عاد رئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي إلى
مصر، الأربعاء، بعد قرابة أسبوع قضاه في الولايات المتحدة الأمريكية، حضر خلاله أعمال الدورة الـ70 للجمعية العامة للأمم المتحدة، ليجد في انتظاره بالقاهرة، انتقادات حادة وجهها إليه، عدد من مقدمي البرامج التلفزيونية، وكتاب الصحف، وحتى أساتذة الجامعات، عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".
خسرت كثيرا
الإعلامي عمرو عبد الحميد، قال -في برنامجه "البيت بيتك"، على قناة "تن"-: "السيسي أثار جدلا كبيرا بتصريحاته حول توسيع معاهدة السلام مع إسرائيل لتشمل دولا أخرى غير الأردن".
وأضاف عبد الحميد: "السيسي خسر كثيرا بعد تصريحات توسيع معاهدة السلام مع إسرائيل".
لماذا من نيويورك؟!
وتحت عنوان: "سأكتب لكم بالقبعة"، قال محمد أمين، في مقال بجريدة "المصري اليوم": "إن كنت قد صفقت لقرار العفو عن الصحفيين، فأنا معك قد صفقت.. وإن كنت قد رحبت فأنا أيضا قد رحبت بالعفو الرئاسي.. فقط أتساءل: لماذا كان القرار في نيويورك؟ لماذا لم يذهب "الرئيس" إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقد عفا عن المحبوسين أصلا؟ لماذا لم يُصدر القرار في القاهرة؟ ألم يكن يعلم بأن ملف الحريات وحقوق الإنسان سيجلب وجع الدماغ؟!
وأضاف: "هناك فارق كبير بين قرار يصدر من "الاتحادية"، ومن قلب القاهرة، وقرار آخر يصدر من منصة
الأمم المتحدة، تحت ضغط دولي.. سواء كان الضغط سياسيا أو إعلاميا؟ لا نختلف على أهمية القرار.. ما نختلف بشأنه هو "المكان".. المكان رمز لاستقلال القرار السياسي.. أي قرار يصدر من القاهرة، غير قرار آخر يصدر من أمريكا.. هذا مفهومي للاستقلال الذى طالبنا به في ثورة 25 يناير".
وأردف: "أظن أن "الرئيس" حين يذهب إلى الأمم المتحدة، وقد أنجز هذه الخطوة، سيكون ذلك أفضل لمصر من إنجازها تحت ضغط دولي".
وتابع: ماذا كان يضير الرئيس أن يعفو عن الصحفيين المحبوسين أيضا؟ خاصة أن النقابة طلبت ذلك عشرات المرات.. ما معنى أن يُحبس صحفي سنوات، مع أن يوما واحدا كفيل بأن يؤدي الغرض نفسه؟
وتابع الكاتب تساؤلاته: هل من المنطق أن يستخدم الرئيس حقه في العفو بعد تدخل دولي؟ ألم يكن يعلم أنه ذاهب إلى نيويورك؟ ألم تكن الأجهزة المعاونة والمساعدة، تعرف أن هناك عقبة، تتعلق بملف حقوق الإنسان؟ لماذا انتظرت، حتى يظهر القرار تحت ضغط دولي؟
واختتم مقاله قائلا: "غير مفهوم أن يصرخ الإعلام المصري، فلا يستجيب أحد.. وحين يصدر الإعلام الغربى إشارة منه، تستجيب مؤسسة الرئاسة.. هنا في هذا المكان، كتبنا عن طلاب وغيرهم.. لا استجابت الرئاسة، ولا استجابت الداخلية.. هل نكتب لكم بالقبعة، لتستجيب الرئاسة؟.. مرة أخرى: لماذا من نيويورك؟"، وفق تساؤلاته.
نحج.. والحجاج عائدون
هذا هو العنوان الذي اختاره "سليمان جودة" لمقاله بالجريدة نفسها، قائلا: "كلام الرئيس في نيويورك، عن محطة الضبعة النووية لإنتاج الطاقة، يدل على أنه لا يريد أن يلتفت إلى حرف واحد مما يقال له حولها، ويدل على أنه مصمم على الموضوع، دون النظر إلى تحذيرات لا تزال تناشده أن يعيد دراسة المسألة، وأن يطلب الرأي فيها، ممن يراهم أمناء معه، ومع البلد".
وتابع: "عندما كان الرئيس في زيارة إلى موسكو مؤخرا، قيل وقتها إن توقيع عقد إنشاء المحطة جرى تأجيله بعض الوقت، بسبب الخلاف حول أمور مادية وفنية، ومما قيل بعدها إن التأجيل لم يكن لهذه الأسباب بالضبط، بقدر ما كان لإعادة تقييم الموضوع كله، ومن الأول".
وأردف: "فلما تكلم "الرئيس" في نيويورك، تبدد التفاؤل لدى الذين توقعوا أن يتمهل أكثر في توقيع العقد، وفي بدء الإنشاء، ليس لأن هؤلاء الذين كانوا قد تفاءلوا يقفون ضد أن تكون عندنا محطة نووية، واثنتان، بل وعشر محطات، وإنما لأنهم يرون، بأدلة وجيهة، ومنطقية، أننا نمشي في اتجاه يعود العالم، في أغلبه، عنه، ويفكر، بل يأخذ بمصادر طاقة جديدة تماما، ليس من بينها المحطات النووية".
وأضاف جودة: "عندما قرأت، خلال أيام مضت، عن أن موسكو تعاقدت على إنشاء محطات نووية حول العالم، بما قيمته 300 مليار دولار، تساءلت بيني وبين نفسي، عن نصيبنا في هذا المبلغ، لندفعه لهم، ثم عما إذا كان الأمر عندهم قد تحول إلى تجارة مربحة للغاية، بصرف النظر عن عواقب مثل هذه التجارة، في المستقبل، على الذين ينخرطون فيها مثلنا، بل يندفعون إليها، دون دراسة كافية للحكاية بكل أبعادها".
واستطرد الكاتب: "حتى الذين ناشدوا الرئيس بأنه إذا كان لابد من محطة الضبعة، فلتكن في داخل الصحراء الغربية، لا على شاطيء البحر، اكتشفوا ويكتشفون كل يوم أنهم يناشدون أنفسهم، ويتكلمون مع أنفسهم، وأن قتل الساحل الشمالي الغربي بكامله سياحيا، بالتصميم على أن تكون المحطة في القلب منه، أمر يبدو أنه لا يعني الذين يتخذون القرار في البلد".
واختتم مقاله محذرا من أننا: "سوف نذهب إلى محطة الضبعة، كالذي ذهب إلى الحج، بينما الحجاج عائدون!"، على حد قوله.
قلق من البرلمان القادم
وتحت عنوان: "مقالة الرئيس"، قالت نوال مصطفى بجريدة "الأخبار": "استوقفتني جملة مهمة للرئيس عبدالفتاح السيسي جاءت في المقال المنشور بجريدة "وول ستريت جورنال" الأمريكية الأحد 27 أيلول/ سبتمبر الجاري. قال إن الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في تشرين الأول/ أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر القادمين تعد معلما مهما من شأنه أن يظهر التقدم الهائل في مصر.
وأضاف أنه يتطلع إلى الإسهامات التي سيقدمها أعضاء البرلمان المقبل، لإعادة بناء مصر، وتمثيل الشعب المصري، ومراقبة أداء الحكومة".
وعلقت نوال بالقول: "أتفق مع كلام "الرئيس"، لكنني لا أستطيع - في الوقت نفسه - أن أمنع نفسي من القلق إزاء تركيبة البرلمان القادم في ظل عدم وجود أحزاب قوية أو حتى حركات سياسية لها ثقل في الشارع. ولا أرى حتى الآن ملامح واضحة لكتل سياسية تتمتع بهارموني فكري فيما بينها، أو تملك رؤية واضحة قابلة للتطبيق للنهوض بمصر".
وأردفت: "في ظل غياب تيارت سياسية محددة المعالم، فإن كل البدائل مفتوحة، وكل السيناريوهات ممكنة".
وتابعت: "كنت أتمنى أن نستعد لها (الانتخابات) بصورة أفضل حتى يأتي البرلمان القادم بتركيبة في مستوي توقعات الشعب، أو حتى قريبة منها. وحتى لا نفاجأ بأعضاء لا يمثلون الكتلة الهائلة من الشعب، يصبحون هم المسؤولين عن سن القوانين، ومناقشة المشروعات والقرارات المصيرية، التي ننتظرها بفارغ الصبر، للانطلاق في طريق التنمية"، وفق قولها.
لم يخدعني التصفيق
ومن الصحف الورقية إلى موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، حيث اعتبر الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، حازم حسني، أن كلمة السيسي في الامم المتحدة، "لم تحمل جديدا".
وفي تدوينته قال حسني: "لم تخدعني مقاطع التصفيق التي تخللت إلقاء السيسي لخطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، فلم يكن في الخطاب ما يستدعي تصفيق الوفود التي لم يشارك معظمها الوفد المصري حماسه لاستدرار تصفيق الحضور "لزوم الرسالة الإعلامية المحلية".
وأضاف حسني: "من باب المجاملة شاركت بعض الوفود العربية الوفد المصري احتفاله بخطاب رئيسه، لكننى أثق في أن الأمر كان مثار استياء باقي الوفود خاصة مع الطبيعة المغرقة في المحلية والماضوية والإنشائية الشعبوية لمعظم فقرات الخطاب حتى ما قدمه السيسي منها، وكأنه مبادرة عالمية التوجه.. بل حتى في حديثه عن المشاكل الإقليمية كان الرجل يردد تعبيرات إنشائية تقادمت بفعل التكرار دون أي إضافة حقيقية يمكن أن يتفاعل معها العالم أو تعطى لمصر حضورا على الساحتين الإقليمية والدولية"، وفق وصفه.
واختتم حسني تدوينته بالقول: "أخيرا، لا أعرف كيف يمكن لمثابر على قراءة القرآن، ويقال إنه يحفظه، أن يقع في كل هذه الأخطاء اللغوية في الإلقاء، ومخارج الكلمات، مع نص مكتوب غير مرتجل؟.. هل هذه صورة مصر التي أراد صاحب الخطاب إقناع العالم بأنها مهد الحضارة؟ وهل هذه هي اللغة - في مبناها، ومعناها - التى سنؤثر بها في هذا العالم، ونحن نبني مصرنا الجديدة، التي ادعى صاحب الخطاب أنها تعيد في عهده كتابة التاريخ؟".
سر "الأمل والعمل"
في المقابل حرص أعضاء الوفد الإعلامي - الذين صحبوا السيسي في زيارته إلى الولايات المتحدة - على الثناء على الزيارة، وكيل المديح لها.
فكتب رئس مجلس إدارة ورئيس تحرير "الأخبار"، ياسـر رزق (الذي يعد أحد أبرز الأذرع الإعلامية للسيسي)، مقالا الأربعاء بالجريدة نفسها تحت عنوان: "سر "الأمل والعمل".. وتفاصيل اللقاءات مع كلينتون ورؤساء 22 دولة"، استعرض فيه لقاءات السيسي.
ومن ذلك ذكر رزق أنه: "في لقاء "الرئيس" بالمفكرين، وصناع القرار.. تحدث هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق عن منظوره للتعامل مع أزمات الشرق الأوسط، قائلا إن التعامل مع هذه الأزمات يتطلب رؤية إستراتيجية، وأكد أكثر من مرة، أهمية الحفاظ على العلاقات الإستراتيجية المصرية الأمريكية، وتعزيزها".
ونقل رزق عن النائب الديمقراطي عن ولاية نيويورك اليوت أنجل قوله للسيسي، بعدما استمع إليه: "إننا نتمنى أن تأتي إلى واشنطن، وتطرح رؤاك عن الإرهاب، وقضايا المنطقة، في خطاب أمام الكونغرس"، وفق قوله.
واختتم رزق مقاله (الدعائي) قائلا: "سألت مصدرا رفيع المستوى في ختام الزيارة عما تردد عن وجود فتور في العلاقات المصرية الأمريكية.. قال بوضوح: على العكس، العلاقات تشهد تطورا مطردا، وهناك حرص متبادل على الحفاظ على العلاقات الإستراتيجية بين البلدين، ودفعها قدما".