترجم على أرض الواقع، وكانت كلها مجرد وعود لحين استقرار الأوضاع".

فرض الحل الأمني

*هناك من يقول إن المستثمر قد يقتنع بالحل الأمني لفرض الاستقرار، فكيف ترى ذلك؟

- يسعى النظام الحاكم في مصر إلى فرض استقرار سياسي وأمني عنوة، من خلال آلة البطش الأمنية، وسجونه الممتلئة بالمعتقلين السياسيين من أجل إفساح الطريق أمام المستثمر القادم من الخارج.

ولكن المستثمر لن تنطلي عليه خدعة الاستقرار الأمني والسياسي بالوسائل الأمنية؛ لأنه يبحث عن الأمان والحرية في طبيعتهما العادية وليس الإجبارية، فالمستثمر يريد أن يأمن على مصنعه وماله وعماله وإنتاجه، وطرقه وأسواقه ومخازنه، لذا فإن الاستقرار السياسي عامل أساسي مهم وضمانة ملحة لوجود استثمار جديد، والتوسع في الاستثمار الموجود بالفعل.

انخفاض الجنيه مقابل الدولار

* وماذا عن أزمة انخفاض الجنيه مقابل الدولار وأثره على الأسعار؟ 

- إن مشكلة الدولار والجنيه في مصر، مشكلة مزمنة بدأت في أعقاب حرب 1967، واستمرت على فترات في المجتمع المصري بحسب الأزمات والظروف، التي مرت بها البلاد والمنطقة.

وبدأت العلاقة تسوء على حساب الجنيه المصري في أعقاب ثورة يناير 2011، فبعد ثورة يناير تراجعت الموارد التي تجلب لمصر العملة الصعبة، كان أبرزها الاستثمار الأجنبي المباشر الذي تراجع بشكل كبير إلى جانب المستثمرين، الذين كانت لهم استثمارات في البورصة وتخارجوا منها، وأخرى في أذون الخزانة وقاموا ببيعها، كذلك أصابت التراجعات أعداد السياح وتحويلات المصريين في الخارج والصادرات وهي كلها مصدر للعملات الأجنبية.

وحاول المجلس العسكري في فترة إدارته أن يستفيد من احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي، لينخفض من 36 مليار دولار إلى 15.5 مليار دولار عند تسليمه السلطة للرئيس محمد مرسي، الذي سمح بتحريك سعر الصرف، وبالتالي لم يحدث انخفاض في ودائع البنك المركزي إلا بـ 600 مليون دولار فقط في السنة التي قضاها رئيسا.

المعونات الخليجية

* وما هو تأثير المعونات الخليجية التي حصل عليها زعيم الانقلاب؟

- في فترة الانقلاب، ما بعد 3 يوليو 2013، أحدثت المعونات الخليجية نوعا من التعويض أو زيادة الاحتياطي الأجنبي لدى البنك المركزي، وبالتالي رأينا أن هذا الاحتياطي يزيد وينقص، وعندما تراجعت المساعدات الخليجية بدأ يتآكل الاحتياطي، وبالتالي اضطر المركزي لتحريك سعر الصرف مجددا، ليرتفع الدولار أمام الجنيه من 7.14 إلى 7.63 وتخلى البنك عن سياسته، وسمح بنزوله، إلى أن وصل في السوق الموازي إلى قرابة ثمانية جنيهات.

وقد أثر ذلك بشكل مباشر على ارتفاع أسعار السلع المستوردة، التي تصنع محليا من خلال مواد خام مستوردة، وقطع الغيار، وأثرت بالسلب على قدرات المواطن البسيط العادي في البيع والشراء.
التعليقات (0)

خبر عاجل