صحافة دولية

ميدل إيست آي: بوادر خلافات كردية كردية قبل انتخابات نوفمبر التركية

ميدل إيست آي: بوادر انقسامات وخلاقات بين الأحزاب الكردية تسبق الانتخابات - أ ف ب
ميدل إيست آي: بوادر انقسامات وخلاقات بين الأحزاب الكردية تسبق الانتخابات - أ ف ب
كشف تقرير نشره موقع "ميدل إيست آي" في لندن، عن أن الخلافات الكردية الكردية تؤشر إلى انقسام بين حزب الشعوب الديمقراطي، الذي يتزعمه صلاح الدين ديمرطاش، وحزب العمال الكردستاني، بزعامة عبدالله أوجلان، السجين لدى السلطات التركية.

ويذكر التقرير، الذي أعده عروة إبراهيم، أنه منذ الهجوم الذي نفذ في 20 تموز/ يوليو، وقتل فيه 32 شخصا في بلدة سروتش على الحدود التركية السورية، ودخول تركيا في الحرب ضد تنظيم الدولة، وانهيار وقف إطلاق النار بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني "بي كي كي"، تعرضت العلاقات بين الحزب وحليفه حزب الشعوب الديمقراطي للتوتر.

ويستدرك الموقع بأن تزايد العنف وضع حزب الشعوب في وضع صعب خاصة أن حزب الشعوب الذي يقدم نفسه الجناح السياسي للأكراد، بعد أن تجاوز نسبة 10% في الانتخابات التركية الأخيرة، التي منحته 80 مقعدا في البرلمان التركي، إلا أنه ظهر تنافس حاد بينه وحزب العمال. 

وينقل الكاتب عن الخبير في الشؤون الكردية والزميل الباحث في معهد "ريثينك" في واشنطن مصطفى غربوز، قوله: "منذ انتخابات 7 حزيران/ يونيو، يحاول كل من حزب الشعوب و(بي كي كي) موضعة نفسيهما لنيل فخر الفوز بالانتخابات. وقد بدأت حرب كلامية في ليلة الانتخابات".

ويشير التقرير إلى أن الناشطة في مجال حقوق الإنسان والمتخصصة بالشؤون التركية الكردية أليف يامان، توافق على أنه ومنذ انتخابات حزيران/ يونيو تعامل "بي كي كي" مع نسبة 13% التي حصدها حزب الشعوب الديمقراطي على أنها تهديد له، بدلا من النظر إليها على أنها انتصار يعني الأكراد كلهم في تركيا.

ويبين الموقع أن التصريحات العامة لقادة "بي كي كي" قد كشفت عن عدم ارتياح من قادة حزب الشعوب الكردية. وهاجم أحد قادة "بي كي كي"، وهو دوران كالكان الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين ديمرطاش، قائلا: "من هو وماذا حقق؟"، بحسب ما أوردت صحيفة "يعني شفق" في 27 آب/ أغسطس.

ويذكر إبراهيم أنه في بداية أيلول/ سبتمبر هددت نائب زعيم حزب الشعوب والقيادية في الحركة السياسية الكردية ليلى زانا، بالإضراب عن الطعام إن لم يتوقف العنف.  وفي الوقت ذاته دعا ديمرطاش "بي كي كي" إلى وضع أسلحته، والتفاوض حول وقف غير مشروط للأعمال العدائية، وقال: "من أي جهة جاءت ومن أي طرف جاء يجب وقف العنف"، حيث أشار إلى الجنود الذين قتلهم "بي كي كي" بـ "أبنائنا". ولم يصغ أحد إلى كلامه، خاصة من الآخرين الذين يقفون على الأرضية ذاتها مع "بي كي كي".

وتعلق يامان بالقول إن "عدم اللامبالاة التي أبداها (بي كي كي) لدعوات حزب الشعوب الديمقراطي للسلام، وحقيقة توجه الحزب لهذا، هو تعبير مهم عن الدينامية التي تعمل في داخل الحركة الكردية في الوقت الحالي"، بحسب الموقع.

وينقل التقرير عن الصحافي التركي المعروف جنكيز تشاندار، الذي يكتب عن القضايا الكردية، قوله إن التوتر بين حزب الشعوب و"بي كي كي" يشبه التوتر الحاصل بين حزب العدالة والتنمية وحزب الشعوب الديمقراطي.

ويلفت الموقع إلى أن تشاندار أخبر صحيفة "حريت" اليومية أن "بي كي كي" يعمل منذ الانتخابات على إضعاف حزب الشعوب الديمقراطي بالطريقة ذاتها التي يعمل فيها حزب العدالة والتنمية على إضعافه. وقال: "ديمرطاش شخصية سياسية لها مستقبل باهر، وربما كان هذا هو السبب الذي عبر فيه (بي كي كي) عن عدم ارتياحه منه، وينظر إليه على أنه شخص يجب التخلص منه عبر مصيدة".

ويجد الكاتب أن الخلاف بين الجماعتين الكرديتين ينبع من رؤية كل منهما لمستقبل الأكراد. وبحسب المحللين، فإنه في الوقت الذي لا يزال فيه حزب الشعوب يؤمن بحل سياسي، يرى "بي بي كي" أن العملية التفاوضية مع الأتراك ماتت، وعليه فإن استئناف العمل العسكري أصبح ضروريا. وتقول يامان: "يشير حزب العمال الكردستاني إلى أن تعنت الحكومة التركية في المفاوضات أثناء وقف إطلاق النار هو إثبات على أهمية مواصلة القتال".

وتستدرك بالقول إنه في المقابل "يرى حزب الشعوب الديمقراطي أن السلام هو ضرورة لنموه كحزب تركيا، فطموح الحزب أن يعمل ائتلافا يمتد خارج القاعدة الكردية التركية، وهذا الطموح تعطل بسبب استمرار القتال".

وينقل التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن المدير المشارك لمعهد تركيا في لندن مصطفى ديمير  قوله إن "تصاعد العنف قد زاد من وصاية (بي كي كي) على حزب الشعوب الديمقراطي، وأضعف نفوذ الحزب السياسي، وأظهر أن النجاح يعتمد على الدعم الشعبي لـ(بي  كي كي)". 

ويبين الموقع أن نجاح حزب الشعوب في الانتخابات الأخيرة قد جاء من الأصوات المؤيدة لحزب العمال الكردستاني، حيث كان الحزبان يتنافسان على القاعدة الانتخابية ذاتها. وهذا الواقع يقع في جوهر التنافس بين "بي كي كي" وحزب الشعوب الديمقراطي، كما يقول المحللون. 

ويقول ديمير للموقع: "عندما شاهد الأكراد كلا من حزب الشعوب و(بي كي كي) يكافحان من أجل الحقوق الديمقراطية، فإنهم بدأوا يتساءلون عن حيوية الجماعات العسكرية، وهو ما أضعف بالضرورة الحاجة للمقاومة المسلحة". وأضاف أن "العنف الأخير ورد الدولة عليه برر إلى حد ما وحود (بي كي كي) والمقاومة المسلحة، فيما أضعف الجماعات الكردية المنخرطة في السياسة". 

ويوضح إبراهيم أنه من النقاط التي تشير إلى تباين بين الأكراد رؤية الجماعتين. وفي الوقت الذي يملك فيه حزب "بي كي كي" رؤية إقليمية تشمل الأكراد كلهم في المنطقة، إلا أن حزب الشعوب الديمقراطي قدم نفسه على أنه حزب تركي يمثل الناس خارج الأقلية الكردية في تركيا. وتقول يامان: "لدى (بي كي كي) رؤية إقليمية واضحة تضم كلا من سوريا وتركيا، فيما يملك حزب الشعوب الديمقراطي رؤية مركزية تركية مع رغبة للوصول إلى أجزاء في تركيا عير المناطق التي تعيش فيها غالبية كردية". وقد صوت يساريون وعلمانيون أكراد للحزب المؤيد لهم أثناء انتخابات حزيران/ يونيو.

ويفيد التقرير بأنه في الوقت الذي يحاول فيه الحزبان إقامة منطقة حكم ذاتي في المناطق ذات الغالبية الكردية في الجنوب التركي، إلا أن طريقة تحقيق هذا الهدف مختلفة. وتقول يامان: "حزب الشعوب الديمقراطي يريد تحقيقها عبر الطريقة الديمقراطية، ومن داخل النظام السياسي القائم. أما (بي كي كي) فيريد إقامة حكم ذاتي فعلي عبر استخدام السلاح".

ويرى الكاتب أن الخلافات الحالية لن تؤثر على وضع الأكراد في الانتخابات البرلمانية المبكرة المقررة في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر، مستدركا بأنه رغم التصدعات في داخل الحركة الكردية، إلا أن الأحداث المتعددة عبر تركيا ستعمل على تعزيز الدعم لحزب الشعوب الديمقراطي، وحتى رأب الخلافات بين الحزبين.

وبحسب تشاندر، ففي الوقت الذي أظهر فيه ديمرطاش نوعا من التناقض لدى عناصر "بي كي كي"، إلا أن التطورات في شيزر أدت إلى رأب النزاعات بين الحزبين.

ويورد الموقع أن نواب حزب الشعوب الديمقراطي يقولون إن 20 شخصا قتلوا في شيزر أثناء حصار استمر ثمانية أيام، فيما قال سكان البلدة إنهم عوقبوا من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان؛ لعدم تصويتهم لحزب العدالة والتنمية في انتخابات حزيران/ يونيو.

وتعتقد يامان أن الدعم لحزب الشعوب الديمقراطي سيزيد في ظل الجو المشحون في تركيا، إلا أن الدعم لـ"بي كي كي" سيظل ممزوجا، وسيكون القمع في الأقاليم الكردية لصالح "بي كي كي". وترى أن "الدولة التركية ستعرف الآثار التي سيتركها استمرار التوتر على النفسية الكردية، فقد استقبل الخطاب الذي تبناه حزب العدالة والتنمية والقوميون الأتراك بطريقة فقيرة في مناطق الأكراد".

ويشير التقرير إلى استهداف مكاتب حزب الشعوب الديمقراطي في معظم أنحاء تركيا، الذي حدثت خلال الأشهر الماضية. كما واستهدفت مراكز كردية وأعمال أكراد من اليمين التركي المتطرف.

ويذهب إبراهيم إلى أنه في الوقت الذي سيلعب فيه الجو المشحون لصالح حزب الشعوب الديمقراطي، إلا أن غربوز يرى أن الوضع معقد اكثر بالنسبة لـ"بي كي كي". مشيرا إلى أنه لو حقق حزب الشعوب الكردية نسبة 13% في انتخابات  تشرين الثاني/ نوفمبر، فإن الحركة ستقول إن الناس صوتوا لحزب الشعوب كي يدعم "بي كي كي"، وليس لنزع اسلحته. 

ويضيف غربوز للموقع:"ولكن ناخبو حزب الشعوب الديمقراطي من اليسارالتركي والمحافظين الأكراد الذين يعارصون عنف (بي كي كي) في وضع صعب في انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر".

ويتابع قائلا: "لو قرروا التخلي عن دعم حزب الشعوب الديمقراطي هذه المرة، فستظل نزعة أردوغان الشمولية تهديدا، وفي المقابل لو صوتوا لصالح الشعوب الكردي فسيدعي (بي كي  كي) أنه تصويت لخط العنف".

ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى أنه في ظل غياب أفق وقف لإطلاق النار، فقد عبر بعض المعلثين عن قلقهم من تأجيل الانتخابات. وأشار بعضهم إلى الظروف العملية التي قد تؤثر على نزاهتها، خاصة في المناطق الجنوبية التي تشهد عنفا.
التعليقات (0)

خبر عاجل