قضايا وآراء

تسريبات مكتب السيسي بشأن تزويد فصائل في ليبيا بالسلاح

هشام الشلوي
1300x600
1300x600
لم يكن أحد يتصور ألّا تتأثر ليبيا بانقلاب الثالث من تموز/ يوليو، الذي قاده وزير الدفاع وقتها عبد الفتاح السيسي بدعم غربي صرف وخليجي وتحالف رأسمال مصري فاسد ونخب ليبرالية ويسارية لم تتحمل أن يبعدها صندوق الاقتراع عن دائرة الضوء والمال المصريين.

جاء انقلاب السيسي لا على مصر وحدها، بل لتشجيع ودعم مغامرين آخرين في ليبيا، وعلى رأسهم المتقاعد خليفة حفتر الذي أعلن في عام 2014 أنه يعد للانقلاب على العملية السياسية منذ عام 2012.

شجع انقلاب السيسي وظهوره ودعمه وتشجيعه للانقلاب في ليبيا الجماعات الراديكالية على تبني العمل المسلح كأقصر طريق للوصول إلى السلطة، والوصول إلى نتيجة مفادها أن الديمقراطية، كآلية لقياس التوجهات الشعبية ومأسستها، ما هي إلا وهم وضرب من الخيال.

تظافرت جهود عدة محلية وإقليمية ودولية  لتحويل ليبيا إلى ساحة حرب، كان السيسي ومحمد بن زايد والملك عبد الله وآل الصباح في الكويت، إضافة إلى غض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية الطرف عن الانقلاب ومباركته ومساعدته وتوجيهه ليثمر في النهاية نظاما فاشيا لم تعرفه المنطقة العربية منذ انقلابات أربعينيات القرن الماضي.

فالسيسي خليط مشوه من عسكرية فاشية وادعاء وتدليس وتسخير قوى المجتمع الفاسدة لصلاحه هو، وليس لصلاح مشروع سياسي يخدم بلده الراضخ تحت أزمات اقتصادية واجتماعية ومختنقات سياسية.

الرجل الآن يخشى الدخول إلى لعبة الديمقراطية. كيف لا؟ وهو الذي انقلب عليها. كيف لا؟ وهو الذي بان عوار تدليسه في الانتخابات الرئاسية المدوكرة التي أتت به.

خليفة حفتر ومحمود جبريل وجمعة الأسطى نماذج لتحالف العسكري الفاشل بالسياسي الأفشل برأس المال المسخر للدعاية السوداء عبر وسائل الإعلام الأفسد.

لم تجد هذه النماذج حرجا من التآمر وشل أي عملية ديمقراطية حقيقة في ليبيا منذ نشأتها كدولة معترف بها في خمسينات القرن الماضي، وذلك تارة بدعوى انتهاء ولاية المؤتمر الوطني العام في شباط/ فبراير من العام الماضي، وتارة بتحريش الأذرع العسكرية لحزب تحالف القوى الوطنية، كتائب "القعقاع والصواعق والمدني" في تهديد وخطف الأعضاء واقتحام مقر المؤتمر وشله.

التسريبات الأولى لمكتب وزير الدفاع السابق السيسي أظهرت كيف أن الإمارات ومصر بالتحالف مع أحمد قذاف الدم مولت إعلاميا وسياسيا وروجت لإسقاط المؤتمر الوطني العام، الذي مثل وقتها فسيفساء ليبية تعددت ألوانه، من أحزاب إسلامية وليبرالية ومستقلين ووطنيين، وأزلام للنظام السابق.

التسريبات الثانية أبانت الدور الإماراتي المصري بمساعدة دحلان ومحمد إسماعيل المستشار المني لسيف الإسلام القذافي وحجم التدخل في الشأن الليبي، وتحويل ليبيا إلى ساحة حرب، وجني ثمار صفقات السلاح على حساب أرواح الشعب الليبي.

ليس ثمة شك بأن هذه الصفقات كانت تتم تحت أعين الغرب بشقيه الأمريكي والأوروبي، وبتنسيق إسرائيلي عن طريق رجال أعمال فلسطينيين ونمساويين. 

ليس من الممكن أن يسمح نظام انقلابي -بان واتضح من أيامه الأولى حجم الخدمات التي اقترحها أو التي قدمها لإسرائيل- أن يسمح على حدوده الغربية بنموذج ديمقراطي حتى وإن كان هشا أو ضعيفا أو يحبو أولى خطواته نحو بناء دولة تتداول فيها السلطة سلميا.

لا أحد يشكك في خطر التنظيمات المتشددة، وعلى رأسها تنظيم الدولة الإسلامية على الحياة العامة والخاصة للمجتمع، وأنها خيار لا يقل عدمية عن خيارات الانقلابات العسكرية. 

إلا أن الحجج التي قدمتها قوى الانقلابات في المنطقة لهذه التنظيمات كانت من القوة بحيث أن الجدال حول فوضى الانقلاب وعبثية التشدد وجدوى الديمقراطية أضحى غير ذي جدوى لدى كثير من الشباب التواق إلى حياة كريمة، لا يمكن أن تتوفر إلا في ظل نظام ديمقراطي عادل.
التعليقات (0)