صحافة دولية

فايننشال تايمز: هل أصبحت السعودية "الشيطان الأكبر" لإيران؟

فايننشال تايمز: الشعار التقليدي "الموت لأمريكا" يفقد وهجه ولكن البغض للسعودية يكتسب جاذبية - أرشيفية
فايننشال تايمز: الشعار التقليدي "الموت لأمريكا" يفقد وهجه ولكن البغض للسعودية يكتسب جاذبية - أرشيفية
هل ستحل السعودية محل الولايات المتحدة باعتبارها "الشيطان الأكبر"؟ سؤال طرحته المحررة المسؤولة في صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية رولا خلف. وتقول إنها "ليست الشيطان الأكبر على الأقل، ليس بعد، ولكنها العدو الذي يمكن لإيران وشعبها الاتفاق عليه".

وتضيف خلف: "الآن وقد أصبحت الحكومة الإسلامية قريبة من توقيع اتفاق نووي مع الولايات المتحدة والقوى الآخرى، فإن الشعار التقليدي (الموت لأمريكا) يفقد وهجه، ولكن البغض للسعودية يكتسب جاذبية".

وتتابع الكاتبة بأنه "مع أن هذا يحدث مصادفة وليس مرتبا له، ونابع من المواجهة في اليمن بين وكلاء الإيرانيين والسعوديين هناك، إلا أنه مناسب لحكام إيران. فلم يتعلم الإيرانيون أبدا أن يبغضوا أمريكا رغم  جهود حكامهم الكبيرة بإثارة استيائهم. ولن يكون سهلا عليهم إقناع الإيرانيين بمؤامرة أمريكية مخادعة إن تم توقيع الاتفاق".

وتشير خلف في تقريرها، الذي اطلعت عليه "عربي21"، إلى أنه "عندما يتعلق الأمر بالسعودية فإن الإيرانيين سعداء بسحق جيرانهم السنة. فالعداء الفارسي العربي يعود إلى قرون، مقارنة بالعداء الأمريكي الإيراني، الذي لا يبلغ عمره سوى عقود قليلة. وأخبرني محلل سياسي بأن (الشعب الإيراني يحب أمريكا، وأن السعودية هي البلد الوحيد الذي يكرهه الكل)، وأضاف أنه (إن لم تكن السعودية هي الشيطان الأكبر، فذلك لإنها ليست مهمة)".

وتعلق الكاتبة بالقول: "من خلال لقاءاتي في إيران تعرضت لمواقف غير مناسبة، حيث يقوم بعضهم بإطلاق سيل من التعليقات التي تحط من قيمة العرب، ومن ثم يكتشفون أنني جئت من لبنان، وعندها يؤكدون لي أن الإيرانيين يحبون اللبنانيين، ولكنهم لا يحبون دول الخليج. وفي لبنان لدى إيران حزب الله، وكيلها الذي لا يقدر بثمن".

وتضيف خلف: "سمعت شجبا للقادة السعوديين باعتبارهم (أطفالا غير ناضجين) يقومون بضرب إخوانهم المسلمين في اليمن، وأنهم يمدون أيديهم للتعاون مع الجهاديين الإرهابيين في سوريا والعراق. ومن الصعب أن تقنع أحدا منهم أن تنظيم الدولة في العراق والشام ليس مخلوقا خلقته السعودية، وهو الذي يهددها وربما أكثر من تهديده لإيران. كما أن فكرة رفض السعودية لتدخل الإيرانيين في شؤون الدول العربية تقابل بنوع من التشكيك. ويقول المسؤولون الإيرانيون أن اللغة المشتركة، وهي اللغة العربية، لا تعطي بلدا الحق بفرض سلطته على بلد آخر".

وترى الكاتبة أن المزاج المعادي للسعودية يشبه ما ساد إيران أثناء الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات من القرن الماضي، وتقول: "يخبرني السياسيون في طهران أن المزاج المعادي للسعودية يذكرهم بالثمانينيات من القرن الماضي أثناء حرب إيران مع العراق، وعندما دعمت الدول العربية صدام حسين ضد رغبة النظام الإسلامي تصدير الثورة. وقال مؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله روح الله الخميني في عام 1988: (حتى لو سامحنا صدام فلن نغفر ذنوب آل سعود)، ولم تتحسن العلاقات بين البلدين أبدا، مع أنها أصبحت ودية أكثر بعد وفاة الخميني عام 1989".

وتبين خلف أن "المرارة متساوية وعميقة ولا عقلانية في الجانب الآخر، ففي دول الخليج  فإن الرأي العام مشبع بالمشاعر المعادية لإيران، والمتأثرة بالسرد المعادي للشيعة. ففي الإعلام الذي تتزايد نزعته الشوفينية يتم الاحتفال بالحملة التي تقودها السعودية في اليمن للإطاحة بالمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، وينظر إليها على أنها تحد لخطط إيران التوسعية".

وتفيد الكاتبة في تقريرها، الذي ترجمته "عربي21"، بأنه "في طهران أدى تدخل السعودية العسكري إلى وقف تأثير إيران في العالم العربي لإثارة أعصاب القادة الإيرانيين، ودفع بحملة معادية للرياض، وفي الوقت ذاته ينظر القادة الإيرانيون للحملة العسكرية في اليمن نظرة احتقار، ويعدونها فاشلة؛ لأنها لم تضعف الحوثيين بعد".

وتعتقد خلف أن الموقف الإيراني من اليمن يأتي رغم أن هذا البلد ليس مهما بالقدر الذي تمثله سوريا للاستراتيجية الإيرانية في المنطقة، ورغم تأثير اليمن على السرد الإيراني المعادي للسعودية،  فالقضية اليمنية تظل محدودة استراتيجيا للجمهورية الإسلامية، وما يثير القلق هو الخطط السعودية في سوريا.

وتوضح الكاتبة أنه "بقيادة الرياض دعمت الدول العربية المسلحين السوريين، فيما استثمرت إيران وحزب الله بشكل كبير في نظام بشار الأسد. ويقول شخص مقرب من النظام: (القضية اليمنية أجبرتنا نحن وحزب الله على أن نكون أكثر احتراسا. ونعرف أن السعودية ستصعد في سوريا بعد الانتهاء من اليمن)، وأضاف أن (سوريا ولبنان تعدان من خطوط إيران الحمراء)".

وتخلص خلف إلى أنه "ربما كانت أكبر مفارقة ما سمعته في إيران من أن طهران تنظر لواشنطن كي تقوم بحسر الفجوة المتزايدة مع السعودية. وقال شخص مقرب من النظام: (وجدنا أن بإمكاننا الجلوس على الطاولة مع الأمريكيين ونثق ببعضنا البعض ولأول مرة منذ الثورة الإسلامية، أما السعوديون فلن يتحدثوا معنا ويمكن أن يؤدي الأمريكيون دور الوسيط). وفي النهاية أصبح التفريق بين الصديق والعدو في الشرق الأوسط مربكا".
التعليقات (0)

خبر عاجل