سلط رئيس دائرة الدراسات الشرقية في جامعة تل أبيب، البرفسور الإسرائيلي إيال زيسر، الضوء على اللاعبين الأساسيين في الحرب الدائرة داخل
سوريا، الذين يمارسون "لعبة تحريك الخيوط" والمصالح، مؤكدا أن الحرب في سوريا قفزت درجة في الأسابيع الأخيرة، وأثبتت أن اللاعب الرئيس والمحدد لمستقبل سوريا هو الجنرال
قاسم سليماني.
وقال زيسر في مقالته لصحيفة "إسرائيل اليوم"، الخميس، إن لعبة تحريك الخيوط بسوريا بدأت منذ تدخل
روسيا الفظ والواضح إلى جانب بشار الأسد، والآن مع وصول آلاف المقاتلين
الإيرانيين من حرس الثورة للقتال على الأراضي السورية، تكتمل خيوط اللعبة.
وشدد على أن الإيرانيين جاءوا لإنقاذ
نظام الأسد، ولكن فعليا هدفهم هو تعزيز وجود طهران وحرس الثورة على الأراضي السورية قريبا من الحدود الإسرائيلية.
وقال في حديثه المثير حول "خيوط اللعبة": "إذا تساءل أحد كيف ستبدو سوريا بعد بضع سنوات، وما هو مستقبلها المتوقع.. هل ستبقى تحت سيطرة بشار أم تحت سيطرة زعيم داعش، أبي بكر البغدادي، الذي سيصبح عنصر القوة الأساسي في الدولة؟ أم إن حسن نصر الله، زعيم حزب الله، هو الذي سيصبح صاحب القرار؟".
وأجاب عن سؤاله بالتأكيد على أن كل خيوط اللعبة تنتهي بيد رجل واحد هو "قاسم سليماني"، وقال زيسر، إن أحداث الأسابيع الأخيرة جاءت لتُبين أن مستقبل سوريا هو إيراني، حيث إن قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في حرس الثورة الإيراني، هو الذي سيحدد مصير المعركة في سوريا ومستقبل هذه الدولة.
وأكد أن التدخل الإيراني والروسي في سوريا في الوقت الحالي ليس ضمانة لانتصار بشار الأسد. فهذا يحتاج إلى عشرات آلاف المقاتلين الإيرانيين، بل أكثر. وهذا قد يحدث، فمع الوجبة تأتي الشهية. لكن التدخل الحالي يضمن بقاء بشار في مواقعه في دمشق وعلى طول الشاطئ السوري.. إن بشار ليس المسيطر الوحيد الفعال في هذه المناطق، بل إيران وحزب الله أيضا، وكذلك روسيا. الإيرانيون يقاتلون في جزء كبير من المناطق الأساسية في سوريا، وقد أجروا المفاوضات مع المتمردين دون أخذ الأسد بعين الاعتبار.
وشدد زيسر على أن التواجد الإيراني في سوريا ليس أمرا جديدا بالنسبة لإسرائيل. فمنذ بضع سنوات يعمل رجال الثورة الإيرانية من خلال رجال حزب الله لضمان السيطرة الدائمة على طول الحدود في هضبة الجولان، والأسوأ من ذلك هو أنهم يُشعلون هذه الحدود.
وتابع بالقول: "جاء التواجد الإيراني مع ازدياد التواجد الروسي كخطوة مشتركة للدولتين، لكن لكل واحدة مصلحتها الخاصة، ومستوى التهديد لإسرائيل مختلف أيضا. لدى إسرائيل أسباب للقلق من التواجد الروسي، ومع ذلك فإنه توجد لروسيا قنوات اتصال مفتوحة مع إسرائيل، ولا يطالب زعماؤها، علنا أو سرا، بتدميرها".
ثمرة للسياسات الأمريكية
ونوه زيسر إلى أن احتلال سوريا من قبل روسيا، ولا سيما من قبل إيران، هو ثمرة أخرى للسياسة الأمريكية في المنطقة، ونتيجة مباشرة للتردد وعدم الفعل والضعف. وهي أيضا نتيجة مباشرة للاتفاق النووي مع إيران. هذا الاتفاق زعم معالجة السلاح النووي لكنه أبقى مسألة التدخل الإيراني في الشرق الأوسط مفتوحة. ويتضح الآن أن السؤال لم يبق مفتوحا. من ناحية الإيرانيين، كان الاتفاق ضوء أخضر لزيادة التدخل في المنطقة. وهذا برهان آخر على الطابع الإيراني الجديد بعد الاتفاق النووي. بعد عقد أو عقدين سيتبين أن الاتفاق أحدث تغييرات عميقة في إيران حيث سيؤدي إلى إضعاف المتطرفين في القيادة الإيرانية، لكن هذا سيكون متأخرا لملايين السوريين.
واستدرك بالقول: "ليس غريبا أن الكثيرين في المنطقة يقتنعون بأن الولايات المتحدة مطلعة على التدخل الإيراني الروسي في سوريا، أو على الأقل هي لا تعارض ذلك، مثلما أنها لا تعارض التدخل الإيراني المتزايد في العراق".
وختم زيسر مقالته بالقول إنه "من المحظور على إسرائيل التسليم بذلك. ومحظور السكوت على ألف أو ألفي جندي إيراني، لأننا سنكتشف غدا آلاف الجنود وبعد أسبوع سنكتشف أنهم أحضروا معهم أسلحة وطائرات وصواريخ".
وشدد على أن من حق إسرائيل أن تطلب من روسيا أو الولايات المتحدة، وبشكل غير مباشر من إيران، ضمانات حول جوهر ومستقبل التواجد الإيراني في سوريا (مثلا أن لا يتجاوز الإيرانيون خط دمشق وأن لا يملكوا الصواريخ والطائرات). مؤكدا أنه يجب العمل على ذلك قبل فوات الأوان.