صحافة دولية

لوموند: من المستفيد من الضربات الروسية في سوريا؟

استهدفت الغارات الروسية حتى الآن مناطق لا وجود لتنظيم الدولة فيها
استهدفت الغارات الروسية حتى الآن مناطق لا وجود لتنظيم الدولة فيها
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا حول تداعيات العملية الجوية الروسية الأخيرة في سوريا، اعتبرت فيه أن التدخل العسكري الروسي في الأزمة السورية يتخذ من مواجهة تنظيم الدولة واجهة كاذبة، من أجل التمويه على دعمه لنظام الأسد ومنع انهياره.

وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الضربات الجوية الروسية على محافظات مختلفة في سوريا، مثل حمص وحلب وحماة والتي انطلقت منذ الأربعاء، تشكل نقطة تحول مفصلية هامة في الحرب في سوريا.

وذكرت أن عدة أطراف دولية تشكك في مصداقية الموقف الروسي، الذي يدعي أن موسكو تتدخل في سوريا من أجل ضرب معاقل تنظيم الدولة. فعلى أرض الواقع تؤكد مصادر عديدة أن الطلعات الجوية التي قامت بها الطائرات العسكرية الروسية فوق حمص وإدلب وحماه استهدفت مواقع لجيش الفتح المتواجد على مشارف هذه المدن الثلات التي يسيطر النظام السوري على مناطق منها.


واعتبر التقرير أن هذه الضربات الروسية الأخيرة، تعد بمثابة طوق النجاة لنظام الأسد. فقد ساهمت في الرفع من معنويات المقاتلين في صفوف قوات النظام السوري والمليشيات المساندة لها، بعد أن أصيب هؤلاء بخيبة كبيرة نتيجة تراجعهم أمام فصائل المعارضة في الفترة الأخيرة.

وقالت الصحيفة إن هذه الدعم أعطى انطباعا للنظام ومسانديه بأنهم على وشك تحقيق النصر المنشود؛ لأن الدعم الروسي كان هاما من ناحية الحجم. فقد قامت موسكو بإرسال 32 طائرة مقاتلة، وعشرات الطائرات العمودية، وعدة بوارج عسكرية ومدرعات و500 جندي تابعين للقوات البحرية.

وأشارت الصحيفة إلى أن الدعم العسكري الروسي يعد هاما من حيث النوعية أيضا؛ إذ أرسلت موسكو معدات وآليات هامة إلى مطار باسل الأسد في اللاذقية، شملت طائرات مقاتلة من نوع "سوخوي24" و"سوخوي25"المتخصصة في استهداف المواقع البرية من ارتفاع منخفض.

وأكدت أن مهمة هذه الطائرات تكمن في توفير إسناد تكتيكي وعملياتي لقوات النظام ولطائرات "ميغ" الكلاسيكية التابعة له؛ لأن هذه الطائرات مصممة للقيام بمناورات جوية محدودة، ولا يمكنها ضمان استمرار صمود قوات النظام على المدى القصير والمتوسط.

واعتبرت الصحيفة أن هذا الإسناد الجوي الروسي يعطي أسبقية جديدة لقوات النظام السوري، في القيام بعملياتها البرية والتقدم بسهولة، ويفتح الباب أمام إمكانية دحر تنظيم الدولة من مدينة تدمر.

وأضافت أنه حينها سيكون بوتين قد حقق سبقا إستراتيجيا في المعركة، يمكن أن يقلب الموازين لصالحه. إلا أن استعادة نظام الأسد للمناطق التي خسرها منذ العام 2011 يبدو أمرا مستحيلا في الوقت الحالي.

وذكرت الصحيفة أن بوتين أكد خلال كلمة ألقاها بمناسبة انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ على أن الحل النهائي للأزمة السورية يكمن في الإبقاء على بشار الأسد في سدة الحكم وإجراء إصلاحات سياسية.

واعتبرت أن هذه الرؤية السطحية للحل في سوريا تبدو بلا معنى؛ لأن موسكو تسعى لفرض شرعية سياسية جديدة للنظام السوري ووضع الشعب السوري أمام الأمر الواقع، وحرمانه من حقه في تقرير مصيره.

وأشار التقرير إلى أن "جيش الإسلام"، أحد أهم الفصائل المعارضة المسلحة، قد حذر الجيش الروسي، قبل الضربات الروسية الأخيرة، من التدخل لصالح النظام السوري، وعبر هذا الفصيل، بالاشتراك مع "أحرار الشام"، عن الاستعداد للدخول في مواجهة مع القوات الروسية.

وذكرت الصحيفة أن هذا التنظيم السلفي نشر تقريرا مصورا يظهر فيه عناصر من التنظيم وهم يطلقون الصواريخ على قاعدة ساحلية تؤوي جنودا من الروس.

ونقلت تهديدا من الجيش الحر للجيش الروسي يتوعد فيه "بإرسال المجندين الروس إلى ديارهم في التوابيت، كما فعل مع حزب الله والمليشيات الشيعية العراقية".

وقالت الصحيفة إن المعارضة السورية تتوعد الروس بتكرار تجربة أفغانستان المريرة، ولكن يجب على فصائل المعارضة أن تفرض نوعا من التوازن في الصراع العسكري ضد الروس، من خلال الحصول على صواريخ أرض جو، وهو ما يذكر بقاذفات "ستينغر" التي حصل عليها المجاهدون الأفغان في السابق، والتي كانت من بين أسباب فشل التدخل السوفياتي في أفغانستان.

وقالت الصحيفة إن الولايات المتحدة تمنع حلفائها الخليجيين إلى الآن من توفير هذا النوع من الصواريخ لمعارضي الأسد، ولا أحد يمكنه التنبؤ بما سيؤول إليه هذا الوضع المتوتر.

وأشار التقرير إلى أن عدد المقاتلين الذين ذهبوا إلى أفغانستان في التسعينيات من القرن الماضي؛ كان أكثر من عدد الذين انضموا للقتال في صفوف تنظيم الدولة.

وحذر من أن الإنزال الروسي في سوريا سوف يغذي "الموجة الجهادية"، ويزيد من تدفق المتطوعين على كل من جبهة النصرة وتنظيم الدولة، بدعوى وجوب قتال "جيش الروس الكفار".

وأشار إلى أن الضربات الروسية الأخيرة تقوي موقف تنظيم الدولة وتضفي عليه شرعية، من حيث تدري أولا تدري، باعتبار أن ما يحصل في سوريا هو "عدوان أجنبي على المسلمين".
التعليقات (0)