صحافة دولية

لوموند: أمريكا في مأزق استراتيجي بحربها على الإرهاب

عناصر من تنظيم الدولة في العراق - أ ف ب
عناصر من تنظيم الدولة في العراق - أ ف ب
على الرغم من توالي "انتصارات" الولايات المتحدة الأمريكية المرتبطة بإقدامها على تصفية اثنين من أهم قيادات تنظيم القاعدة في وقت متزامن، إلا أن الجريدة الفرنسية "لوموند" أكدت في افتتاحيتها لعدد اليوم أن ذلك لا يمكن أن يغطي على "المأزق الاستراتيجي" الذي تتخبط فيه أمريكا في ما يتعلق بحربها على "الجهاد".

واعتبرت الجريدة في افتتاحيتها أن مقتل ناصر الوحيشي في اليمن، ومختار بلمختار في ليبيا، واللذين يمكن اعتبارهما من أهم القياديين في تنظيم القاعدة،  في بلدان لا تتوفر فيها أمريكا على حضور عسكري أو ديبلوماسي،  يوضح القدرة الكبيرة والمتزايدة للولايات المتحدة الأمريكية  على  تجميع المعلومات الاستخباراتية ، و على الاستهداف الدقيق للأهداف " الأكثر أهمية" في وقت قصير بما يكفي لتجنب هروبها.

إذ يعتبر الوحيشي، زعيم تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة الإسلامية،  الرجل الثاني في تنظيم القاعدة "الأم"  بعد أيمن الظواهري، الخليفة الحالي لأسامة بن لادن مؤسس التنظيم، وقد كان الوحيشي "كادرا تاريخيا" عرفته أفغانستان خلال حكم طالبان وشارك أيضا في الهرب إلى تورا بورا.

في ما كان زعيم حركة "المرابطون" مختار بلمختار الذي ظل يتنقل في  ربوع الصحراء الكبرى منذ نحو 15 عاما نشيطا في أعمال التهريب المربحة ومنظما لعمليات خطف الرهائن، والمطلوب رقم واحد في دول الساحل وشمال إفريقيا، خصوصا  بعد الهجوم على موقع الغاز في عين أميناس في يناير 2013 في الجنوب الشرقي للجزائر، والذي أسفر عن مقتل 37 أجنبيا وجزائري واحد بالإضافة إلى مقتل نحو 30 شخصا من مرتكبي الهجوم .

إلا أن هذه "الانتصارات العملية" لا يمكنها أن تغطي على فشل إجمالي، يتمثل حسب "لومونود" في غياب هدف سياسي محدد بوضوح  وحلفاء "أوفياء" في الحرب على الإرهاب. وتابعت الجريدة تحليلها مؤكدة على أن مقتل أسامة بن لادن زعيم القاعدة، والذي صورته إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما كـ"انتصار كبير"، لم يفلح في كبح جماح أنشطة تنظيم القاعدة التي انتشرت في سوريا واليمن بعد فقدانها للتأثير في باكستان.

وتساءلت لوموند في هذا السياق عن إمكانية توقع أن يكون مقتل أبي بكر البغدادي من شأنه أن يضع حدا لمشروع الدولة الإسلامية  في العراق والشام، والتي تسيطر على نصف الأراضي السورية وعلى ثلث مساحة العراق.

واسترسلت الجريدة في سرد المعطيات، مؤكدة على أن القادة البارزين في التنظيمات الجهادية يتم تعويضهم بعد مقتلهم مهما كانت درجة أهميتهم وتأثيرهم في هذه التنظيمات، وهو ما يمثل دليلا قاطعا على أن ظاهرة "الإرهاب" هي ظاهرة عميقة ومتجذرة على أرض الواقع وفي أذهان المؤمنين بها، ما يعني أنه لا يمكن لضربات جوية القضاء عليها.

وأوضحت "لوموند" أن إدارة الرئيس الأمريكي أضحت تعمد إلى التدخلات ذات "البصمة الخفيفة"،  أي التي لا تعتمد على نشر قوات عسكرية على نطاق واسع كما كان عليه الأمر  في الحروب "الكارثية" في العراق وفي أفغانستان، وذهبت أبعد من ذلك  برفض التدخل في القضايا التي لا تهدد مصالحها بطريقة مباشرة، وهو ما جعلها مجبرة على سن سياسة مضاعفة التصفيات والاغتيالات، وهو الأمر الذي يبقى "دون جدوى"، حسب الصحيفة الفرنسية دائما.
0
التعليقات (0)