مقابلات

خبير اقتصادي: الجزائر تتجه إلى الاستدانة لتعويض انخفاض النفط

مبتول يطلب مصارحة الجزائريين بحقيقة الوضعية العامة للاقتصاد الوطني ـ عربي21
مبتول يطلب مصارحة الجزائريين بحقيقة الوضعية العامة للاقتصاد الوطني ـ عربي21
يؤكد الخبير الجزائري في الشؤون الاقتصادية، عبد الرحمان مبتول، أن التطمينات التي تطلقها الحكومة والوزارات بالجزائر بعد تدهور أسعار النفط وتراجع المداخيل المالية للدولة، تتعارض والوضعية الحالية للاقتصاد الوطني.

وسجل عبد الرحمان مبتول، في حوار مع صحيفة "عربي21"، أن التفاؤل الذي تبني عليه السلطات خطابها الموجه للشعب، تخالفه الأرقام الرسمية الصادرة عن الحكومة الجزائرية، ما يتطلب مصارحة الجزائريين بحقيقة الوضعية العامة للاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى قراءات أخرى للوضع الاقتصادي في هذه المقابلة.

"عربي21": في وقت تتجه التصريحات المتداولة من قبل الوزراء والحكومة بالجزائر نحو التطمين، تأتي أرقام الهيئات الدولية على غرار صندوق النقد الدولي، في تقريره الأخير لتكشف عكس ذلك، كيف تقرؤون هذه الوضعية؟

عبد الرحمان مبتول: من الواضح أن الوضعية المالية والاقتصادية بالجزائر، غير مستقرة، كما تحاول السلطات العمومية على جميع مستوياتها إقناع المواطنين، وهذا الأمر لا تؤكده المؤشرات الخارجية الصادرة عن الهيئات الدولية كما هو الشأن بالنسبة لصندوق النقد الدولي فحسب، بل حتى الأرقام الرسمية لمختلف المصالح كالبنك المركزي ومصالح إدارة الجمارك الجزائرية، تعكس المؤشرات نفسها المصنفة في الخانة الحمراء، بالإضافة إلى أنها الوضعية التي يحذر الخبراء من تداعياتها على الاقتصاد الوطني، وقد التقيت شخصيا مؤخرا بالوزير الأول عبد المالك سلال، أكدت له على ضرورة اتخاذ جملة من الأرقام بعين الاعتبار خلال رسم السياسة الاقتصادية.

"عربي21": ما هي الأرقام التي تثير المخاوف؟

عبد الرحمان مبتول: منذ تراجع أسعار النفط في السوق الدولية بداية من حيزران/ يونيو 2014 اتجهت المؤشرات الاقتصادية الوطنية بالجزائر، نحو التراجع، كون المداخيل الوطنية ترتبط بشكل وثيق بصادرات النفط، وهي الأموال الموجهة بالدرجة الأولى لتغطية النفقات العمومية وتوزيع الميزانيات على القطاعات الوزارية، بدلا من استثمارها في مجالات خلق الثورة.

وفيما تشير الإحصائيات المنشورة من قبل المديرية العامة للجمارك، إلى أن الموازنة التجارية للتسعة أشهر الأولى، من السنة الجارية، تعاني من عجز بقيمة 10 مليار دولار، فإن مجال الخدمات غير المتضمنة في الحصيلة، تكشف أيضا عن عجز في الموازنة التجارية، بما يعادل 12 مليار دولار، وهو الأمر الذي يجعل احتياطات الصرف الوطنية تتآكل بشكل متسارع، جراء اللجوء المستمر له لسد احتياجات الإنفاق العام، إذ من المتوقع أن ينخفض إلى 130 مليار دولار فقط في نهاية السنة الحالية، بالإضافة إلى المخاطر المترتبة على نفاذ الاحتياط الموجود في صندوق ضبط الإرادات بحلول سنة 2017.

"عربي21": تتفاءل الحكومة بتحقيق معدلات عالية من النمو تقدر بـ 7 بالمئة في آفاق سنة 2019، هل هذا ممكن؟

عبد الرحمان مبتول: الحديث عن تحقيق أهداف اقتصادية معينة، يحتاج إلى رسم خطة إستراتيجية والعمل على تطبيقها ميدانيا، حيث تتحدث بعض القطاعات الوزارية  عن الاستثمار، كما هو الشأن بالنسبة لوزارة الطاقة التي أعلنت على لسان مسؤولها الأول، الوزير صالح خبري عن استثمار 100 مليار دولار في ظل شح المصادر، ومع ذلك لا يكفي في الحالة الراهنة ضمان الحصول على مصادر التمويل، إذ إنه على الرغم احتمال استئناف أسعار المحروقات مسارها التصاعدي وبلوغ مستويات مقبولة، فإن الجهات الوصية مطالبة باتخاذ القرارات والخطط بتحويل هذه الأموال إلى استثمار منتج، من خلال فتح نقاش وطني ومراجعة اقتصادية عميقة، بالجزائر، خاصة أن الوضعية الحالية تؤثر بشكل مباشر على الأوضاع الاجتماعية، إذ تسجل معدلات التضخم نسب عالية تنهك القدرة الشرائية للمواطنين.

"عربي21": لمحت الحكومة إلى إمكانية العودة إلى الاستدانة من الخارج، ما رأيكم؟  

عبد الرحمان مبتول: في نظري أن الاستدانة من الخارج، ليس مشكلا في حد ذاته، وإنما الإشكال يتعلق بطريقة استغلال هذه الأموال، إذ من الضروري استعمالها في القطاعات المنتجة بدلا من مجرد إنفاقها على الواردات أو لتغطية الاحتياجات الوطنية من الغذاء وغيرها، وفي هذه الحالة، اللجوء إلى استدانة مع معدل أرباح مقبول أفضل من الاغتراف من المخزون الوطني من احتياطي الصرف، من منطلق أن نفاذه يؤثر سلبا على قيمة العملة الوطنية، ويفتح المجال أكثر لاتساع نشاط السوق السوداء.
التعليقات (1)
علي هويدي
الأربعاء، 04-11-2015 04:08 م
الجزائر دولة بترولية غنية يسرقها الجنرالات كالعادة في المنطقة.