سياسة دولية

استقرار إيران سيكون عرضة للتهديد إذا فشل اتفاق النووي

النووي
النووي
قال محللون ومسؤولون سياسيون إن الفشل في إبرام اتفاق نهائي يكرس اتفاق الإطار الذي توصلت إليه إيران والدول الست الكبرى لكبح نشاط طهران النووي الحساس، قد يهز استقرار الجمهورية الإسلامية بشدة.

وقال المحللون إن آمال الإيرانيين بإنهاء عزلتهم الدولية حلقت عاليا منذ التوصل إلى الاتفاق، إلى حد أن الفشل في صياغة اتفاق نهائي سيتسبب بموجات استياء قد تهز السلطات، حتى لو تم تصوير الغرب على أنه الطرف المذنب.

وقالت الطالبة الجامعية مينا دراخشانده وهي تقف وسط حشد يهتف تأييدا للاتفاق يوم الجمعة "أخيرا انتهى هذا الوضع، انتهت العزلة. انتهت الصعاب الاقتصادية الرئيس حسن روحاني يفي بوعوده".

وأضافت "فشل المحادثات سيكون نهاية العالم بالنسبة لنا نحن الإيرانيين. لن أقوى على تقبله".

قال كريم سجدبور الخبير في الشؤون الإيرانية في معهد كارنيجي للسلام الدولي في واشنطن إن التعاطي مع توقعات الشعب سيكون أكثر صعوبة في الوقت الحالي.

وقال سجدبور: "إذا لم تثمر الصفقة فإن معظم الأمريكيين لن يلاحظوا لكن معظم الإيرانيين سيصابون بالانهيار".

وأحيا اتفاق الإطار الأولي بشأن برنامج إيران النووي الذي أبرم في لوزان بسويسرا، يوم الخميس، الآمال بإنهاء العقوبات المفروضة على إيران في مقابل وضع حدود لبرنامجها النووي وفتح المجال أمام الإصلاح الاقتصادي والاعتراف الدولي.

ولزم الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي الصمت عن الاتفاق، غير أن بعض المحافظين المتشددين تخلوا عن تحفظهم بعد أن أبرزت هذه الخطوة غضبهم من انتخاب روحاني الذي فاز في الانتخابات الرئاسية عام 2013 بناء على وعود أطلقها بتحسين علاقات إيران مع الخارج وإحياء الاقتصاد.
غير أن السياسيين والمحللين يقولون إن خامنئي وافق "على كل خطوة اتخذها" المفاوضون الإيرانيون مشددين على أن التوتر سيتلاشى إذا ما دعم خامنئي الاتفاق.

وقال مسؤول إيراني كبير طلب عدم الكشف عن اسمه "ما كان للفريق المفاوض الإيراني أن يوافق على اتفاق الإطار في لوزان لولا موافقة القائد. لا يوجد خلاف بين كبار صانعي القرار بشأن اتفاق الإطار".

واتحدت فصائل المؤسسة التي كانت وراء فوز روحاني في الانتخابات، وهي الحرس الثوري ورجال الدين الأقوياء والسياسيون الذين لهم نفوذ، علانية لدعم الاتفاق النووي الذي لقي إشادة من جانب الرئيس باعتباره "فرصة تاريخية" ستفيد الجميع.

وذكرت وكالة أنباء فارس شبه الرسمية أن رئيس البرلمان علي لاريجاني صرح بأن البرلمان "يدعم الاتفاق" وهنأ رئيس أركان الجيش الإيراني والحليف المقرب من خامنئي الجنرال حسن فيروزآبادي الزعيم الأعلى خامنئي على "نجاح" المفاوضين الإيرانيين وشكر روحاني على الاتفاق.

وذكرت وكالة أنباء فارس الثلاثاء أن القائد الأعلى بالحرس الثوري الإيراني، محمد علي جعفري، قال إن "الأمة الإيرانية والحرس الثوري يقدران الجهود السياسية الأمينة للمفاوضين"، لكن الانتقادات لروحاني زادت، حيث وصف المحافظون المتشددون الحكومة بأنها لم تكن قوية بما يكفي بشأن البرنامج النووي.
ويشغل النقاد الذين يشعرون بالقلق من أي وفاق مع الغرب ويخشون أن يعرض للخطر الثورة
الإسلامية مواقع مؤثرة في البرلمان وأجهزة الأمن والمخابرات.

ونقلت وكالة فارس عن حسين شريعة مداري رئيس تحرير صحيفة كيهان المتشددة اليومية ومستشار خامنئي قوله: "إيران بدلت حصانها المسرج بآخر لجامه مكسور".

"تأييد الاتفاق وشجب الولايات المتحدة"

ومع وضع هذا في الاعتبار يعتقد بعض المحللين أن خامنئي سيظهر مرونة عندما يعبر مجددا عن ثقته بفريق التفاوض الذي يتزعمه وزير الخارجية محمد جواد ظريف الذي لقي استقبال الأبطال لدى عودته إلى طهران يوم الجمعة بعد ثمانية أيام من المحادثات مع القوى الكبرى في لوزارن بسويسرا.

وقال المحلل سعيد ليلاز ومقره طهران في إشارة إلى كلمات خامنئي العلنية التي استهدفت طمأنة المتشددين "خامنئي سيواصل دعم الفريق الإيراني مع شجب أمريكا في أول ظهور علني له".

ومنذ انهيار العلاقات مع واشنطن بعد الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 كان العداء نحو الولايات المتحدة نقطة تجمع للمتشددين الإيرانيين.

لكن التضخم والبطالة ونقص الاستثمارات نتيجة للعقوبات أقنع خامنئي بدعم جهود روحاني لإيجاد أرضية مشتركة مع القوى الكبرى بشأن المسألة النووية.

وقال ليلاز: "العداء نحو أمريكا كان أحد أعمدة السياسة الخارجية الإيرانية منذ الثورة ... لكن الزعيم الأعلى مازال يؤيد المفاوضات النووية". وأضاف: "سيكون من الصعب للمحافظين المتشددين انتقاد الاتفاق إذا واصل خامنئي دعمه لهذه المحادثات".

ومازال بعض المراقبين يعتقدون أن روحاني سيتمتع بتأييد خامنئي مادامت المكانة المتنامية للرئيس لا تهدد خامنئي.

وقال المحلل حامد فرح واشي: "الأولوية الأولى لدى خامنئي هي المحافظة على سلطته وعلى المؤسسة". وأضاف: "روحاني سيكون كبش الفداء لخامنئي إذا انهار الاتفاق".

وجود المؤسسة

قال مسؤولون ومحللون إنه حتى إذا نجحت الحكومة في إقناع المتشددين بقبول الاتفاق المبدئي فإن تحديا أكبر ربما ينتظرها في تحفيز الأمة إذا فشل المفاوضون في التوصل إلى اتفاق نهائي في يونيو/ حزيران.

وقال مسؤول آخر: "وجود المؤسسة عرضة للخطر. لا أريد حتى أن أفكر في مثل هذا الفشل. ليس روحاني فقط وإنما النظام كله قد يصبح عرضة للخطر في هذه الحالة". 

وأضاف: "الآن لدى الناس توقعات وآمال عالية جدا".

لكن علي فائز من مجموعة الأزمات الدولية قال إن التأييد الشعبي للاتفاق قد يتضح أنه سيف ذو حدين بالنسبة لروحاني.

وقال فائز "إنه ضروري لكي تقنع الناس بهذا الاتفاق، لكن إذا تحطمت التوقعات الواسعة النطاق بحدوث تغير سريع فإن خيبة الأمل بين ناخبيه سيكون من الصعب احتواؤها".

ويرى كثير من الإيرانيين أن الاتفاق النووي هو تذكرة إيران للخروج من العزلة الاقتصادية. 

ورقص الآلاف في الشوارع يوم الخميس وهم يرددون "روحاني .. ظريف .. انتم أبطال" عندما تم التوصل إلى اتفاق الإطار.

لكن توجد بالفعل علامات على أن إيران والقوى الكبرى لديهما آراء مختلفة بشأن ما تم الاتفاق عليه وخاصة بشأن السرعة التي يتم بها رفع العقوبات.

وتستأنف إيران والولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا والصين وروسيا المحادثات في الأيام القادمة. والموعد للتوصل إلى اتفاق هو 30 من يونيو/ حزيران.
التعليقات (0)