سياسة دولية

3 عقبات رئيسية أمام التحالف العسكري الافريقي ضدّ بوكو حرام

عناصر مسلحة من بوكو حرام - أرشيفية
عناصر مسلحة من بوكو حرام - أرشيفية
3 عقبات رئيسية تحول دون تحقيق القوّة الافريقية المشتركة ومتعدّدة الجنسيات، للتصدّي لـ "بوكو حرام"، لأهدافها المرسومة. تحدّيات تطرح نفسها حتى قبل الإطلاق الفعلي للقوّة، وتحدّ من نجاعتها المتوقّعة، بحسب أستاذ العلوم السياسية بجامعة كنشاسا (الكونغو الديمقراطية)، فيليب بيويا ماكوتو.

ماكوتو، أشار، في حديث للأناضول، إلى أنه ومع أنّ أولى أشكال التحالف العسكري بدأت، منذ مطلع هذا العام، نشاطها، إلاّ أنّ الانتشار الفعلي المنتظر لحوالي 8 آلاف و700 رجل، ما فتئ يتأجّل مرارا وتكرارا، من قبل البلدان المشاركة بجنودها، وهي بنين والكاميرون والنيجر، إضافة إلى كلّ من نيجيريا وتشاد.

عقبات قال الخبير صاحب كتاب "جيوسياسية اللااستقرار"، أنّها تعود في مجملها إلى غياب الإطار الهيكلي الإقليمي الذي أدّى إلى ظهورها.

1)- عدم وضوح الرؤية:

بالنسبة لماكوتو، فإنّ "أبرز عائق يكمن في عدم وضوح الرؤية أو عدم توفّر رؤية استراتيجية على المدى البعيد"، فيما يتعلّق بالتصدّي لتنظيم "بوكو حرام" المسلّح والناشط في مناطق حوض بحيرة تشاد. ومثل هذا الخلل ينحدر من مفارقة غريبة نوعا ما، وهي أنّ افريقيا، ورغم أنها القارة التي تحصد نصيب الأسد من الدمار جرّاء العنف، إلاّ أنها "لم تمتلك أبدا ثقافة الحرب المحترفة".

هنة تعدّ، بحسب الخبير الكونغولي، مشتركة بين عدد من الجيوش الافريقية، وحتى جيش بلاده، والذي كان يعتبر، سابقا، من أعتى القوى العسكرية في المنطقة وأكثرها احترافا، سرعان ما تخلّى عن بريقه لينزلق من "المجد إلى العار"، على حدّ تعبير فنسون مبافو موهيندو، في كتابه "من تحالف القوى الديمقراطية للتحرير إلى حركة أم. 23 (حركات متمرّدة) بالكونغو الديمقراطية".

ماكوتو يرى أيضا أنّ تجميع القوى لن يكون مثمرا إلا في حال إلتقاء جيوش محترفة بكل ما تحمله الكلمة من معنى. عكس ذلك، فإنّها ستظلّ تشكو من إعاقة أبدية تمنعها من التقدم. وفي قارة اتّسمت أو اكتسبت ما يشبه التقليد فيما يتعلّق بالإطاحة بالأنظمة عبر الإنقلابات العسكرية، كان من البديهي أن يعمل الحكّام الأفارقة على إضعاف جيوشهم خوفا من انقلابها عليهم، يضاف إلى ذلك، عمليات "إعادة الأدماج"، والتي غالبا ما تشمل "المحاربين القدامى في صفوف المجموعات الانفصالية المسلحة، أي أعداء النظام"، في صفوف الجيوش النظامية، ما يجعل من اختراق الأخيرة وتقسيمها عملية يسيرة للغاية.

;علاوة على جملة القيود المتأصّلة في معظم الجيوش الإفريقية، باستثناء التشادي منها، فإنّ افتقادها لخبرة القتال الجماعي وأيضا لحرب العصابات التي تشنها بوكوحرام، من شأنه أن يصبّ في خانة الوهن ذاته، ويعيق تجسيد التحالف الافريقي لأهدافه، ما يدفع إلى التساؤل: "كيف بالإمكان إقرار استراتيجية للعمل؟ وفقا للخبير، والذي، ولئن اعترف بـ "توفّر النوايا الحسنة لاجتثاث بوكو حرام، إلاّ أنه أكّد أنها تظلّ غير كافية لوحدها، بما أنّه ينبغي على مكوّنات القوّة العسكرية المشتركة العمل معا بشكل متناغم ومتماسك".

2)- قضايا الزعامة:

ماكوتو وجد أنّه كان من الأجدر، بهدف الإفلات من منطق "الكرامة الوطنية"، تحديد أهداف لهذه العملية العسكرية تكون ثمرة تعاون بين الأقاليم وليس بين الدول، فـ "المنطق كان يفرض التنسيق بين قوّات وسط وغرب افريقيا على مستوى المنطقتين المنتميتين إليها ("المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا"، و"المجموعة الاقتصادية لدول وسط افريقيا")، موضّحا أنّه ولئن كانت معظم البلدان المعنية بالحرب على بوكو حرام تنضوي ضمن "لجنة حوض بحيرة تشاد"، إلاّ أنّ توجّه هذه المنظمة الافريقية الفرعية لا يعنى بالقضايا الأمنية.

كما أنّ "تجاوز المنظمات الإقليمية المذكورة"، يتابع ماكوتو، "يمنح المجال لكلّ دولة لمتابعة أهدافها المختلفة بشكل منفصل، وهذا نفسه ما يجعل، في مرحلة موالية، من استقرارها الخاص موضوع الاهتمام على حساب الاستقرار الإقليمي ككلّ"، لافتا إلى أنّ هدف نيجيريا ليس "بالضرورة" القضاء على "بوكو حرام"، بقدر سعيها لطردها خارج حدودها.

لكن حين تتجاوز الأهداف الإطار الوطني، فإنّه لن يكون هناك مكان للحساسيات والحسابات الضيّقة، لأنّ الأهداف ستكون حينذاك مشتركة، وسيكون بإمكان الأخيرة القضاء على الأضرار الجانبية لهذا التمشّي القومي. و"نيجيريا، على سبيل المثال"، يوضح الخبير، "تعاني اليوم ضمن هذا التحالف لأنها لا تعتبر قوّة عسكرية رغم أنها أوّل قوّة اقتصادية في القارة الافريقية، على عكس تشاد، والتي يحدث وأن تصدّر خبراتها في إطار البعثات العسكرية إلى كلّ من مالي والسودان أو حتى افريقيا الوسطى".

تفوّق "قد يمنح تشاد موقع القيادة ضمن التحالف الافريقي مقارنة بنيجيريا، والتي قد لا يسعها القبول بذلك، وهذا ما قد يفسّر معارضة الأخيرة، في بعض الأحيان، لعمليات عسكرية تشادية على أراضيها. فهذا العملاق الاقتصادي لا يودّ، في الواقع، الإنخراط في تحالف قد يكلّفه موقع الزعامة لحساب تشاد"، والذي يشارك بألفي و500 جندي، وهو رقم هزيل مقارنة بعدد الرجال الذين وعدت نيجيريا بنشرهم ضمن القوة المشتركة للتصدي للتنظيم النيجيري المسلّح.

وخلص الخبير إلى أنّ "الإطار الإقليمي –لو توفّر- كان سيساعد في امتصاص مثل هذه الحساسيات، وذلك عبر التوفيق بين السياسات الخارجية، ووضع استراتيجية أمنية مشتركة تضمّ جميع العناصر الاقتصادية والعسكرية والمالية وغيرها".

3)- إشكالات التمويل:

تجميع إرادة الدول سيكون، بحسب الخبير، من نتائجه تجميع الأموال بدل الإنخراط ضمن التحالف بموارد فردية محدودة، وهذه المسألة وقع تناولها ومناقشتها خلال اجتماع نجامينا (العاصمة التشادية)، من الخميس حتى السبت الماضيين، من قبل قادة أركان الدول الخمس المعنية. اللقاء ذاته تمخّض عن تحديد 3 مناطق عسكرية حول بحيرة تشاد.

"ومع ذلك"، يضيف الخبير، "فإنّ الهياكل الإقليمية كان بامكانها التكفّل بمثل هذه العمليات، ليس بالضرورة عبر استخدام الموارد الخاصذة لكل طرف، والتي تبقى محدودة، وإنما عبر اللجوء إلى طلب مساعدات مالية من المنظمات الدولية الأخرى".
التعليقات (1)
الذئب
الثلاثاء، 25-08-2015 06:54 م
دولة الاسلام في افريقيا باقيه ولن تضروهم الا اذى