سياسة عربية

وقفة لشخصيات شيعية ببيروت رفضا لسياسات حزب الله (فيديو)

جانب من الاعتصام في العاصمة اللبنانية بيروت - عربي21
جانب من الاعتصام في العاصمة اللبنانية بيروت - عربي21
اعتصم العشرات من المثقفين والناشطين اللبنانيين، غالبيتهم من الطائفة الشيعية، في وسط العاصمة بيروت، رفضا لما قالوا إنها حملات التحريض والتخوين التي يتعرضون لها على خلفية مواقفهم المعارضة لسياسات حزب الله في لبنان وخارجه.

ومقسما بـ"القرآن والانجيل والإمام علي"، بدأ عريف الاعتصام حديثه بأنهم ليسوا من "شيعة السفارة"، وهو المصطلح الذي استخدمه الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في هجومه على شخصيات شيعية تنتقد سياسات الحزب داخليا وخارجيا، على اعتبار أنهم على اتصال مع السفارة الأمريكية في بيروت، وهو ما اعتبرته شخصيات شيعية مستقلة في حينها تحريضا مباشرا على استهدافهم.

ففي ساحة رياض الصلح وسط العاصمة بيروت، ومن أمام السرايا الحكومي، وبالقرب من الاعتصام المفتوح لأهالي العسكريين اللبنانيين المختطفين في جرود عرسال، اختارت الشخصيات الشيعية المستقلة، ومعهم مثقفون من مختلف الطوائف، إطلاق مواقفهم الرافضة لسياسات حزب الله على الصعيد الداخلي والخارجي.

المشاركون في الاعتصام رفعوا الأعلام اللبنانية ولافتات تدعو الى رفض الفتنة المذهبية، ولافتات أخرى حملت أسماء بلدات شيعية وأخرى سنية في منطقة البقاع، في إشارة الى رفض الصراع المذهبي في لبنان.

ويرفض منظمو الاعتصام القول بأن الاعتصام هو شيعي، على الرغم من أن غالبية الشخصيات المشاركة فيه هي من أبناء الطائفية الشيعية، فيما يقول الصحفي محمد بركات، وهو أحد منظمي الاعتصام، لـ"عربي21"، إن "وقفة اليوم هي تجرك عفوي دُعي له منذ يومين فقط عبر وسائل التواص الاجتماعي".

واذا ما كانت جهات معينة تواصلت مع المنظمين سعيا لتأجيل الاعتصام أو إلغائه، نفى بركات ذلك، مستدركا بالقول إن جهات مجهولة نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي إشاعات عن إلغائه في محاولة لاحباطه.

أهداف الاعتصام

وعن أهداف الاعتصام، والإطار الذي يأتي في سياقه، يلخص الباحث والأكاديمي محمد علي مقلد؛ ذلك بالقول إنها "وقفة لدعوة اللبنانيين جميعا، بخاصة من يصرون على حمل السلاح وحل مشاكل البلد بالقوة المسلحة، للعودة إلى ضميرهم ووعيهم، والتعلم من دروس الحرب الأهلية اللبناية ودروس الحروب الأهلية الدائرة حولنا؛ التي تشير إلى أنها لا تنتهي بانتصار أحد".

ويضيف مقلد، في حديثه لـ"عربي21"، أن "علينا العودة إلى لغة الحوار، وإلى إعادة بناء البلد على أساس احترام الدستور والقانون واحترام مؤسسات الدولة، وهي دعوة موجهة بشكل خاص لحزب الله، وبشكل عام لكل من يصر على استخدام العنف لتحقيق الأهداف السياسية".

ويلفت مقلد إلى أن المشاركين في الاعتصام والداعين إليه ليسوا حزبا أو تيارا سياسيا، و"لسنا معنيين بالاتهامات الموجهة إلينا، وهي اتهامات نرد عليه بالحسنى والنصيحة وبالدعوة إلى الحوار، إذ أننا نوجه رسالة لكل الطوائف بأن مشاكلها لا يمكن حلها إلا بحلول وطنية".

الشيخ عباس الجوهري

بدوره، وجه رجل الدين الشيعي و رئيس المركز العربي للحوار، الشيخ عباس الجوهري، انتقادات حادة لحزب الله، عندما تحدث في كلمة خلال الاعتصام تطرق فيها إلى الأزمة بالقول: "دخل بلدنا من جديد أتون هذه الأزمة التي يجتهد البعض لتصوير انغماسه فيها على أنه دفاع عن لبنان وعن التعددية فيه، في اجتهاد يبطله الانغماس الكلي في مساندة النظام السوري المجرم، مستعينا بصور الظلاميين والتكفيريين الذين شوهوا حقيقة هذه الثورة في المطالبة في التغيير المحق في شامنا العربي العزيز".

ولفت لجوهري إلى أنه "إذا كان الهدف حماية لبنان فلنقف صفا واحدا على حدوده خلف القوى المسلحة الشرعية التي تستمد شرعيتها من المؤسسات الدستورية، أعني بذلك الجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية الأخرى".

وردا على ما يطرحه حزب الله من أن تدخله في سوريا إنما هو لحماية لبنان، قال الجوهري: "بما أن الجميع ممثلون في الحكومة اللبنانية، فيجب أن تكون طاولة مجلس الوزراء هي مكان النقاش وأخذ القرار، في أي صيغة تحمي لبنان ويلتف حولها كل المكون اللبناني".

وتساءل الشيخ الجوهري: "لماذا يحق في العراق طلب المساعدة من المجتمع الدولي لحماية الأرض والإنسان، ولا يحق لنا أن نطلب من الامم المتحدة تنفيذ القرار 1701 على كامل حدودنا؟"، في إشارة الى الحدود مع سوريا.

وعما يجري في سوريا وتداعياته على لبنان والمنطقة، دعا الجوهري لـ"إعادة رسم الصورة للحرب على أنها حرب نظام وأتباع ومعارضة وأنصار، لنبدد الاصطفاف على أساس مذهبي وديني"، موجها حديثه لــ"القوى الحية المتقدمة والمدنية، وحتى الإسلامية في الثورة السورية إن استطعنا التحاور معها، لتقديم وثيقة تؤكد من خلالها أن ليس من أهدافها الولوج في حرب مع الطوائف بما هي فرق دينية، ولتبقي العداء مع المحاربين فقط".

الإعلامي علي الأمين

أما الصحفي والإعلامي الشيعي علي الأمين، فقال في كلمته خلال الاعتصام: "أتينا لنقول إنّنا مع قوّة المنطق ولسنا مع منطق القوّة، يرتسم موقعنا في الاجتماع الوطني اللبناني ممّا نحمله من أفكار، من آراء ورؤى، لا ممّا نحمله من سلاح".

ولخص الأمين مطالب المعتصمين بالقول: "طلباتنا بسيطة، نريد تطبيق الدستور، واحترام القانون، وتقديم الانتماء إلى لبنان، وطنا نهائيا واحدا حرّا عربيا، يؤمن بالديموقراطية والحداثة. نريد لبنان الدولة الحامية والمرجع".

ووجه الأمين دعوة لأبناء الطائفة الشعيية واللبنانيين بالقول: "لنواجه منطق التكفير، بمنطق آخر يذهب إلى معالج أسس التكفير ووجود من يؤمنون به، وليس بمعالجة تداعياته، تعالوا نشخّص الداء لنصف الدواء، فالمسكّنات تسمح للأمراض بقتل الجسد من دون أن يعلم".

وأضاف: "علاج التكفير لا يكون باستباحة الحدود، ولا بإلغاء الهويّة الوطنيّة، بل بمزيد من التوحّد الداخلي ومبادئ الشراكة الوطنيّة، وبالمزيد من التمسّك بهويتنا الوطنيّة وبحدودنا وبالعقل في الحوار والنظرة إلى الآخرين".

بيان ختامي

وفي ختام الاعتصام ألقي بيان ختامي من قبل المنظمين، أكدوا فيه على "الحرية الفكرية والسياسية وحرية التعبير هي واحدة من ابرز الخصائص اللبنانية التي حماها الدستور، والمحافظة عليها هو كالمحافظة على هويتنا الوطنية"، مشددين على أنه "لا معنى ولا مكان بيننا للغة التخوين، فالخائن هو فقط من خونه القانون".

كما اعتبر المنظمون أن "وجود أخطار تهدد ما يسمى أقليات مذهبية ما هو إلا خدعة يراد بها باطل، فلا يجب ان تنطلي على أحد، لأن تكاتف الشعب اللبناني ووحدته الوطنية هو الملاذ الوحيد الذي ينفي من خلالها وجود أقليات أصلا".

ووجه البيان رسالة إلى حزب الله بالقول إن "حماية الشيعة و محاربة الظلاميين لا يكون بسلاح شيعي، ولا بتخوين من يخالفكم الرأي بل الحماية الحقيقية هي سلاح الوحدة الوطنية. وإن هذا السلاح هو أقوى أمضى، من أي سلاح يشرذم هذه الوحدة ويقدم الذريعة لضربها"، حسب تعبير البيان.





التعليقات (0)