حقوق وحريات

"إلباييس" ترسم حياة الصوماليين الفارين من الحرب

3 كيلوغرامات من الذرة كل أسبوعين هي حصة كل شخص في أكبر مخيم للاجئين في العالم - إلباييس
3 كيلوغرامات من الذرة كل أسبوعين هي حصة كل شخص في أكبر مخيم للاجئين في العالم - إلباييس
رسم تقرير لصحيفة "إلباييس" الإسبانية ملامح حياة مزرية ومعاناة كبيرة يعيشها الآلاف من الصوماليين الهاربين من جحيم الحرب في الصومال، والذين قادهم هروبهم إلى الاستقرار في مخيم "داداب" أكبر مخيم للاجئين في العالم والذي يقع في في شمال شرق كينيا.

مخيم "داداب" الذي أنشيء في عام 1991 من أجل إيواء 90 ألف صومالي فروا من الحرب الأهلية، يأوي حاليا 351 ألف و 538 شخصا، 93 بالمائة منهم ينحدرون من الصومال. 

يعيش اللاجئون في هذا المخيم في ظروف صعبة، وذلك لأنه يوجد على أرض جافة وحارقة، ويمتد على مساحة شاسعة من الأحراش تنتشر فيها تلال من النمل الأبيض. الكثيرون جاءوا إلى "داداب" منذ 20 عاما ويعيشون في أكواخ مصنوعة من فروع الأشجار والأقمشة، بينما البعض الآخر ولد هناك ولم يعرف أي مكان آخر.

 يتلقى كل شخص في المخيم حصته من الطعام وهي ثلاث كيلوغرامات من الذرة كل أسبوعين. ومنذ المجزرة التي جرت في جامعة غاريسا في كينيا الشهر الماضي والتي كانت حركة الشباب وراءها، فقد سكان مخيم "داداب" الدعم المادي لأقاربهم القاطنين في الخارج وذلك لأن الحكومة أوقفت تراخيص 13 شركة لتحويل الأموال كإجراء لمكافحة الإرهاب.

يشير تقرير "إلباييس" الذي ترجمه "عربي21" إلى أن الوضع أصبح أكثر سوءا في المخيم بعد الهجوم على جامعة غاريسا التي تقع على بعد 98 كيلومترا من مخيم "داداب" وهي المذبحة التي راح ضحيتها 148 شخصا، ودفعت نائب الرئيس الكيني "وليام روتو" إلى مطالبة الأمم المتحدة بتفكيك مخيم "داداب" خلال 90 يوما بدعوى أن حركة الشباب تمكنت من التسلل إليه.

وبعد أن كان هذا المخيم رمز كينيا في احترام القوانين الدولية في اللجوء، تحول بالنسبة للحكومة إلى ثغرة نفذت إليها حركة الشباب، المليشيا الصومالية المرتبطة بتنظيم القاعدة والتي أصبحت تجند الشباب داخله وتخبئ الأسلحة  في الأكواخ المهترئة.

يقول محمد أولو، الصومالي البالغ من العمر 30 سنة،  ويعيش منذ سبع سنوات في "داداب" "إذا عدت إلى الصومال، سأكون أمام ثلاث خيارات: حركة الشباب أو الجيش أو القرصنة. لا يوجد بديل".

الوضع الأمني في مخيم "داداب" أصبح هاجسا يؤرق حياة المقيمين فيه، يقول: "هارون كومن" المفوض من قبل الحكومة الكينية من أجل إدارة شؤون اللاجئين إن "هناك تهريب واتجار بالأسلحة، كل أسبوع تضبط الشرطة أشياء من هذا القبيل". كما تكشف التقارير الواردة من المفوضية (وكالة الأمم المتحدة للاجئين)، الهجمات المتكررة على عمال الإغاثة واللاجئين. 

"نحن أيضا نتعرض للقتل" يقول "أدار" وهو صومالي يبلغ من العمر 28 سنة، قبل ثلاث سنوات تم اقتحام متجره ومنذ ذلك الحين لم يعد يشعر بالأمان في المنطقة، ففضاء المخيم الواقع بالقرب من الحدود الصومالية الكينية بدون أسوار، ويمكن لأي شخص أن يعبر إليه بشكل غير قانوني رغم أنه عمليا تم الشروع في بناء سياج على طول 700 كيلومتر.

ويقول مسؤول الأمن في أحد أحياء المخيم في حديث مع "إلباييس" "بين 2012 و 2014 قتل خمسة من زملائي في الفريق"، ويضيف " أنا لست شرطيا، ليست لدينا أسلحة، حياتنا في خطر، عملنا طوعي، لدينا أسرة وأطفال. إذا قتلنا، ماذا سيحدث لهم؟".

"يعيش هنا أكثر من 300 ألف شخص، يمكن لأي شخص ارتكاب أعمال غير قانونية، كما هو الحال في أي مدينة أخرى" يقول "ليونارد زولو"، منسق بعثة المفوضية في "داداب"، وهو ما يؤكد هشاشة وضعية اللاجئين.

 ولتحسين الجانب الأمني تبرعت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بمليوني أورو منذ عام 2012، ذهبت لتمويل 11 مركزا للشرطة، و 71 مركبة تقوم بدوريات ليلا ونهارا، و 35 عضوا من جهاز المخابرات. ويذكر زولو أنه لحد هذا التاريخ لم يتم توقيف أي شخص يقيم في المخيم متورط في ارتكاب أعمال إرهابية ضد كينيا.

لا أحد يعترف في مخيم "داداب" الكبير بمعاينته أي نشاط إرهابي، على الرغم من أن البعض يعتقد أنه في هذا المكان تجند حركة الشباب أتباعها، ففيه تربة خصبة لذلك يقول إمام أحد مساجد المخيم "إن حياة الشباب في المخيم صعبة: لا مال، لا عمل، ولا يمكنهم الذهاب الى أي مكان. لذلك من السهل أن ينتهي بهم الأمر إلى الانضمام إلى هؤلاء الإرهابيين".

الصوماليون يريدون العودة إلى ديارهم، تؤكد "إلباييس"، والدليل على ذلك أن عدد اللاجئين انخفض بعد أن استعادت القوة العسكرية التابعة للاتحاد الأفريقي بعض الأراضي في الصومال. لكن "داداب" تبقى مفتوحة حتى يمكن للجميع العودة طوعا. وهذا لن يحدث إلا بعد تحييد حركة الشباب وبعد أن تربح الحكومة الصومالية معركة الاستقرار.

لتسهيل العودة، وضعت مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين وحكومات كينيا والصومال برنامجا للعودة والذي استفاد منه 2060 لاجئ، لكن آخرين مثل الشاب "محمد أولو" يعتقدون أن وقت العودة لم يحن بعد  لأن " الحكومة ضعيفة والبلاد ليست آمنة. وإذا لم يوقف 22 الف جندي من بعثة الاتحاد الأفريقي حركة الشباب، ما هي الضمانات التي لدينا لنعود؟ ".
التعليقات (1)
عصام
الثلاثاء، 12-05-2015 02:04 ص
في افريقيا الموت والفقر يلازمان حياة الملايين